لِلْقَاذِفِ كَمَا مَرَّ فِي الْحُدُودِ (وَمُعْتَقَلُ اللِّسَانِ) أَيْ الَّذِي احْتَبَسَ لِسَانُهُ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَى النُّطْقِ (إنْ امْتَدَّ بِهِ ذَلِكَ) الِاعْتِقَالُ إلَى سَنَةٍ فِي رِوَايَةٍ، وَقِيلَ الِامْتِدَادُ إلَى أَوَانِ الْمَوْتِ إذْ رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ قَالَ إذَا دَامَتْ الْعُقْلَةُ إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِالْإِشَارَةِ وَالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ النُّطْقِ بِمَعْنًى لَا يُرْجَى زَوَالُهُ، قَالُوا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْمَحْبُوبِيُّ (وَعُلِمَتْ إشَارَتُهُ) أَيْ الْمُعْتَقَلِ (فَهُوَ كَالْأَخْرَسِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَمْتَدَّ أَوْ لَمْ تُعْلَمْ إشَارَتُهُ (فَلَا) يَكُونُ كَالْأَخْرَسِ حُكْمًا هَذَا عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ إذَا صَارَتْ مَعْهُودَةً، وَذَلِكَ فِي الْأَخْرَسِ دُونَ الْمُعْتَقَلِ، وَلِأَنَّ الضَّرُورَةَ فِي الْأَصْلِيِّ لَازِمَةٌ وَفِي الْعَارِضِيِّ عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ إلَّا إذَا عُهِدَتْ الْإِشَارَةُ بِالِامْتِدَادِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْأَخْرَسِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ حُكْمُ الْمُعْتَقَلِ كَحُكْمِ الْأَخْرَسِ فِي الِامْتِدَادِ وَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّ الْمُجَوِّزَ هُوَ الْعَجْزُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَصْلِيِّ وَالْعَارِضِيِّ وَلَا بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ.
(وَالْكِتَابَةُ مِنْ الْغَائِبِ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ) ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْحُضُورِ فَلَا يَكُونُ فِي كَوْنِهَا حُجَّةً ضَرُورَةٌ بِخِلَافِ الْأَخْرَسِ لَكِنْ (قَالُوا الْكِتَابَةُ) عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ (إمَّا مُسْتَبِينٌ مَرْسُومٌ) أَيْ مُعَنْوَنٌ مَصْدَرٌ مِثْلُ أَنْ يَكْتُبَ فِي أَوَّلِهِ مِنْ فُلَانٍ إلَى فُلَانٍ أَوْ يَكْتُبَ إلَى فُلَانٍ وَفِي آخِرِهِ مِنْ فُلَانٍ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ (وَهُوَ) أَيْ هَذَا الْمَذْكُورُ مِنْ الْكِتَابَةِ (كَالنُّطْقِ فِي الْغَائِبِ وَالْحَاضِرِ) عَلَى مَا قَالُوا فَيَلْزَمُ حُجَّةً وَفِي زَمَانِنَا الْخَتْمُ شَرْطٌ لِكَوْنِهِ مُعْتَادًا، وَكَذَا الْكَتْبُ عَلَى كَاغَدٍ حَيْثُ يُشْتَرَطُ بِنَاءً عَلَى الْعُرْفِ الْمَعْرُوفِ حَتَّى لَوْ كَتَبَ عَلَى الْغَيْرِ يَكُونُ غَيْرَ مَرْسُومٍ فَلِهَذَا قَالَ (وَأَمَّا مُسْتَبِينٌ غَيْرُ مَرْسُومٍ كَالْكِتَابَةِ عَلَى الْجِدَارِ وَوَرَقِ الشَّجَرِ وَيَنْوِي فِيهِ) فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَالْبَيَانِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْكِتَابَةِ مِنْ الصَّرِيحِ فَلَا يَصْلُحُ حُجَّةً (وَأَمَّا غَيْرُ مُسْتَبِينٍ كَالْكِتَابَةِ عَلَى الْهَوَاءِ وَالْمَاءِ) بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ غَيْرِ مَسْمُوعٍ (وَلَا عِبْرَةَ بِهِ) فَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْحُكْمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute