اعْتِبَارًا مِنْهُ لِآلَةٍ وَهُوَ الْحَدِيدُ وَعَنْهُ إنَّمَا يَجِبُ إذَا جَرَحَ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعَلَى هَذَا الضَّرْبِ بِسَنَجَاتِ الْمِيزَانِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
(وَكَذَا الْخِلَافُ فِي كُلِّ مُثْقِلٍ) إنْ كَانَ مِمَّا لَا يُطِيقُهُ الْإِنْسَانُ (وَفِي التَّغْرِيقِ وَالْخَنْقِ) يَعْنِي لَا يُقْتَصُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا لِوُجُودِ الْقَتْلِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَلَهُ أَنَّ الْقِصَاصَ يَتَعَلَّقُ بِالْعَمْدِ الْمَحْضِ وَهُوَ أَنْ تَقْتُلَ بِآلَةٍ جَارِحَةٍ تَعْمَلُ فِي نَقْضِ الْبِنْيَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَلَمْ يُوجَدْ وَالْقَوَدُ يُسْتَوْفَى بِالسَّيْفِ وَفِيهِ جَرْحُ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ فَلَا يَتَمَاثَلَانِ وَكَذَا لَا يُقْتَصُّ فِي الْقَتْلِ بِتَغْرِيقٍ إنْ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ النَّجَاةُ بِالسِّبَاحَةِ كَالْبَحْرِ خِلَافًا لَهُمَا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فَعِنْدَهُ يُغَرَّقُ أَمَّا إنْ كَانَ كَثِيرًا يُمْكِنُهُ النَّجَاةُ بِالسِّبَاحَةِ فَهُوَ شِبْهُ الْعَمْدِ عِنْدَنَا وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لَا يُقْتَلُ بِهِ غَالِبًا فَلَا يُقْتَصُّ فِيهِ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ لِابْنِ الشَّيْخِ.
وَفِي الْمِنَحِ وَإِنْ سَبَحَ سَاعَةً فَلَا دِيَةَ فِيهِ وَإِنْ أَلْقَاهُ مِنْ سَطْحٍ أَوْ جَبَلٍ أَوْ بِئْرٍ وَيُرْجَى نَجَاتُهُ غَالِبًا فَهُوَ خَطَأُ الْعَمْدِ وَإِلَّا فَعَلَى الْخِلَافِ وَلَوْ أَجْرَعَهُ سُمًّا كَرْهًا أَوْ نَاوَلَهُ وَأَكْرَهَهُ عَلَى شُرْبِهِ فَلَا قَوَدَ فِيهِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَقِيلَ هُوَ عَلَى الْخِلَافِ الْمَعْرُوفِ إذَا كَانَ السُّمُّ مِقْدَارَ مَا يَقْتُلُ غَالِبًا وَإِنَّ نَاوَلَهُ فَشَرِبَ مِنْ غَيْرِ إكْرَاهٍ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ عَلِمَ الشَّارِبُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَوْ أَدْخَلَهُ بَيْتًا فَمَاتَ فِيهِ جُوعًا لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا تَجِبُ الدِّيَةُ وَلَوْ دَفَنَهُ حَيًّا فَمَاتَ يُقَادُ بِهِ.
(وَإِنْ تَكَرَّرَ) أَيْ الْقَتْلُ بِالْمُثْفِلِ وَالتَّغْرِيقِ وَالْخَنْقِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْقَاتِلِ (قُتِلَ بِهِ) أَيْ بِالْقَتْلِ الْمُكَرَّرِ (إجْمَاعًا) لَكِنْ قَالَ صَاحِبُ الِاخْتِيَارِ وَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ فَلِلْإِمَامِ قَتْلُهُ سِيَاسَةً لِأَنَّهُ سَعَى فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ (وَلَا قِصَاصَ فِي الْقَتْلِ بِمُوَالَاةِ ضَرْبِ السَّوْطِ) .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِيهِ الْقِصَاصُ لِأَنَّ الْمُوَالَاةَ فِي ضَرْبِ السَّوْطِ إلَى أَنْ مَاتَ دَلِيلُ الْعَمْدِيَّةِ فَيَتَحَقَّقُ مُوجَبُ الْعَمْدِ وَهُوَ الْقِصَاصُ وَلَنَا مَا رُوِيَ «أَلَا إنَّ قَتِيلَ خَطَأِ الْعَمْدِ قَتِيلُ السَّوْطِ وَالْعَصَا وَفِيهِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ» وَلِأَنَّ هَذِهِ الْآلَةَ غَيْرُ مَوْضُوعَةٍ لِلْقَتْلِ.
(وَمَنْ جُرِحَ) أَيْ عَمْدًا (فَلَمْ يَزَلْ ذَا فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ اقْتَصَّ مِنْ جَارِحِهِ) لِوُجُوبِ السَّبَبِ وَعَدَمِ مَا يُبْطِلُ حُكْمَهُ فِي الظَّاهِرِ فَأُضِيفَ إلَيْهِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
(وَإِذَا الْتَقَى الصَّفَّانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْحَرْبِ فَقَتَلَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا ظَنَّهُ حَرْبِيًّا فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ لَا الْقِصَاصُ) لِأَنَّ هَذَا أَحَدُ نَوْعَيْ الْخَطَأِ وَالْخَطَأُ بِنَوْعَيْهِ لَا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ وَكَذَا الدِّيَةُ عَلَى مَا نَطَقَ بِهِ نَصُّ الْكِتَابِ «وَلَمَّا اخْتَلَفَتْ سُيُوفُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى إيمَانِ أَبِي حُذَيْفَةَ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالدِّيَةِ» قَالُوا إنَّمَا تَجِبُ إذَا كَانُوا مُخْتَلِطِينَ فَإِنْ كَانَ فِي صَفِّ الْمُشْرِكِينَ لَا تَجِبُ لِسُقُوطِ عِصْمَتِهِ بِتَكْثِيرِ سَوَادِهِمْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ كَثَّرَ سَوَادَ قَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» .
(وَمَنْ مَاتَ بِفِعْلِ نَفْسِهِ وَزَيْدٍ وَحَيَّةٍ وَأَسَدٍ) يَعْنِي مِنْ شَجَّ نَفْسَهُ وَشَجَّهُ رَجُلٌ وَعَقَرَهُ أَسَدٌ وَأَصَابَتْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute