فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ فَإِنَّ الْمُلَّاكَ نُوَّابُهُ لِأَنَّ حَقَّ الْأَخْذِ كَانَ لِلْإِمَامِ فِي الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ إلَى زَمَنِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَفَوَّضَ الْأَمْوَالَ الْبَاطِنَةَ إلَى أَرْبَابِهَا خَوْفًا عَلَيْهِمْ مِنْ السُّعَاةِ السُّوءِ أَوْ الدَّيْنِ فِي دَيْنِ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْمَالَ مَعَ الدَّيْنِ مَشْغُولٌ بِالْحَاجَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَهِيَ رَفْعُ الْحَبْسِ عَنْ الْمَدْيُونِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (فِي قَدْرِ دَيْنِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَلَا تَجِبُ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ مَثَلًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ كَذَلِكَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَلَوْ كَانَ دَيْنُهُ مِائَتَيْنِ تَجِبُ زَكَاةُ مِائَتَيْنِ.
(وَلَا فِي مَالِ ضِمَارٍ) بِالْكَسْرِ مَخْفِيٍّ وَشَرْعًا مَالٌ زَائِلُ الْيَدِ غَيْرِ مَرْجُوِّ الْوُصُولِ غَالِبًا وَإِنَّمَا لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ عِنْدَهُمْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمِلْكِ وَالنَّمَاءِ فِيهِ مَفْقُودٌ خِلَافًا لِزُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ حَيْثُ قَالَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ لِلسِّنِينَ الْمَاضِيَةِ إذَا وَصَلَتْ يَدُهُ إلَيْهِ لِأَنَّ السَّبَبَ قَدْ تَحَقَّقَ وَفَوَاتَ الْيَدِ غَيْرُ مُخِلٍّ بِالْوُجُوبِ كَمَالِ ابْنِ السَّبِيلِ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِمَا قَوْلُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا زَكَاةَ فِي مَالِ الضِّمَارِ وَأَمَّا ابْنُ السَّبِيلِ فَقَادِرٌ بِنَائِبِهِ.
(وَهُوَ الْمَفْقُودُ) أَيْ كَعَبْدٍ مَفْقُودٍ وَآبِقٍ وَضَالٍّ وَجَدَهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْحَوْلِ (وَالسَّاقِطُ فِي الْبَحْرِ) ثُمَّ اسْتَخْرَجَهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْحَوْلِ (وَالْمَغْصُوبُ) الَّذِي (لَا بَيِّنَةَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْ غَصَبَهُ (وَمَدْفُونٌ فِي بَرِّيَّةٍ نَسِيَ مَكَانَهُ) ثُمَّ تَذَكَّرَ بَعْدَهُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: لَوْ دَفَنَ مَالَهُ ثُمَّ نَسِيَ مَكَانَهُ وَتَذَكَّرَ بَعْدَ مُضِيِّ الْحَوْلِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إنْ دَفَنَهُ فِي حِرْزِهِ كَالْبَيْتِ وَالْحَانُوتِ تَجِبُ وَإِلَّا فَلَا.
(وَمَا أُخِذَ مُصَادَرَةً) أَيْ مَالٌ أَخَذَهُ السُّلْطَانُ أَوْ غَيْرُهُ ظُلْمًا وَوَصَلَ إلَيْهِ بَعْدَهُ (وَدَيْنٌ كَانَ قَدْ جَحَدَ) الْمَدْيُونُ سِنِينَ عَلَانِيَةً لَا سِرًّا (وَلَا بَيِّنَةَ عَلَيْهِ) ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَهُ عِنْدَ قَوْمٍ وَفِي الْبَحْرِ فَجَمِيعُ مَا ذُكِرَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَالِ الضِّمَارِ (بِخِلَافِ دَيْنٍ عَلَى مُقِرٍّ مَلِيٍّ) أَيْ غَنِيٍّ أَوْ مُعْسِرٍ لِأَنَّ الدَّيْنَ عَلَى الْمُعْسِرِ لَيْسَ كَالْهَالِكِ لِإِمْكَانِ الْوُصُولِ بِوَاسِطَةِ التَّحْصِيلِ.
(أَوْ مُفَلَّسٍ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا مِنْ فَلَّسَهُ الْقَاضِي أَيْ نَادَى فِي النَّاسِ بِأَنَّهُ مُفْلِسٌ لِأَنَّ التَّفْلِيسَ غَيْرُ صَحِيحٍ عِنْدَ الْإِمَامِ فَكَانَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ لِأَنَّ الْمَالَ غَادٍ وَرَائِحٌ فَلَا يَكُونُ كَالْهَالِكِ (أَوْ جَاحِدٍ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ) هَذَا عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ إذْ لَيْسَ كُلُّ قَاضٍ يَعْدِلُ وَلَا كُلُّ بَيِّنَةٍ تَعْدِلُ.
وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالتُّحْفَةِ (أَوْ عَلِمَ بِهِ قَاضٍ) لَكِنَّ الْمُفْتَى بِهِ عَدَمُ الْقَضَاءِ بِعِلْمِ الْقَاضِي الْآنَ (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فِي الْمُفَلَّسِ) لِتَحَقُّقِ الْإِفْلَاسِ بِالتَّفْلِيسِ عِنْدَهُ وَأَبُو يُوسُفَ مَعَ مُحَمَّدٍ فِي تَحَقُّقِ الْإِفْلَاسِ حَتَّى تَسْقُطَ الْمُطَالَبَةُ إلَى وَقْتِ الْيَسَارِ وَمَعَ الْإِمَامِ فِي حُكْمِ الزَّكَاةِ فَتَجِبُ لِمَا مَضَى إذَا قَبَضَ عِنْدَهُمَا رِعَايَةً لِجَانِبِ الْفُقَرَاءِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا (وَبِخِلَافِ مَا دَفَنَ فِي الْبَيْتِ وَنَسِيَ مَكَانَهُ) لِإِمْكَانِ التَّوَصُّلِ إلَيْهِ بِحَفْرِهِ وَالْمُرَادُ بِالْبَيْتِ مَا يَكُونُ فِي حِرْزِهِ كَمَا بَيَّنَ آنِفًا وَلَوْ قَالَ فِي الْحِرْزِ لَكَانَ أَوْلَى.
(وَفِي الْمَدْفُونِ فِي الْأَرْضِ) الْمَمْلُوكَةِ (أَوْ الْكَرْمِ اخْتِلَافُ) الْمَشَايِخِ وَجْهُ مَنْ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute