أَلْفٌ، فَقَالَ نَعَمْ يَكُونُ إقْرَارًا، وَلَوْ أَوْمَأَ بِرَأْسِهِ لَا؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ لَا تَقُومُ مَقَامَ الْكَلَامِ مِنْ غَيْرِ الْأَخْرَسِ.
وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ: أَعْطِنِي ثَوْبَ عَبْدِي هَذَا، فَقَالَ نَعَمْ، كَانَ إقْرَارًا مِنْهُ بِالْعَبْدِ وَالثَّوْبِ لَهُ.
وَلَوْ قَالَ: أَعْطِنِي سَرْجَ دَابَّتِي هَذِهِ، أَوْ لِجَامَهَا، أَوْ افْتَحْ بَابَ دَارِي أَوْ جَصِّصْهَا، فَقَالَ: نَعَمْ، كَانَ ذَلِكَ إقْرَارًا لِأَنَّ كَلِمَةَ " نَعَمْ " لَا تَسْتَقِلُّ فَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلِهَا عَلَى الْجَوَابِ كَيْ لَا يَصِيرَ لَغْوًا.
وَفِي الْمِنَحِ: رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَقْرَضْتُك مِائَةَ دِرْهَمٍ فَقَالَ: لَا أَعُودُ بِهَا، أَوْ قَالَ: لَا أَعُودُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَهُوَ إقْرَارٌ وَلَوْ قَالَ: مَا اسْتَقْرَضْتُ مِنْ أَحَدٍ سِوَاك، أَوْ قَالَ: مِنْ أَحَدٍ غَيْرِك، أَوْ قَالَ: مَا اسْتَقْرَضْتُ مِنْ أَحَدٍ قَبْلَك، أَوْ قَالَ: مَا اسْتَقْرَضْتُ مِنْ أَحَدٍ بَعْدَك لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا، قَالَ: أَلَيْسَ لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَقَالَ الْمُخَاطَبُ فِي جَوَابِهِ: بَلَى، فَهُوَ إقْرَارٌ لَهُ بِالْأَلْفِ، وَإِنْ قَالَ نَعَمْ لَا يَكُونُ إقْرَارًا وَتَمَامُهُ فِيهِ، فَلْيُرَاجَعْ.
(وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ، وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: هُوَ حَالٌّ لَزِمَهُ) أَيْ الْمُقِرَّ حَالَ كَوْنِ الدَّيْنِ (حَالًّا) لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِحَقٍّ عَلَى نَفْسِهِ وَادَّعَى لِنَفْسِهِ حَقًّا فِيهِ، فَيُصَدَّقُ فِي الْإِقْرَارِ بِلَا حُجَّةٍ دُونَ الدَّعْوَى، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِعَبْدٍ فِي يَدِهِ أَنَّهُ لِفُلَانٍ اسْتَأْجَرَهُ مِنْهُ فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْمِلْكِ لَا الْإِجَارَةِ (وَحُلِّفَ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى الْأَجَلِ) لِكَوْنِهِ مُنْكِرًا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ وَاحِدٍ لَزِمَهُ مُؤَجَّلًا مَعَ يَمِينِهِ.
وَفِي التَّنْوِيرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِالدَّرَاهِمِ السُّودِ فَكَذَّبَهُ فِي صِفَتِهَا حَيْثُ يَلْزَمُهُ أَيْ الْمُقِرَّ مَا أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ، كَإِقْرَارِ الْكَفِيلِ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ.
(وَلَوْ قَالَ) لَهُ (عَلَيَّ مِائَةٌ وَدِرْهَمٌ فَالْكُلُّ دَرَاهِمُ) فَيَلْزَمُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَدِرْهَمٌ اسْتِحْسَانًا عِنْدَنَا؛ لِوُقُوعِ دِرْهَمٍ تَفْسِيرًا لِلْمِائَةِ الْمُبْهَمَةِ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يُرْجَعَ فِي تَفْسِيرِ الْمِائَةِ إلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ.
(وَكَذَا كُلُّ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ) يَعْنِي لَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ مِائَةٌ وَقَفِيزُ حِنْطَةٍ يَلْزَمُهُ مِائَةُ قَفِيزِ حِنْطَةٍ وَقَفِيزُ حِنْطَةٍ.
(وَلَوْ قَالَ) لَهُ عَلَيَّ (مِائَةٌ وَثَوْبٌ أَوْ) قَالَ لَهُ عَلَيَّ (مِائَةٌ وَثَوْبَانِ لَزِمَهُ تَفْسِيرُ الْمِائَةِ) فَيَلْزَمُهُ ثَوْبٌ وَاحِدٌ فِي الْأُولَى وَثَوْبَانِ فِي الثَّانِيَةِ بِالِاتِّفَاقِ، لِأَنَّهُمَا مُبْهَمَةٌ، وَالثَّوْبُ عَطْفٌ عَلَيْهَا لَا تَفْسِيرٌ لَهَا؛ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ لَمْ يُوضَعْ لِتَفْسِيرِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ قَبِيلِ الِاكْتِفَاءِ كَمَا فِي مِائَةٍ وَدِرْهَمٍ.
(وَإِنْ قَالَ) لَهُ عَلَيَّ (مِائَةٌ وَثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ فَالْكُلُّ ثِيَابٌ) فَيَلْزَمُهُ أَثْوَابٌ فِي الْكُلِّ لِأَنَّهُ ذَكَرَ عَدَدَيْنِ مُبْهَمَيْنِ، وَذَكَرَ عَقِيبَهُمَا مُمَيِّزًا بِلَا وَاوٍ؛ فَيَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْحَاجَةِ إلَى التَّفْسِيرِ كَعَدَدٍ وَاحِدٍ بِالِاقْتِرَانِ.
(وَلَوْ أَقَرَّ بِتَمْرٍ فِي قَوْصَرَّةٍ) وَهِيَ وِعَاءٌ مِنْ خُوصٍ وَغَيْرِهِ، وَيُقَالُ وِعَاءٌ لِلتَّمْرِ مَنْسُوجٌ مِنْ قَصَبٍ.
وَفِي الْجَوْهَرَةِ: الْقَوْصَرَّةُ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِهَا وِعَاءُ التَّمْرِ يُتَّخَذُ مِنْ قَصَبٍ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ قَوْصَرَّةً مَا دَامَ فِيهَا التَّمْرُ، وَإِلَّا فَهِيَ زِنْبِيلٌ (لَزِمَاهُ) أَيْ التَّمْرُ وَالْقَوْصَرَّةُ مَعًا، لِأَنَّ غَصْبَ الشَّيْءِ الْمُتَعَدِّدِ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ الظَّرْفِ، وَكَذَا الطَّعَامُ فِي السَّفِينَةِ وَالْجَوَالِقِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: غَصَبْت مِنْ قَوْصَرَّةٍ أَوْ مِنْ سَفِينَةٍ أَوْ مِنْ جَوَالِقَ لِأَنَّ كَلِمَةَ " مِنْ " لِلِانْتِزَاعِ