الزَّيْلَعِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ السُّنَّةَ وَهُوَ الْخَتْمُ يَحْصُلُ بِذَلِكَ مَعَ التَّخْفِيفِ لِأَنَّ عَدَدَ الرَّكَعَاتِ فِي شَهْرٍ سِتُّمِائَةٍ وَعَدَدُ آيِ الْقُرْآنِ سِتَّةُ آلَافٍ وَشَيْءٌ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ الْخَتْمِ مِقْدَارَهُ وَهُوَ يَحْصُلُ وَلَوْ كَانَ أَيَّامُ الشَّهْرِ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ فَإِنَّ الْقَرِيبَ لِلشَّيْءِ يُعْطَى لَهُ حُكْمُهُ، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ اسْتَحَبَّ الْخَتْمَ الْحَقِيقِيَّ فِي اللَّيْلَةِ السَّابِعَةِ وَالْعِشْرِينَ رَجَاءً لِنَيْلِ الْقَدْرِ عِنْدَ اخْتِتَامِهِ لِكَثْرَةِ الْأَخْبَارِ أَنَّهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، وَلَوْ خَتَمَ فِي التَّرَاوِيحِ فِي لَيْلَةٍ ثُمَّ لَمْ يُصَلِّ التَّرَاوِيحَ جَازَ بِلَا كَرَاهَةٍ لِأَنَّهُ مَا شُرِعَتْ التَّرَاوِيحُ إلَّا لِلْقِرَاءَةِ وَقِيلَ: الْأَفْضَلُ أَنْ يَقْرَأَ فِيهَا مِقْدَارَ مَا يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ وَقِيلَ: آيَتَيْنِ مُتَوَسِّطَتَيْنِ وَقِيلَ: آيَةً طَوِيلَةً أَوْ ثَلَاثَ آيَاتٍ قِصَارٍ وَهَذَا أَحْسَنُ وَبِهَذَا أَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ لِأَنَّ الْحَسَنَ رَوَى عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ إذَا قَرَأَ فِي الْمَكْتُوبَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ ثَلَاثَ آيَاتٍ فَقَدْ أَحْسَنَ وَلَمْ يُسِئْ هَذَا فِي الْمَكْتُوبَةِ فَمَا ظَنُّك فِي غَيْرِهَا وَقِيلَ: سُورَةُ الْإِخْلَاصِ وَقِيلَ: مِنْ سُورَةِ الْفِيلِ إلَى الْآخِرِ مَرَّتَيْنِ وَهُوَ الْأَحْسَنُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ.
وَفِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ الْأَفْضَلُ فِي زَمَانِنَا أَنْ يَقْرَأَ بِمَا لَا يُؤَدِّي إلَى تَنْفِيرِ الْقَوْمِ عَنْ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّ تَكْثِيرَ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ وَبِهِ يُفْتَى (فَلَا يُتْرَكُ) الْخَتْمُ (لِكَسَلِ الْقَوْمِ) فَتُرِكَ لِغَيْرِ الْكَسَلِ وَهُوَ التَّثَاقُلُ عَمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَثَاقَلَ عَنْهُ وَلِذَا كَانَ مَذْمُومًا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَلَا يَزِيدُ الْإِمَامُ عَلَى قَدْرِ التَّشَهُّدِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُثْقِلُ عَلَى الْقَوْمِ لِأَنَّ الدَّعَوَاتِ لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُثْقِلُ عَلَيْهِمْ يَزِيدُ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ لَكِنَّ الْمُخْتَارَ أَنْ لَا يَتْرُكَ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأَنَّهَا فَرْضٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَسُنَّةٌ عِنْدَنَا وَلَا يَتْرُكُ السُّنَنَ لِلْجَمَاعَةِ كَالتَّسْبِيحَاتِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ الْوَهْبَانِيَّةِ وَيَأْتِي الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ بِالثَّنَاءِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ مِنْهَا.
(وَتُكْرَهُ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ) لِزِيَادَةِ تَأَكُّدِهَا.
وَفِي الْخَانِيَّةِ أَدَاءِ التَّرَاوِيحِ قَاعِدًا اتَّفَقُوا أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَاخْتَلَفُوا فِي الْجَوَازِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ بِغَيْرِ عُذْرٍ اعْتِبَارًا بِسُنَّةِ الْفَجْرِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ وَهُوَ الصَّحِيحُ بِخِلَافِ سُنَّةِ الْفَجْرِ فَإِنَّهُ قَدْ قِيلَ: إنَّهَا وَاجِبَةٌ إلَّا أَنَّ ثَوَابَهُ يَكُونُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ.
(وَيُوتِرُ) أَيْ يُصَلِّي الْوِتْرَ (بِجَمَاعَةٍ فِي رَمَضَانَ فَقَطْ) لِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُوتِرُ بِجَمَاعَةٍ فِي غَيْرِ شَهْرِ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ نَفْلٌ مِنْ وَجْهٍ وَالْجَمَاعَةُ فِي النَّفْلِ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ مَكْرُوهٌ فَالِاحْتِيَاطُ تَرْكُهَا قَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ صَلَّى الْوِتْرَ بِجَمَاعَةٍ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ لَهُ ذَلِكَ وَعَدَمُ الْجَمَاعَةِ فِي الْوِتْرِ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ لَا لِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ بَلْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إلَى وَقْتٍ تَتَعَذَّرُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ فَإِنْ صَحَّ هَذَا قُدِحَ فِي نَقْلِ الْإِجْمَاعِ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِ فِي وِتْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْجَمَاعَةُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الِانْفِرَادُ فِي الْمَنْزِلِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْفَتْحِ مَا يُرَجِّحُ الْأَوَّلَ فَيَنْبَغِي اتِّبَاعُهُ لِأَنَّهُ أَدَقُّ.
(وَالْأَفْضَلُ فِي السُّنَنِ الْمَنْزِلُ) أَيْ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ لِبُعْدِهِ عَنْ الرِّيَاءِ لِقَوْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute