فَالضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ اسْتِحْسَانًا كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ) أَيْ الْأَجِيرُ (لِيَبْنِيَ لَهُ فِي فِنَاءِ حَانُوتِهِ فَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ بَعْدَ فَرَاغِهِ) فَإِنَّهُ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ دُونَ الْأَجِيرِ (وَلَوْ كَانَ أَمَرَهُ بِالْبِنَاءِ فِي وَسَطِ الطَّرِيقِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْأَجِيرِ) لِفَسَادِ الْأَمْرِ.
(وَلَوْ كَنَسَ الطَّرِيقَ لَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِمَوْضِعِ كَنْسِهِ) وَفِي الْكَافِي وَإِنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِيَبْنِيَ لَهُ فِي فِنَاءِ حَانُوتِهِ فَتَعَلَّقَ بِهِ إنْسَانٌ بَعْدَ فَرَاغِهِ فَمَاتَ يَضْمَنُ الْآمِرُ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ أَمَرَهُ بِالْبِنَاءِ فِي وَسَطِ الطَّرِيقِ ضَمِنَ الْأَجِيرُ لِفَسَادِ الْأَمْرِ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ فِي فِنَاءِ حَانُوتِهِ لِأَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ إحْدَاثُ مِثْلِ ذَلِكَ فِي فِنَائِهِ إذَا كَانَ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ غَيْرُهُ وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِذَلِكَ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَاعْتُبِرَ أَمْرُهُ فِي ذَلِكَ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الْبِنَاءُ غَيْرَ مَمْلُوكٍ لَهُ يَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ وَلَوْ كَنَسَ الطَّرِيقَ فَعَطِبَ بِمَوْضِعِ كَنْسِهِ إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ مَا أَحْدَثَ فِي الطَّرِيقِ شَيْئًا وَإِنَّمَا كَنَسَ الطَّرِيقَ لِئَلَّا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْمَارَّةُ وَلَا يُؤْذِيهِمْ التُّرَابُ وَلَا يَكُونُ هُوَ مُتَعَدِّيًا فِي هَذَا التَّسَبُّبِ (وَلَوْ جَمَعَ الْكُنَاسَةَ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهَا) أَيْ بِالْكُنَاسَةِ لِتَعَدِّيهِ بِوَضْعِ مَا شَغَلَ الطَّرِيقَ.
(وَلَا ضَمَانَ فِيمَا تَلِفَ بِشَيْءٍ فُعِلَ فِي الْمِلْكِ) لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ شَرْعًا فَلَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا (أَوْ فِي فِنَاءِ) عَطْفٌ عَلَى تَلِفَ (لَهُ) أَيْ لِلْمَالِكِ (فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْفِنَاءِ (حَقُّ التَّصَرُّفِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَامَّةِ وَلَا مُشْتَرَكًا لِأَهْلِ سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ) لِأَنَّ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ دَارِهِ وَالْفِنَاءُ فِي تَصَرُّفِهِ.
وَفِي الْهِدَايَةِ أَمَّا إذَا كَانَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مُشْتَرَكًا بِأَنْ كَانَ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ مُسَبِّبٌ مُتَعَدٍّ لِفِعْلِهِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ.
(وَإِنْ اسْتَأْجَرَ مَنْ حَفَرَ لَهُ فِي غَيْرِ فِنَائِهِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ) لَا عَلَى الْأَجِيرِ (إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْأَجِيرُ أَنَّهُ غَيْرُ فِنَائِهِ) لِأَنَّ الْأَجِيرَ يَعْمَلُ لَهُ وَلِهَذَا يَسْتَوْجِبُ عَلَيْهِ وَقَدْ صَارَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَتِهِ حَيْثُ لَمْ يُعْلِمْهُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ فِنَائِهِ وَإِنَّمَا حَفَرَ اعْتِمَادًا عَلَى أَمْرِهِ فَلِدَفْعِ ضَرَرِ الْغُرُورِ نُقِلَ فِعْلُهُ إلَى الْآخَرِ.
(وَإِنْ عَلِمَ) الْأَجِيرُ أَنَّهُ غَيْرُ فِنَائِهِ (فَعَلَى الْأَجِيرِ) أَيْ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْأَجِيرِ لَمْ يَصِحَّ أَمْرُهُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَفْعَلَ بِنَفْسِهِ وَلَا غُرُورَ مِنْ جِهَتِهِ لِعِلْمِهِ بِذَلِكَ فَبَقِيَ مُضَافًا إلَيْهِ.
(وَإِنْ قَالَ) الْمُسْتَأْجِرُ: (هُوَ فِنَائِي وَلَيْسَ لِي فِيهِ حَقُّ الْحَفْرِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْأَجِيرِ قِيَاسًا) لِعِلْمِهِ بِفَسَادِ الْأَمْرِ فَلَمْ يُوجَدْ الْغُرُورُ (وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ اسْتِحْسَانًا) لِأَنَّ كَوْنَهُ فِنَاءً لَهُ بِمَنْزِلَةِ كَوْنِهِ مَمْلُوكًا لَهُ لِانْطِلَاقِ يَدِهِ فِي التَّصَرُّفِ مِنْ إلْقَاءِ الطِّينِ وَالْحَطَبِ وَرَبْطِ الدَّابَّةِ وَالرُّكُوبِ وَبِنَاءِ الدُّكَّانِ فَكَانَ أَمْرًا بِالْحَفْرِ فِي مِلْكِهِ ظَاهِرًا بِالنَّظَرِ إلَى مَا ذَكَرْنَا فَكَفَى ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute