للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى النَّفْسِ شُرِعَ لِأَمْرٍ رَاجِعٍ إلَى النَّفْسِ وَهِيَ تَشْفِي الصَّدْرَ فَيَلِيهِ كَالْإِنْكَاحِ (وَإِنْ يُصَالِحْ) أَيْ لِأَبِ الْمَعْتُوهِ أَنْ يُصَالِحَ الْقَاطِعَ عَلَى مَالٍ قَدْرَ الدِّيَةِ أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّهُ أَنَظَرُ فِي حَقِّ الْمَعْتُوهِ وَلَوْ صَالَحَ عَلَى أَقَلَّ مِنْهُ لَا يَجُوزُ فَتَجِبُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ (لَا أَنْ يَعْفُوَ) أَيْ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الْعَفْوِ لِأَنَّهُ إبْطَالٌ لِحَقِّهِ بِلَا عِوَضٍ (وَالصَّبِيُّ كَالْمَعْتُوهِ) لِأَنَّ كُلَّ مَا ثَبَتَ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ لِأَبِ الْمَعْتُوهِ يَثْبُتُ لِأَبِ الصَّبِيِّ (وَالْقَاضِي كَالْأَبِ هُوَ الصَّحِيحُ) عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ فِي الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّهُ نَائِبٌ مِنْ السُّلْطَانِ وَالسُّلْطَانُ يَقْتَصُّ مِنْ قَاتِلِ الْقَتِيلِ الَّذِي لَا وَلِيَّ لَهُ كَذَا يَقْتَصُّهُ النَّائِبُ وَقَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ احْتِرَازٌ عَمَّا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَسْتَوْفِي الْقِصَاصَ لِلصَّغِيرِ لَا فِي النَّفْسِ وَلَا فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَلَا أَنْ يُصَالِحَ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ.

وَفِي النِّهَايَةِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ لَيْسَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَقْتَصَّ إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ كَاللَّقِيطِ كَمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ بِغَيْرِ مَالٍ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ وَقُلْنَا لِلسُّلْطَانِ وَلِنَائِبِهِ وِلَايَةٌ عَامَّةٌ فَيَلِي الِاسْتِيفَاءَ.

(وَكَذَا الْوَصِيُّ) أَيْ هُوَ كَالْأَبِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ (إلَّا أَنَّهُ لَا يَقْتَصُّ فِي النَّفْسِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ وِلَايَةً عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى لَا يَتَمَلَّكَ تَزْوِيجَهُ وَيَدْخُلُ تَحْتَ هَذَا الْإِطْلَاقِ الصُّلْحُ عَنْ النَّفْسِ وَاسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ فِي الطَّرَفِ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَثْنِ إلَّا الْقَوَدَ فِي النَّفْسِ وَفِي كِتَابِ الصُّلْحِ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَمْلِكُ الصُّلْحَ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي النَّفْسِ بِالِاعْتِيَاضِ عَنْهُ فَيَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الِاسْتِيفَاءِ وَوَجْهُ الْمَذْكُورِ هُنَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الصُّلْحِ الْمَالُ وَأَنَّهُ يَجِبُ بِعَقْدِهِ كَمَا يَجِبُ بِعَقْدِ الْأَبِ بِخِلَافِ الْقِصَاصِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ التَّشَفِّي وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالْأَبِ وَلَا يَمْلِكُ الْعَفْوَ لِأَنَّ الْأَبَ لَا يَمْلِكُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِبْطَالِ فَهُوَ أَوْلَى قَالُوا الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَمْلِكَ الْوَصِيُّ الِاسْتِيفَاءَ فِي الطَّرَفِ كَمَا لَا يَمْلِكُهُ فِي النَّفْسِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مُتَّحِدٌ وَهُوَ التَّشَفِّي وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَمْلِكُهُ لِأَنَّ الْأَطْرَافَ يُسْلَكُ بِهَا مَسْلَكَ الْأَمْوَالِ فَإِنَّهَا خُلِقَتْ وِقَايَةً لِلْأَنْفُسِ كَالْمَالِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

(وَمَنْ قُتِلَ وَلَهُ أَوْلِيَاءُ كِبَارٌ وَصِغَارٌ) بِأَنْ كَانَ لِلْمَقْتُولِ بَنُونَ صِغَارٌ وَكِبَارٌ أَوْ إخْوَةٌ صِغَارٌ وَكِبَارٌ (فَلِلْكِبَارِ الِاقْتِصَاصُ مِنْ قَاتِلِهِ قَبْلَ كِبَرِ الصِّغَارِ) عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَابِتٌ لِكُلٍّ مِنْهُمْ عَلَى الْكَمَالِ فَيَجُوزُ عَلَى الِانْفِرَادِ وَاحْتِمَالُ الْعَفْوِ مِنْ الصَّغِيرِ مُنْقَطِعٌ كَمَا فِي وِلَايَةِ الْإِنْكَاحِ بِخِلَافِ الْكَبِيرَيْنِ لِأَنَّ احْتِمَالَ الْعَفْوِ مِنْ الْغَائِبِ ثَابِتٌ (خِلَافًا لَهُمَا) لِأَنَّ الْحَقَّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ فَلَا يَنْفَرِدُ بَعْضُهُمْ بِاسْتِيفَائِهِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ.

(وَلَوْ غَابَ أَحَدُ الْكِبَارِ يُنْتَظَرُ) حُضُورُهُ (إجْمَاعًا) لِمَا بَيَّنَّا مِنْ احْتِمَالِ الْعَفْوِ مِنْ الْكَبِيرِ الْغَائِبِ.

(وَمَنْ قَتَلَ بِحَدِيدَةِ الْمَرِّ اُقْتُصَّ مِنْهُ إنْ جَرَحَهُ) لِأَنَّهُ سَبَبٌ ظَاهِرٌ لِلْجُرْحِ.

(وَإِنْ) قَتَلَ (بِظَهْرِهِ) أَيْ بِظَهْرِ الْمَرِّ (أَوْ عَصَاهُ فَلَا) يُقْتَصُّ لِكَوْنِهِ غَيْرَ جَارِحٍ (وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ) عِنْدَ الْإِمَامِ (وَعِنْدَهُمَا يُقْتَصُّ) وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>