الْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ الصُّلْحِ عَنْ إقْرَارٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَقَدْ عَرَفْت اخْتِلَافَ الْمُرَادِ مِنْ الْإِضَافَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَافْتَرَقَ الصُّلْحَانِ فِي الْإِضَافَةِ انْتَهَى.
فَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَأَمَّا الصُّلْحُ فَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَنْ إقْرَارٍ، أَوْ إنْكَارٍ فِي الْإِضَافَةِ مَحَلُّ نَظَرٍ كَمَا فِي حَاشِيَةِ يَعْقُوبَ بَاشَا وَالدُّرَرِ تَتَبَّعْ.
(وَ) صُلْحٌ عَنْ (دَمٍ عَمْدٍ) ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ مَحْضٌ وَالْوَكِيلُ أَجْنَبِيٌّ سَفِيرٌ (وَكِتَابَةٍ وَعِتْقٍ عَلَى مَالٍ وَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَإِعَارَةٍ وَإِيدَاعٍ وَرَهْنٍ وَإِقْرَاضٍ) وَلَمْ يَذْكُرْ الِاسْتِقْرَاضَ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (وَشَرِكَةٍ وَمُضَارَبَةٍ) فَإِنَّ الْوَكِيلَ يُضِيفُ هَذِهِ الْعُقُودَ إلَى مُوَكِّلِهِ فِي عُرْفِ أَهْلِ الْمُعَامَلَةِ فَتَتَعَلَّقُ حُقُوقُ الْعُقُودِ فِيهَا إلَى الْمُوَكِّلِ دُونَ الْوَكِيلِ ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ (فَلَا يُطَالَبُ) بِفَتْحِ اللَّامِ (وَكِيلُ الزَّوْجِ بِالْمَهْرِ) مِنْ قِبَلِ الزَّوْجَةِ (وَلَا) يُطَالَبُ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ (وَكِيلُ الْمَرْأَةِ بِتَسْلِيمِهَا) أَيْ تَسْلِيمِ الْمَرْأَةِ إلَى الزَّوْجِ إذْ يَلْزَمُ سُقُوطُ مَالِكِيَّتِهَا بِعَقْدِ النِّكَاحِ وَالسَّاقِطُ يَتَلَاشَى مَعَ أَنَّهَا خُلِقَتْ مَحَلًّا لِلنِّكَاحِ فَلَا يَخْلُو عَنْ الْمَالِكِيَّةِ لِنَفْسِهَا (وَلَا) يُطَالَبُ وَكِيلُ الْخُلْعِ (بِبَدَلِ الْخُلْعِ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ سَفِيرٌ فِيهِ (وَلِلْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ عَنْ الْمُوَكِّلِ) يَعْنِي إذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ شَيْءٍ فَبَاعَهُ ثُمَّ أَنَّ الْمُوَكِّلَ طَلَبَ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لَهُ مَنْعُهُ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْعَقْدِ وَالْوَكِيلُ أَصْلٌ فِي الْحُقُوقِ وَلِذَا لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ الْآخَرَ بِهَذِهِ الْحُقُوقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ التَّوْكِيلِ وَالْمُرَادُ مِنْ الْمُوَكِّلِ مُوَكِّلُ وَكِيلٍ بِبَيْعٍ لَيْسَ عَبْدًا، أَوْ صَبِيًّا مَحْجُورَيْنِ لِمَا مَرَّ.
وَفِي الْبَحْرِ وَلَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ دَفْعَ الثَّمَنِ إلَى الْوَكِيلِ فَاسْتَهْلَكَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ كَانَ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ وَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَإِنْ لَمْ يُنْفِذْ الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ بَاعَ الْقَاضِي الْجَارِيَةَ بِالثَّمَنِ إذَا رَضِيَا وَإِلَّا فَلَا (فَإِنْ دَفَعَهُ) أَيْ إنْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْمُوَكِّلِ (صَحَّ) دَفْعُهُ وَلَوْ مَعَ نَهْيِ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ لَا فِي الصَّرْفِ إلَّا إذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ حَاضِرًا عِنْدَ عَقْدِ الصَّرْفِ فَالْعَقْدُ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ بِحُضُورِهِ (وَلَا يُطَالِبُهُ الْوَكِيلُ ثَانِيًا) ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الثَّمَنِ الْمَقْبُوضِ حَقُّ الْمُوَكِّلِ وَقَدْ وَصَلَ إلَيْهِ وَلَا فَائِدَةَ فِي الْأَخْذِ مِنْهُ ثُمَّ الدَّفْعِ إلَيْهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ قَوْلَهُ وَلِلْمُشْتَرِي إلَى هُنَا فِي هَذَا الْمَحَلِّ مَعَ أَنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يَذْكُرَ مِنْ تَفْرِيعَاتِ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ.
(وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْمُوَكِّلِ دَيْنٌ وَقَعَتْ الْمُقَاصَّةُ بِهِ) أَيْ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ الَّذِي بَاعَهُ الْوَكِيلُ لِلْمُوَكِّلِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ لِوُصُولِ الْحَقِّ إلَيْهِ بِطَرِيقِ التَّقَاصِّ وَهَذَا حِيلَةٌ لِلْوُصُولِ إلَى دَيْنٍ لَا يُوصَلُ إلَيْهِ.
(وَكَذَا) تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بِهِ (إنْ كَانَ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (عَلَى الْوَكِيلِ دَيْنٌ) عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ لِكَوْنِهِ يَمْلِكُ الْإِبْرَاءَ عَنْهُ عِنْدَهُمَا (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ لَا يَجُوزُ الْإِبْرَاءُ وَلَا تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ (وَ) لَكِنَّهُ (يَضْمَنُهُ الْوَكِيلُ لِلْمُوَكِّلِ) فِي فَصْلِ الْمُقَاصَّةِ عِنْدَهُمَا كَمَا يَضْمَنُهُ فِي فَصْلِ الْإِبْرَاءِ.
(وَإِنْ كَانَ دَيْنُهُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute