(أَوْ بَيْنَ جِنْسِ الرَّقِيقِ كَالْعَبْدِ وَنَوْعِهِ كَالتُّرْكِيِّ) يَعْنِي إذَا وُكِّلَ بِشِرَاءِ عَبْدٍ تُرْكِيٍّ مَثَلًا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَعْلُومُ الْجِنْسِ مِنْ وَجْهٍ لَكِنْ مِنْ حَيْثُ مَنْفَعَةُ الْجِمَالِ كَأَنَّهُ أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ فَإِنْ بَيَّنَ نَوْعَهُ كَالتُّرْكِيِّ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ (أَوْ) بَيَّنَ (ثَمَنًا يُعَيِّنُ نَوْعًا) ، أَوْ نَوْعَ الْعَبْدِ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ يَصِحُّ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الثَّمَنِ كَذِكْرِ النَّوْعِ فِي تَقْلِيلِ هَذِهِ الْجَهَالَةِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا مِنْهُمَا لَمْ يَصِحَّ التَّوْكِيلُ وَيَلْحَقُ بِجَهَالَةِ الْجِنْسِ لِامْتِنَاعِ الِامْتِثَالِ لَكِنَّ الْأَحْسَنَ تَرْكُ الصِّفَةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ يُعَيِّنُ نَوْعًا؛ لِأَنَّ النَّوْعَ صَارَ مَعْلُومًا بِمُجَرَّدِ تَقْدِيمِ الثَّمَنِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعْلُومَ الْجِنْسِ مِنْ وَجْهٍ كَالشَّاةِ وَالْبَقَرِ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الثَّمَنَ وَإِلَى أَنَّ جَهَالَةَ الْوَصْفِ غَيْرُ مَانِعَةٍ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَإِطْلَاقُهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الثَّمَنُ نَوْعًا، أَوْ لَا وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي الْجَوْهَرَةِ حَيْثُ قَالَ: وَهَذَا إذَا لَمْ يُوجَدْ لِهَذَا الثَّمَنِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ أَمَّا إذَا وُجِدَ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ كَمَا فِي الْمِنَحِ (أَوْ عَمَّمَ فَقَالَ: ابْتَعْ لِي) أَيْ اشْتَرِ لِي (مَا رَأَيْت) .
وَفِي الْفَرَائِدِ وَفِي عَطْفِ قَوْلِهِ، أَوْ عَمَّمَ صُعُوبَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ كَوْنَهُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ، أَوْ بَيَّنَ جِنْسَ الرَّقِيقِ وَلَا كَوْنَهُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ فَإِنْ سُمِّيَ نَوْعُ الثَّوْبِ جَازَ وَفَصَّلَهُ، ثُمَّ قَالَ لَوْ بَيَّنَهُ بِطَرِيقِ الِاسْتِثْنَاءِ بِأَنْ يَقُولَ إلَّا أَنْ يُعَمِّمَ لَكَانَ أَسْلَمَ وَأَظْهَرَ وَيَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ قَوْلُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَمَنْ وَكَّلَ رَجُلًا بِشِرَاءِ شَيْءٍ وَلَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَةِ جِنْسِهِ وَصِفَتِهِ، أَوْ جِنْسِهِ وَمَبْلَغِ ثَمَنِهِ لِيَصِيرَ الْفِعْلُ الْمُوَكَّلُ بِهِ مَعْلُومًا فَيُمْكِنُهُ الِائْتِمَارُ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَهُ وَكَالَةً عَامَّةً فَيَقُولُ ابْتَعْ لِي مَا رَأَيْت؛ لِأَنَّهُ فَوَّضَ الْأَمْرَ إلَى رَأْيِهِ فَأَيُّ شَيْءٍ يَشْتَرِيه يَكُونُ مُمْتَثِلًا انْتَهَى.
لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ الْكَلَامِ السَّابِقِ وَهُوَ قَوْلُهُ فَإِنْ سُمِّيَ إلَى هُنَا أَيْ إنْ خُصِّصَ جَازَ عِنْدَ الْبَيَانِ، أَوْ عَمَّمَ جَازَ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ، أَوْ أَنْ يَكُونَ، أَوْ بِمَعْنَى أَلَا أَنْ كَقَوْلِهِمْ لَأُلْزِمَنَّك، أَوْ تُعْطِينِي حَقِّي أَيْ إلَّا أَنْ تُعْطِيَنِي حَقِّي.
(وَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ الطَّعَامِ فَهُوَ) يَقَعُ (عَلَى الْبُرِّ وَدَقِيقِهِ) يَعْنِي: دَفَعَ إلَى آخَرَ دَرَاهِمَ وَقَالَ اشْتَرِ لِي طَعَامًا يَشْتَرِي الْبُرَّ وَدَقِيقَهُ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَشْتَرِيَ كُلَّ مَطْعُومٍ اعْتِبَارًا لِلْحَقِيقَةِ كَمَا فِي الْيَمِينِ عَلَى الْأَكْلِ إذْ الطَّعَامُ اسْمٌ لِمَا يُطْعَمُ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الطَّعَامَ إذَا قُرِنَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ يُحْمَلُ عَلَى مَا ذُكِرَ عُرْفًا وَلَا عُرْفَ لِلْأَكْلِ فَيَبْقَى عَلَى الْوَضْعِ.
وَفِي الْعِنَايَةِ هَذَا فِي عُرْفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَإِنَّ سُوقَ الْحِنْطَةِ وَدَقِيقِهَا عِنْدَهُمْ يُسَمَّى سُوقَ الطَّعَامِ وَأَمَّا فِي عُرْفِ غَيْرِهِمْ فَيَنْصَرِفُ إلَى كُلِّ مَطْعُومٍ وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ.
وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: الطَّعَامُ فِي عُرْفِنَا يَنْصَرِفُ إلَى مَا يُمْكِنُ أَكْلُهُ يَعْنِي الْمُعْتَادَ لِلْأَكْلِ كَاللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ وَالْمَشْوِيِّ أَيْ مَا يُمْكِنُ أَكْلُهُ مِنْ غَيْرِ إدَامٍ دُونَ الْحِنْطَةِ وَالْخُبْزِ.
وَقَالَ صَدْرُ الشَّهِيدِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنَّمَا قُلْنَا دَفَعَ إلَى آخَرَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَمَرَ بِلَا دَفْعٍ لَهُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَثُرْت الدَّرَاهِمُ، أَوْ قَلَّتْ (وَقِيلَ) يَقَعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute