للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَمِعْت أَبَا بَكْرٍ يَقُولُ: إنْ جَلَسَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ مُعْتَكِفًا لَا يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي الْمِنَحِ (وَفِي الْجَالِسِ مُصَلِّيًا لَا يَضْمَنُ إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ) الْجَالِسُ (مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ) لِأَنَّ الْمَسْجِدَ بُنِيَ لِلصَّلَاةِ فَلَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا بِذَلِكَ.

(وَلَوْ اسْتَأْجَرَ رَبُّ الدَّارِ عَمَلَةً) جَمْعُ عَامِلٍ (لِإِخْرَاجِ الْجَنَاحِ أَوْ الظُّلَّةِ) مِنْ الدَّارِ (فَتَلِفَ بِهِ) أَيْ بِالْإِخْرَاجِ شَيْءٌ (فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمْ إنْ) كَانَ التَّلَفُ (قَبْلَ فَرَاغِ عَمَلِهِمْ) لِأَنَّ التَّلَفَ بِفِعْلِهِمْ وَمَا لَمْ يَفْرُغُوا لَمْ يَكُنْ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا إلَى رَبِّ الدَّارِ وَهَذَا لِأَنَّهُ انْقَلَبَ فِعْلُهُمْ قَتْلًا حَتَّى وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ الْكَفَّارَةُ وَالْقَتْلُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي عَقْدِهِ فَلَمْ يَتَسَلَّمْ فِعْلُهُمْ إلَيْهِ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهِمْ (وَإِنْ) كَانَ التَّلَفُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ فَرَاغِ عَمَلِهِ (فَعَلَيْهِ) أَيْ الضَّمَانُ يَكُونُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُ صَحَّ الِاسْتِئْجَارُ حَتَّى لَوْ اسْتَحَقُّوا الْأَجْرَ وَوَقَعَ فِعْلُهُمْ عِمَارَةً وَإِصْلَاحًا فَانْتَقَلَ فِعْلُهُمْ إلَيْهِ فَكَأَنَّهُ فَعَلَ بِنَفْسِهِ فَلِهَذَا يَضْمَنُهُ.

(وَيَضْمَنُ مَنْ صَبَّ الْمَاءَ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ مَا عَطِبَ بِهِ) لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِيهِ بِإِلْحَاقِ الضَّرَرِ بِالْمَارَّةِ.

(وَكَذَا إذَا رَشَّهُ) أَيْ رَشَّ الْمَاءَ (بِحَيْثُ يُزْلَقُ فِيهِ) مَنْ مَشَى عَلَيْهِ (أَوْ تَوَضَّأَ بِهِ) أَيْ بِالْمَاءِ فِي الطَّرِيقِ (وَاسْتَوْعَبَ) الْمَاءُ (الطَّرِيقَ) فَعَطِبَ بِهِ أَحَدٌ لِمَا سَبَقَ أَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ بِإِلْحَاقِ الضَّرَرِ بِالْمَارَّةِ.

(وَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنْ الصَّبِّ وَالرَّشِّ وَالْوُضُوءِ (فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ وَهُوَ) أَيْ الْفَاعِلُ (مِنْ أَهْلِهَا) أَيْ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ السِّكَّةِ (أَوْ قَعَدَ فِيهَا) أَيْ فِي تِلْكَ السِّكَّةِ (أَوْ وَضَعَ مَتَاعَهُ) فِيهَا (لَا يَضْمَنُ) لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فِيهَا لِكَوْنِهِ مِنْ ضَرُورَاتِ السُّكْنَى كَمَا فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَفْعَلَ فِيهَا مَا هُوَ مِنْ ضَرُورَةِ السُّكْنَى.

(وَكَذَا) لَا يَضْمَنُ (إنْ رَشَّ مَا لَا يُزْلَقُ بِهِ عَادَةً أَوْ) تَوَضَّأَ بِهِ وَاسْتَوْعَبَ الْمَاءَ (بَعْضُ الطَّرِيقِ) لَا كُلُّهُ (فَتَعَمَّدَ الْمَارُّ الْمُرُورَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى بَعْضِ الطَّرِيقِ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ مَعَ إمْكَانِ أَنْ لَا يَمُرَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي خَاطَرَ بِنَفْسِهِ فَصَارَ كَمَنْ وَثَبَ عَلَى الْبِئْرِ مِنْ جَانِبٍ إلَى جَانِبٍ فَوَقَعَ فِيهَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ فَوَقَعَ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ بِأَنْ كَانَ الْمُرُورُ لَيْلًا أَوْ كَانَ الْمَارُّ أَعْمَى فَإِنَّهُ يَضْمَنُ.

(وَوَضْعُ الْخَشَبَةِ) فِي الطَّرِيقِ (كَالرَّشِّ فِي اسْتِيعَابِ الطَّرِيقِ وَعَدَمِهِ) يَعْنِي إذَا اسْتَوْعَبَتْ الْخَشَبَةُ الطَّرِيقَ يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ تَسْتَوْعِبْهُ لَا يَضْمَنُ.

وَفِي الْمِنَحِ وَلَوْ حَفَرَ فِي مَفَازَةٍ أَوْ نَحْوِهَا مِنْ الطَّرِيقِ فِي غَيْرِ الْأَمْصَارِ أَوْ ضَرَبَ فُسْطَاطًا أَوْ نَصَبَ تَنُّورًا أَوْ رَبَطَ دَابَّةً لَمْ يَضْمَنْ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْفُقَهَاءِ وَفِيهِ حَفَرَ بِئْرًا فِي طَرِيقِ مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْفَيَافِي لَمْ يَضْمَنْ بِخِلَافِ الْأَمْصَارِ دُونَ الْفَيَافِي وَالصَّحَارِي لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْعُدُولُ عَنْهُ فِي الْأَمْصَارِ دُونَ الصَّحَارِي.

(وَإِنْ رَشَّ فِنَاءَ حَانُوتٍ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>