حَيَّةٌ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ (فَعَلَى زَيْدٍ ثُلُثُ دِيَتِهِ) لِأَنَّ فِعْلَ الْأَسَدِ وَالْحَيَّةِ جِنْسٌ وَاحِدٌ لِكَوْنِهِ هَدَرًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَفِعْلُهُ بِنَفْسِهِ جِنْسٌ آخَرُ لِكَوْنِهِ هَدَرًا فِي الدُّنْيَا مُعْتَبَرًا فِي الْآخِرَةِ حَتَّى يَأْثَمَ بِهِ بِالِاتِّفَاقِ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَيُغَسَّلُ فَقَطْ وَفِعْلُ زَيْدٍ مُعْتَبَرٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَصَارَتْ ثَلَاثَةَ أَجْنَاسٍ وَيُوَزِّعُ دِيَةَ النَّفْسِ أَثْلَاثًا فَيَكُونُ التَّلَفُ زَيْدٌ ثُلُثُهَا فَعَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ لِأَنَّهُ عَمْدٌ وَالْعَاقِلَةُ لَا تَعْقِلُ فِيهِ يُفْهَمُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنْ يَكُونَ الْمَقْتُولُ عَاقِلًا بَالِغًا وَإِلَّا يَلْحَقُ فِعْلُهُ بِفِعْلِ الْأَسَدِ وَالْحَيَّةِ فَيَكُونُ فِعْلُهُ هَدَرًا كَفِعْلِهِمَا وَكَذَا يُفْهَمُ أَنْ لَا يَتَفَاوَتَ فِي جَانِبِ الْأَسَدِ وَالْحَيَّةِ زِيَادَةُ مِنْ وَطِئَ فَرَسَهُ حَيْثُ يَكُونُ فِعْلُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ جِنْسًا وَاحِدًا لِكَوْنِهِ هَدَرًا مُطْلَقًا أَيْضًا حَتَّى لَا يَنْقُصَ بِانْضِمَامِ الْفَرَسِ إلَيْهِمَا عَنْ الثُّلُثِ الْوَاجِبِ عَلَى زَيْدٍ.
(وَمَنْ شَهَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ سَيْفًا وَجَبَ قَتْلُهُ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ شَهَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ سَيْفًا فَقَدْ أَحَلَّ دَمَهُ» أَيْ أَهْدَرَهُ وَلِأَنَّ دَفْعَ الضَّرَرِ وَاجِبٌ فَوَجَبَ عَلَيْهِمْ قَتْلُهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهُ إلَّا بِهِ وَلَا شَيْءَ بِقَتْلِهِ لِأَنَّهُ بَاغٍ سَقَطَتْ عِصْمَتُهُ بِبَيِّنَةٍ فَلَمْ يَلْزَمُ عَلَى الْقَاتِلِ قِصَاصٌ وَلَا دِيَةٌ وَلَا كَفَّارَةٌ وَلَا يَخْتَلِفُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِاللَّيْلِ أَوْ بِالنَّهَارِ فِي مِصْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَلَا شَيْءَ فِي قَتْلِ مَنْ شَهَرَ عَلَى آخَرَ سِلَاحًا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فِي مِصْرٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ شَهَرَ عَلَيْهِ عَصًا لَيْلًا فِي مِصْرٍ أَوْ نَهَارًا فِي غَيْرِهِ فَقَتَلَهُ الْمَشْهُورُ عَلَيْهِ) لِأَنَّ السِّلَاحَ لَا يَلْبَثُ فَيَحْتَاجُ إلَى دَفْعِهِ بِالْقَتْلِ فَلَا يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِيهِ بِالنَّهَارِ أَوْ اللَّيْلِ أَوْ الْمِصْرِ أَوْ غَيْرِهِ هَذَا فِي السِّلَاحِ وَأَمَّا الْعَصَا فَكَالسِّلَاحِ إنْ كَانَتْ خَارِجَ الْمِصْرِ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ الْغَوْثُ حِينَئِذٍ فَكَانَ لَهُ دَفْعُهُ بِالْقَتْلِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي الْمِصْرِ فَجَوَازُ الدَّفْعِ بِالْقَتْلِ مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَكُونَ بِاللَّيْلِ أَمَّا إذَا كَانَتْ الْعَصَا فِي الْمِصْرِ نَهَارًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ الدَّفْعُ بِالْقَتْلِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ.
(وَلَا) شَيْءَ (عَلَى مَنْ) أَيْ شَخْصٍ (قَتَلَ) أَيْ ذَلِكَ الشَّخْصَ (مَنْ) أَيْ شَخْصًا آخَرَ (سَرَقَ مَتَاعَهُ لَيْلًا وَأَخْرَجَهُ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الِاسْتِرْدَادُ بِدُونِ الْقَتْلِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «قَاتِلْ دُونَ مَالِكِ» وَلِأَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الْقَتْلُ دَفْعًا فِي الِابْتِدَاءِ فَكَذَا الِاسْتِرْدَادُ فِي الِانْتِهَاءِ وَهَذَا إذَا كَانَ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الِاسْتِرْدَادِ إلَّا بِالْقَتْلِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا أَمَّا إذَا أَمْكَنَ الِاسْتِرْدَادُ بِدُونِ الْقَتْلِ كَالتَّهْدِيدِ وَالصِّيَاحِ وَقَتَلَهُ مَعَ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إذَا قَتَلَ الْغَاصِبَ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهِ بِالِاسْتِغَاثَةِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْحَاكِمِ فَلَا تَسْقُطُ عِصْمَتُهُ بِخِلَافِ السَّارِقِ الَّذِي لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ كَذَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَشَرْطُ الْإِخْرَاجِ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يُخْرِجْ الْمَتَاعَ لَمْ يَكُنْ سَارِقًا وَاَلَّذِي فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ الْأَخْذَ وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ دَفْعِهِ إلَّا بِالْقَتْلِ فَلَا شَيْءَ بِقَتْلِهِ وَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَتْلِ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ أَوْ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ حَيْثُ إنَّهُ فِي الصُّورَتَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute