للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ كَثُرَ) صَرْفًا لِلْجِنْسِ إلَى خِلَافِهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ لَكِنْ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ يُعْتَبَرُ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ تَحَرُّزًا عَنْ الرِّبَا لِأَنَّهُ صَرْفٌ، وَلَا يُعْتَبَرُ التَّسَاوِي، وَالْأَصْلُ فِي جَوَازِ التَّخَارُجِ أَثَرُ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَإِنَّهُ صَالَحَ امْرَأَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ رُبُعِ الثُّمُنِ - وَكَانَ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ - عَلَى ثَمَانِينَ أَلْفَ دِينَارٍ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ (وَعَنْ نَقْدَيْنِ) وَهُمَا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ (وَغَيْرِهِمَا) أَيْ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ، مِثْلُ الْعَقَارِ وَالْعُرُوضِ، أَرَادَ أَنَّ التَّرِكَةَ إنْ كَانَتْ مُشْتَمِلَةً عَلَى هَذِهِ الْأَجْنَاسِ فَأَخْرَجُوهُ (بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ) يَعْنِي دَفَعُوا إلَيْهِ إمَّا فِضَّةً أَوْ ذَهَبًا (لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُعْطَى) بِفَتْحِ الطَّاءِ أَيْ الَّذِي أَعْطَوْهُ (أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ) لِيَكُونَ نَصِيبُهُ بِمِثْلِهِ، وَالزِّيَادَةُ بِمُقَابَلَةِ حَقِّهِ مِنْ بَقِيَّةِ التَّرِكَةِ تَحَرُّزًا عَنْ الرِّبَا وَذَلِكَ لِأَنَّ الصُّلْحَ لَا تَجُوزُ بِطَرِيقِ الْإِبْرَاءِ، لِأَنَّ التَّرِكَةَ أَعْيَانٌ، وَالْبَرَاءَةُ مِنْ الْأَعْيَانِ لَا تَجُوزُ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ التَّقَابُضِ فِي الْمَجْلِسِ فِيمَا يُقَابِلُ النَّقْدَيْنِ لِأَنَّهُ صَرْفٌ فِي هَذَا الْقَدْرِ (وَإِنْ) صَالَحُوا (بِعَرْضٍ) فِي هَذِهِ الصُّورَةِ (جَازَ مُطْلَقًا) لِعَدَمِ الرِّبَا.

(وَإِنْ) كَانَ (فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ عَلَى النَّاسِ فَأَخْرَجُوا) أَيْ أَخْرَجَتْ الْوَرَثَةُ أَحَدَهُمْ (لِيَكُونَ الدَّيْنُ لَهُمْ بَطَلَ الصُّلْحُ) لِأَنَّ فِيهِ تَمْلِيكَ الدَّيْنِ الَّذِي هُوَ حِصَّةُ الْمُصَالِحِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَهُمْ الْوَرَثَةُ فَبَطَلَ ثُمَّ تَعَدَّى الْبُطْلَانُ إلَى الْكُلِّ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ وَاحِدَةٌ سَوَاءٌ بَيَّنَ حِصَّةَ الدَّيْنِ أَوْ لَمْ يُبَيِّنْ عِنْدَ الْإِمَامِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ عِنْدَهُمَا فِي غَيْرِ الدَّيْنِ إذَا بَيَّنَ حِصَّتَهُ ثُمَّ ذَكَرَ لِصِحَّةِ الصُّلْحِ حِيَلًا فَقَالَ (فَإِنْ شَرَطُوا) أَيْ الْوَرَثَةُ (بَرَاءَةَ الْغُرَمَاءِ مِنْ نَصِيبِهِ) أَيْ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي هُوَ نَصِيبُ الْمُصَالِحِ (صَحَّ) الصُّلْحُ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ وَتَمْلِيكٌ لِلدَّيْنِ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ ضَرَرٌ لِسَائِرِ الْوَرَثَةِ - حَيْثُ لَا يُمْكِنُهُمْ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَدْيُونِ بِقَدْرِ نَصِيبِ الْمُصَالِحِ - وَنَوْعُ نَفْعٍ لَهُمْ حَيْثُ لَا يَبْقَى لِلْمُصَالِحِ حَقٌّ فِيمَا عَلَى الْمَدْيُونِ فَإِذَا وُجِدَ الضَّرَرُ مَعَ النَّفْعِ فِي مَحَلٍّ لَا يُعَدُّ مِثْلُ هَذَا الضَّرَرِ ضَرَرًا فَتَصِيرُ هَذِهِ الْحِيلَةُ مَقْبُولَةً عِنْدَ الْبَعْضِ.

(وَكَذَا) صَحَّ الصُّلْحُ (إنْ قَضَوْا) أَيْ تَعَجَّلُوا قَضَاءَ (حِصَّتِهِ) أَيْ حِصَّةِ الْمُصَالِحِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الدَّيْنِ (تَبَرُّعًا) ثُمَّ تَصَالَحُوا عَمَّا بَقِيَ مِنْ التَّرِكَةِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ، فَالْأَوْلَى مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ أَقْرَضُوهُ) أَيْ أَقْرَضَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ الْمُصَالِحَ (قَدْرَهَا) أَيْ قَدْرَ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ (وَأَحَالَهُمْ) أَيْ أَحَالَ الْمُصَالِحُ الْوَرَثَةَ (بِهِ) أَيْ بِالْقَرْضِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُمْ (عَلَى الْغُرَمَاءِ) وَهُمْ يَقْبَلُونَ الْحَوَالَةَ (وَصَالَحُوهُ عَنْ غَيْرِهِ) أَيْ عَنْ غَيْرِ الدَّيْنِ بِمَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا صَحَّ.

وَفِي التَّبْيِينِ وَلَا وَجْهَ مِنْهُ أَنْ يَبِيعُوا كَفًّا مِنْ تَمْرٍ أَوْ نَحْوِهِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ ثُمَّ يُحِيلُهُمْ عَلَى الْغُرَمَاءِ أَوْ يُحِيلُهُمْ ابْتِدَاءً

<<  <  ج: ص:  >  >>