للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِانْتِفَاءِ الشَّرِكَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يَكُونُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا قَضَاءً، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَجُوزُ فِيهِمَا، وَكَذَا لَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ النَّاذِرِ بِالنَّاذِرِ إلَّا إذَا نَذَرَ أَحَدُهُمَا عَيْنَ مَا نَذَرَهُ الْآخَرُ، وَيَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْحَالِفِ بِالْحَالِفِ وَلَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ النَّاذِرِ بِالْحَالِفِ وَبِالْعَكْسِ يَجُوزُ.

وَفِي النَّوَادِرِ رَجُلَانِ افْتَتَحَا الصَّلَاةَ وَنَوَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَكُونَ إمَامًا لِصَاحِبِهِ فَصَلَاتُهُمَا تَامَّةٌ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَةَ تَصِحُّ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ فَلَغَتْ النِّيَّةُ، وَصَارَ كُلُّ وَاحِدٍ شَارِعًا فِي صَلَاةِ نَفْسِهِ، وَإِنْ نَوَى كُلُّ وَاحِدٍ أَنْ يَأْتَمَّ بِصَاحِبِهِ فَصَلَاتُهُمَا فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ قَصَدَ الِاشْتِرَاكَ وَلَمْ تَصِحَّ لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ إمَامًا وَمُؤْتَمًّا.

(وَيَجُوزُ) (اقْتِدَاءُ غَاسِلٍ بِمَاسِحٍ) لِاسْتِوَاءِ حَالِهِمَا؛ لِأَنَّ الْخُفَّ مَانِعٌ مِنْ سِرَايَةِ الْحَدَثِ إلَى الْقَدَمِ وَمَا حَلَّ بِالْخُفِّ يُزِيلُهُ الْمَسْحُ، وَالْمَاسِحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ كَالْمَاسِحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ بَلْ هُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ كَالْغَسْلِ لِمَا تَحْتَهُ.

(وَمُتَنَفِّلٍ بِمُفْتَرِضٍ) ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَقْوَى؛ إذْ الْحَاجَةُ فِي حَقِّ الْمُتَنَفِّلِ إلَى أَصْلِ الصَّلَاةِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْفَرْضِ، وَزِيَادَةُ صِفَةِ الْفَرْضِيَّةِ، وَلَا يُقَالُ: إنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الْأَخِيرَيْنِ فَرْضٌ فِي حَقِّ الْمُتَنَفِّلِ وَفِي الْفَرْضِ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُقْتَدِي أَخَذَتْ حُكْمَ صَلَاةِ الْإِمَامِ بِسَبَبِ الِاقْتِدَاءِ (وَمُومٍ بِمِثْلِهِ) سَوَاءٌ كَانَا قَائِمَيْنِ أَوْ قَاعِدَيْنِ أَوْ مُسْتَلْقِيَيْنِ أَوْ مُضْطَجِعَيْنِ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُومِي قَاعِدًا بِالْمُومِي مُضْطَجِعًا وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُشْعِرُ عَدَمَ الْجَوَازِ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ بِمِثْلِهِ وَلَمْ يَقُلْ بِمُومٍ لَكِنْ فِي النِّهَايَةِ الْأَصَحُّ الْجَوَازُ (وَقَائِمٍ بِأَحْدَبَ) أَيْ الْمُنْحَنِي سَوَاءٌ كَانَ أَحْدَبَ أَوْ أَقْعَسَ لِاسْتِوَاءِ النِّصْفِ الْأَسْفَلِ وَكَذَا الْأَعْرَجُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: وَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ الْأَحْدَبِ لِلْقَائِمِ وَقِيلَ: تَجُوزُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.

(وَكَذَا) يَجُوزُ (اقْتِدَاءُ الْمُتَوَضِّئِ بِالْمُتَيَمِّمِ) عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ؛ لِأَنَّ التُّرَابَ خَلَفٌ عَنْ الْمَاءِ عِنْدَهُمَا فَيَكُونُ شَرْطُ الصَّلَاةِ مَوْجُودًا فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا فِي الْغَاسِلِ وَالْمَاسِحِ وَلَا يَقْتَدِي بِالْمُتَيَمِّمِ مُتَوَضِّئٌ مَعَهُ مَاءٌ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ (وَالْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ) ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «صَلَّى آخِرَ صَلَاتِهِ قَاعِدًا، وَالْقَوْمُ خَلْفَهُ قِيَامٌ» (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي أَوَّلٍ التَّيَمُّمُ خَلَفٌ عَنْ الْوُضُوءِ فَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ؛ إذْ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَصْلِ أَنْ يَبْنِيَ صَلَاتَهُ عَلَى صَلَاةِ صَاحِبِ الْخَلَفِ، وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ حَالَ الْقَائِمِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ كَامِلٌ فَلَا يَجُوزُ اقْتِدَاؤُهُ بِالنَّاقِصِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ.

(وَإِنْ عَلِمَ) الْمَأْمُومُ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ (أَنَّ إمَامَهُ كَانَ مُحْدِثًا) حِينَ صَلَّى (أَعَادَ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ أَمَّ قَوْمًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا أَوْ جُنُبًا أَعَادَ صَلَاتَهُ، وَأَعَادُوا» وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاقْتِدَاءَ عِنْدَهُ أَدَاءٌ عَلَى سَبِيلِ الْمُوَافَقَةِ لَا فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ.

وَفِي التَّنْوِيرِ إذَا ظَهَرَ حَدَثُ إمَامِهِ بَطَلَتْ فَيَلْزَمُ إعَادَتُهَا، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الْكَنْزِ حَيْثُ قَالَ: أَعَادَ أَيْ عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ، وَمُرَادُهُ بِالْإِعَادَةِ الْإِتْيَانُ بِالْفَرْضِ لَا الْإِعَادَةُ فِي اصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّينَ الْجَابِرَةُ لِلنَّقْصِ فِي الْمُؤَدَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>