أَوْ الْمُضَارِبِ لِكَوْنِهَا وَكَالَةً وَهِيَ تَبْطُلُ بِهِ وَلَا يُوَرَّثُ.
(وَ) تَبْطُلُ أَيْضًا (بِلِحَاقِ رَبِّ الْمَالِ) بِدَارِ الْحَرْبِ حَالَ كَوْنِهِ (مُرْتَدًّا) وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ - تَعَالَى - إذَا حُكِمَ بِلُحُوقِهِ مِنْ يَوْمِ ارْتَدَّ وَانْتَقَلَ مِلْكُهُ إلَى وَرَثَتِهِ فَلَمْ يَتَصَرَّفْ الْمُضَارِبُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمَالِ إلَّا إذَا كَانَ مَتَاعًا أَوْ عُرُوضًا فَبَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ فِيهِ جَائِزٌ حَتَّى يُحَصِّلَ رَأْسَ الْمَالِ.
قَيَّدَ بِلُحُوقِهِ لِأَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ وَلَمْ يَلْحَقْ وَتَصَرُّفُهُ مَوْقُوفٌ فَإِنْ عَادَ بَعْدَ لُحُوقِهِ مُسْلِمًا فَالْمُضَارَبَةُ عَلَى حَالِهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ مَحَلَّ التَّصَرُّفِ خَرَجَ عَنْ مِلْكِ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ الْوَكِيلِ بِخِلَافِ الْمُضَارِبِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا إذَا لَمْ يُحْكَمْ بِلُحُوقِهِ أَمَّا إذَا حُكِمَ فَلَا تَعُودُ الْمُضَارَبَةُ لِأَنَّهَا بَطَلَتْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَتْقَانِيِّ لَكِنْ فِي الْعِنَايَةِ: تَعُودُ سَوَاءٌ حُكِمَ بِلِحَاقِهِ أَوْ لَا.
(لَا) تَبْطُلُ الْمُضَارَبَةُ (بِلِحَاقِ الْمُضَارِبِ) إجْمَاعًا لِأَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمُرْتَدِّ إنَّمَا تَتَوَقَّفُ عِنْدَ الْإِمَامِ لِلتَّوَقُّفِ فِي أَمْلَاكِهِ، وَلَا مِلْكَ لِلْمُضَارِبِ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَبَقِيَتْ الْمُضَارَبَةُ عَلَى حَالِهَا فَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ أَوْ لَحِقَ وَحُكِمَ بِلِحَاقِهِ بَطَلَتْ الْمُضَارَبَةُ كَمَا فِي السِّرَاجِ.
(وَلَا يَنْعَزِلُ) الْمُضَارِبُ (بِعَزْلِهِ) أَيْ بِعَزْلِ رَبِّ الْمَالِ إيَّاهُ (مَا لَمْ يَعْلَمْ) الْمُضَارِبُ (بِهِ) أَيْ بِالْعَزْلِ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ مِنْ جِهَتِهِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْعِلْمُ بِعَزْلِهِ (فَإِنْ عَلِمَ) الْمُضَارِبُ بِعَزْلِهِ (وَالْمَالُ عُرُوضٌ فَلَهُ) أَيْ لِلْمُضَارِبِ (بَيْعُهَا) أَيْ الْعُرُوضِ مُطْلَقًا لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الرِّبْحِ وَلَا يَظْهَرُ إلَّا بِالنَّقْدِ فَيَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الْبَيْعِ لِيَظْهَرَ ذَلِكَ (وَلَا يَتَصَرَّفُ فِي ثَمَنِهَا) أَيْ فِي ثَمَنِ الْعُرُوضِ الَّتِي بَاعَهَا لِأَنَّ الْبَيْعَ بَعْدَ الْعَزْلِ كَانَ لِلضَّرُورَةِ لِيَظْهَرَ الرِّبْحُ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَعْدَ النَّقْدِ وَلَا يَمْلِكُ الْمَالِكُ فَسْخَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِأَنَّ لِلْمُضَارِبِ حَقًّا فِي الرِّبْحِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(وَإِنْ كَانَ) مَالُ الْمُضَارَبَةِ (نَقْدًا مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ مَالِ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ حِينَ أَعْلَمَهُ بِعَزْلِهِ (لَا يَتَصَرَّفُ) الْمُضَارِبُ (فِيهِ) أَيْ النَّقْدِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَهُوَ مَعْزُولٌ (وَإِنْ) كَانَ الْمَالُ (مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ) أَيْ غَيْرِ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُضَارِبِ (تَبْدِيلُهُ بِجِنْسِهِ) أَيْ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمَ وَهُوَ مَعْزُولٌ وَمَعَهُ دَنَانِيرُ لَهُ بَيْعُهَا بِالدَّرَاهِمِ (اسْتِحْسَانًا) لِأَنَّ الْوَاجِبَ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَ رَأْسِ الْمَالِ، وَهُوَ يَتَحَقَّقُ بِرَدِّ جِنْسِهِ فَكَانَ لَهُ تَبْدِيلُهُ بِجِنْسِهِ ضَرُورَةً.
وَفِي الْقِيَاسِ لَا يُبَدِّلُ لِأَنَّ النَّقْدَيْنِ جِنْسٌ وَاحِدٌ مِنْ حَيْثُ الثَّمَنِيَّةُ.
(وَلَوْ افْتَرَقَا) أَيْ الْمُضَارِبُ وَرَبُّ الْمَالِ بِالْفَسْخِ (وَ) كَانَ (فِي الْمَالِ دَيْنٌ عَلَى النَّاسِ لَزِمَهُ) أَيْ الْمُضَارِبَ (الِاقْتِضَاءُ) أَيْ مُطَالَبَةُ الدَّيْنِ شَرْعًا (إنْ كَانَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute