للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَتَحَالَفَانِ عِنْدَهُمَا وَيَتَحَالَفَانِ عِنْدَهُ فَيُفْسَخُ عَلَى الْعَيْنِ فِي الْمُتَّصِلَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْ الْأَصْلِ كَالسَّمْنِ وَعَلَى الْعَيْنِ أَوْ الْقِيمَةِ فِي مُتَّصِلَةٍ غَيْرِ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْهُ كَالصَّبْغِ وَعَلَى الْقِيمَةِ فِي الْمُنْفَصِلَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ كَالثَّمَرِ وَأَمَّا فِي مُنْفَصِلَةٍ غَيْرِ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْهُ كَالْكُسْبِ فَيَتَحَالَفَانِ وَيُفْسَخُ عَلَى الْعَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ.

(وَكَذَا الْخِلَافُ لَوْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ وَهُوَ) أَيْ الْمَبِيعُ (قَائِمٌ) يَعْنِي لَوْ تَغَيَّرَ بِحُدُوثِ الْعَيْبِ عِنْدَهُ، وَصَارَ بِحَالٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ مَعَ الْعَيْبِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ لَا يَتَحَالَفَانِ عِنْدَهُمَا بَلْ الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَالشَّافِعِيِّ يَتَحَالَفَانِ فَيُفْسَخُ الْبَيْعُ عَلَى قِيمَةِ الْهَالِكِ، وَكَذَا لَوْ خَرَجَ الْمَبِيعُ عَنْ مِلْكِهِ.

(وَلَا) تَحَالُفَ (بَعْدَ هَلَاكِ بَعْضِهِ) أَيْ بَعْضِ الْمَبِيعِ بَعْدَ قَبْضِ الْجَمِيعِ عِنْدَ الْإِمَامِ كَعَبْدَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَقَالَ الْبَائِعُ: الثَّمَنُ أَلْفٌ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: بَلْ خَمْسُمِائَةٍ؛ لِأَنَّ التَّحَالُفَ بَعْدَ الْقَبْضِ مَشْرُوطٌ بِقِيَامِ السِّلْعَةِ وَهِيَ اسْمٌ لِجَمِيعِ الْمَبِيعِ فَإِذَا هَلَكَ بَعْضُهُ فُقِدَ الشَّرْطُ بَلْ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي لِإِنْكَارِهِ زِيَادَةَ الثَّمَنِ (إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ بِتَرْكِ حِصَّةِ الْهَالِكِ) أَيْ لَا يَأْخُذُ مِنْ ثَمَنِ الْهَالِكِ شَيْئًا وَيَجْعَلُهُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ وَالْعَقْدُ كَأَنَّهُ عَلَى الْقَائِمِ فَقَطْ فَيَكُونُ الثَّمَنُ كُلُّهُ بِمُقَابَلَةِ الْقَائِمِ فَيَتَحَالَفَانِ، وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ فَالِاسْتِثْنَاءُ يَنْصَرِفُ إلَى قَوْلِهِ لَا تَحَالُفَ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إذَا اُخْتُلِفَ بَعْدَ هَلَاكِ أَحَدِهِمَا لَمْ يَتَحَالَفَا وَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّةَ الْحَيِّ وَلَا شَيْءَ لَهُ قَالَ أَبُو الْمَكَارِمِ وَمَعْنَى لَا شَيْءَ لَهُ عَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ الْمَشَايِخِ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْ ثَمَنِ الْهَالِكِ شَيْئًا أَصْلًا عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَافِي وَكَانَ غَرَضُهُمْ مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ صَرْفُ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى قَوْلِهِ لَمْ يَتَحَالَفَا كَمَا هُوَ مُخْتَارُهُمْ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ الْبَائِعُ مِنْ الزِّيَادَةِ الْمُتَنَازَعِ فِيهَا وَإِنَّمَا يَأْخُذُ عَنْ الْهَالِكِ بَعْدَمَا أَقَرَّ بِهِ الْمُشْتَرِي فَالِاسْتِثْنَاءُ يَنْصَرِفُ إلَى قَوْلِهِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنَّهُ إذَا أَخَذَ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُشْتَرِي وَأَخَذَ الْحَيَّ فَقَدْ صَدَقَ الْمُشْتَرِي وَارْتَفَعَ الْخُصُومَةُ فَلَا يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي وَلَا يَخْفَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْمَذْكُورَ فِي الْمَتْنِ لَا يَصْلُحُ لِهَذَا التَّفْسِيرِ إذْ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَخْذَ الْبَائِعِ الْحَيَّ وَفِي تَقْدِيرِهِ تَعَسُّفٌ (وَعِنْدَهُمَا يَتَحَالَفَانِ، وَيَرُدُّ الْبَاقِيَ) أَيْ حَلَفَا لَكِنْ اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ التَّحَالُفِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ قِيلَ يَتَحَالَفَانِ عَلَى الْقَائِمِ لَا الْهَالِكِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ فِيهِ لَا فِي الثَّانِي، وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ مَا اشْتَرَيْت الْقَائِمَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي يَدَّعِيهِ الْبَائِعُ يَكُونُ صَادِقًا فِيهِ؛ لِأَنَّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئَيْنِ بِأَلْفٍ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ مَا اشْتَرَى أَحَدَهُمَا كَانَ صَادِقًا وَكَذَا الْبَائِعُ لَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ مَا بِعْت الْقَائِمَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي يَدَّعِيهِ الْمُشْتَرِي يَكُونُ صَادِقًا فِيهِ فَلَا يُفِيدُ التَّحَالُفُ بَلْ الْوَجْهُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْقَائِمِ وَالْهَالِكِ وَيَقُولُ أَوَّلًا بِاَللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>