للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَكَذَا) يَضْمَنُ (مَنْ أَدْخَلَ حَصِيرًا أَوْ قِنْدِيلًا أَوْ حَصَاةً إلَى مَسْجِدِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ حَيِّهِ (بِلَا إذْنٍ فَعَطِبَ بِهِ أَحَدٌ) هَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّ تَدْبِيرَ أُمُورِ الْمَسْجِدِ مُسَلَّمٌ إلَى أَهْلٍ دُونَ غَيْرِهِ فَيَكُونُ فِعْلُ الْغَيْرِ تَعَدِّيًا أَوْ مُقَيَّدًا بِشَرْطِ السَّلَامَةِ فَقَصْدُ الْقُرْبَةِ وَالْخَيْرِ لَا يُنَافِي الْغُرْمَ إذَا أَخْطَأَ الطَّرِيقَ (خِلَافًا لَهُمَا) لِأَنَّ عِنْدَهُمَا لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ الْقُرْبَةَ لَا تَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ.

(وَلَوْ أَدْخَلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ إلَى مَسْجِدِ حَيِّهِ لَا يَضْمَنُ إجْمَاعًا) لِأَنَّ هَذِهِ مِنْ الْقُرَبِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مَأْذُونٌ فِي إقَامَةِ ذَلِكَ فَلَا تَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ فَكَانَ فِعْلُهُمْ مُبَاحًا مُطْلَقًا.

(وَكَذَا) لَا يَضْمَنُ (لَوْ تَلِفَ شَيْءٌ بِسُقُوطِ رِدَاءٍ هُوَ لَابِسُهُ) إذَا اللَّابِسُ لَا يَقْصِدُ حِفْظَ مَا يَلْبَسُهُ فَيَقَعُ الْحَرَجُ بِالتَّقْيِيدِ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ إذَا لَبِسَ مَا لَا يُلْبَسُ عَادَةً كَدُرُوعِ الْحَرْبِ وَالْجَوَالِقِ فَسَقَطَ عَلَى إنْسَانٍ فَتَلِفَ يَضْمَنُ لِأَنَّ هَذَا اللُّبْسَ بِمَنْزِلَةِ الْحِمْلِ وَفِي الْحِمْلِ يَضْمَنُ.

(وَمَنْ جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرَ مُصَلٍّ فَعَطِبَ بِهِ أَحَدٌ ضَمِنَهُ) عِنْدَ الْإِمَامِ (خِلَافًا لَهُمَا) فَإِنَّهُمَا قَالَا: لَا يَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَا فَرْقَ بَيْنَ جُلُوسِهِ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ أَوْ لِلتَّعْلِيمِ أَوْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ أَوْ نَامَ فِيهِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ وَبَيْنَ أَنْ يَمُرَّ فِيهِ) لِحَاجَةٍ مِنْ الْحَوَائِجِ (أَوْ يَقْعُدَ لِلْحَدِيثِ) وَذَكَرَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ أَنَّ الْأَظْهَرَ مَا قَالَاهُ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ إنَّمَا بُنِيَ لِلصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ وَلَا يُمْكِنُهُ أَدَاءُ الصَّلَاةِ بِالْجَمَاعَةِ إلَّا بِانْتِظَارِهَا فَكَانَ الْجُلُوسُ مُبَاحًا لِأَنَّهُ مِنْ ضَرُورَاتِ الصَّلَاةِ فَيَكُونُ مُلْحَقًا بِهَا لِأَنَّ مَا ثَبَتَ ضَرُورَةً لِلشَّيْءِ يَكُونُ حُكْمُهُ كَحُكْمِهِ وَلِلْإِمَامِ أَنَّ الْمَسْجِدَ بُنِيَ لِلصَّلَاةِ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ مُلْحَقَةٌ بِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ إظْهَارِ التَّفَاوُتِ فَجَعَلْنَا الْجُلُوسَ لِلْأَصْلِ مُبَاحًا مُطْلَقًا وَالْجُلُوسُ لِمَا يَلْحَقُ بِهِ مُبَاحًا مُقَيَّدًا بِشَرْطِ السَّلَامَةِ وَلَا ضَرَرَ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ مُبَاحًا أَوْ مَنْدُوبًا إلَيْهِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ كَالرَّمْيِ إلَى الْكَافِرِ وَإِلَى الصَّيْدِ وَالْمَشْيِ فِي الطَّرِيقِ وَالْمَشْيِ فِي الْمَسْجِدِ إذَا وَطِئَ غَيْرَهُ وَالنَّوْمِ فِيهِ إذَا انْقَلَبَ عَلَى غَيْرِهِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَنَّ الْجَالِسَ لِلِانْتِظَارِ لَا يَضْمَنُ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي عَمَلٍ لَا يَكُونُ لَهُ اخْتِصَاصٌ بِالْمَسْجِدِ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَدَرْسِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ (وَلَا) فَرْقَ أَيْضًا (بَيْنَ مَسْجِدِ حَيِّهِ وَغَيْرِهِ) فِي الصَّحِيحِ (أَمَّا الْمُعْتَكِفُ فَقِيلَ: عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ بِلَا خِلَافٍ) وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>