(وَيَسْعَى) لِلْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ (الْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَلَا يُبَاعَانِ) ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَحْتَمِلَانِ النَّقْلَ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ مَعَ بَقَاءِ الْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَكَذَا مُعْتَقُ الْبَعْضِ وَابْنُ أُمِّ الْوَلَدِ فَيُؤَدِّي مِنْ كَسْبِهِمَا فَإِنْ أَخْرَجَ الْمُدَبَّرَ عَنْ مِلْكِهِ كَانَ ضَامِنًا لِلْجَمِيعِ كَمَا إذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَرُدَّ إلَى الرِّقِّ فَإِنَّهُ يَكُونُ الْكُلُّ عَلَى الْمَوْلَى فَإِنْ أَوْفَاهَا وَإِلَّا بِيعَ لَهَا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (وَإِذْنُهُ) أَيْ السَّيِّدِ (لِعَبْدِهِ بِالنِّكَاحِ) مُطْلَقًا (يَشْمَلُ جَائِزَهُ) أَيْ النِّكَاحِ (وَفَاسِدَهُ) عِنْدَ الْإِمَامِ وَيُصْرَفُ إلَى الْجَائِزِ عِنْدَهُمَا وَالثَّلَاثَةِ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي أَمْرَيْنِ ذَكَرَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ (فَيُبَاعُ فِي الْمَهْرِ) فِي الْحَالِ (لَوْ نَكَحَ فَاسِدًا فَوَطِئَ) وَلَوْ لَمْ يَطَأْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَا يُطَالَبُ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ وَذَكَرَ الثَّانِيَ بِقَوْلِهِ: (وَيَتِمُّ الْإِذْنُ بِهِ) أَيْ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ (حَتَّى لَوْ نَكَحَ بَعْدَهُ) أَيْ لَوْ جَدَّدَ الْعَبْدُ نِكَاحَ هَذِهِ الْمَرْأَةِ نِكَاحًا (جَائِزًا) ، أَوْ نَكَحَ امْرَأَةً بَعْدَهَا نِكَاحًا صَحِيحًا (تَوَقَّفَ عَلَى الْإِجَازَةِ) ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ بِالْعَقْدِ حَيْثُ يَنْتَهِي عِنْدَهُ وَلَا يَنْتَهِي بِهِ عِنْدَهَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ وَهُوَ تَحْصِينُهُ مِنْ الزِّنَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِالْجَائِزِ دُونَ الْفَاسِدِ.
وَلَهُ أَنَّ الْإِذْنَ مُطْلَقٌ فَيُجْرَى عَلَى إطْلَاقِهِ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِالصَّحِيحِ كَالْإِذْنِ بِالْبَيْعِ وَقُيِّدَ بِالْإِذْنِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالنِّكَاحِ لَا يَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ وَلَا يَنْتَهِي بِهِ اتِّفَاقًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْمُسْتَصْفَى.
(وَإِنْ زَوَّجَ) السَّيِّدُ (عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ الْمَدْيُونَ صَحَّ) النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبْتَنَى عَلَى مِلْكِ الرَّقَبَةِ فَيَجُوزُ تَحْصِينًا لَهُ (وَهِيَ) الْمَرْأَةُ (أُسْوَةً لِلْغُرَمَاءِ) فَيُبَاعُ فِي الْكُلِّ فَيُقَسَّمُ ثَمَنُهُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَّةِ فَتَأْخُذُ حِصَّةَ مَهْرِهَا إنْ كَانَ الْمَهْرُ غَيْرَ مُتَجَاوِزٍ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا؛ وَلِهَذَا قَالَ (فِي مَهْرِ مِثْلِهَا) فَفِي الْقَدْرِ الْمُتَجَاوِزِ عَنْهُ لَا تُزَاحِمُهُمْ تَأْخُذُهُ بَعْدَ اسْتِيفَائِهِمْ حُقُوقَهُمْ كَدَيْنِ الصِّحَّةِ مَعَ دَيْنِ الْمَرَضِ (وَمَنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ لَا يَلْزَمُ تَبْوِئَتُهَا) وَإِنْ شَرَطَا وَقْتَ الْعَقْدِ التَّبْوِئَةُ تَفْعِلَةٌ يُقَالُ بَوَّأَ لَهُ مَنْزِلًا وَبَوَّأَهُ مَنْزِلَةً إذَا هَيَّأَ لَهُ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ (وَيَطَأُ الزَّوْجُ مَتَى ظَفِرَ) فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ وِلَايَةُ الْمَنْعِ إلَّا قَبْلَ أَخْذِ الْمُعَجَّلِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ لِلزَّوْجِ مِلْكُ الْحِلِّ لَا غَيْرَ (وَ) لَكِنْ (لَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ (إلَّا بِالتَّبْوِئَةِ) لِأَنَّ النَّفَقَةَ جَزَاءُ احْتِبَاسِهَا فَلَا يُوجَدُ احْتِبَاسُهَا إلَّا بِتَبْوِئَتِهَا (وَهِيَ) أَيْ التَّبْوِئَةُ (أَنْ يُخَلَّى بَيْنَهَا) أَيْ الْأَمَةِ (وَبَيْنَ الزَّوْجِ فِي مَنْزِلِهِ وَلَا يَسْتَخْدِمَهَا) وَلَوْ تَرَكَ الْإِضَافَةَ فِي مَنْزِلِهِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ التَّبْوِئَةَ أَنْ يُخَلَّى بَيْنَهُمَا فِي أَيِّ مَنْزِلٍ كَانَ كَمَا فَسَّرَ الْخَصَّافُ فَلَا وَجْهَ لِلِاخْتِصَاصِ بِمَنْزِلِ الزَّوْجِ تَأَمَّلْ (فَإِنْ بَوَّأَهَا ثُمَّ رَجَعَ صَحَّ) رُجُوعُهُ؛ لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute