للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَالرَّأْسِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ كُلُّهَا فَرْضٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ غَسْلُ مَا تَحْتَهَا أُقِيمَ مَسْحُهَا مَقَامَ مَسْحِ مَا تَحْتَهَا فَيُفْرَضُ مَسْحُ الْكُلِّ بِخِلَافِ الرَّأْسِ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ عَارِيًّا عَنْ الشَّعْرِ لَا يَجِبُ غَسْلُ كُلِّهِ، وَلَا مَسْحُ كُلِّهِ وَقَدْ ذَكَرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّبُعِ رُبُعُ مَا يُلَاقِي بَشَرَةَ الْوَجْهِ؛ إذْ لَا يَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى مَا اُسْتُرْسِلَ مِنْ الذَّقَنِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ.

وَفِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ مَسْحُ مَا يَسْتُرُ الْبَشَرَةَ فَرْضٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ انْتَهَى وَقَالَ ابْنُ الْكَمَالِ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ مَرْجُوعٌ عَنْهَا

وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُهَا؛ لِأَنَّ الْبَشَرَةَ خَرَجَتْ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَجْهًا لِعَدَمِ الْمُوَاجَهَةِ لِاسْتِتَارِهَا بِالشَّعْرِ وَصَارَ ظَاهِرُ الشَّعْرِ الْمُلَاقِي إيَّاهَا ظَاهِرُ الْوَجْهِ؛ لِأَنَّ الْمُوَاجَهَةَ تَقَعُ بِهِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَقَالَ: وَإِنَّمَا مَوَاضِعُ الْوُضُوءِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَالظَّاهِرُ هُوَ الشَّعْرُ لَا الْبَشَرَةُ فَيَجِبُ غَسْلُهُ.

(وَسُنَنُهُ) أَيْ الْوُضُوءِ السُّنَّةُ مَا وَاظَبَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَعَ تَرْكِهَا أَحْيَانَا فَإِنَّ الْمُوَاظَبَةَ إنْ كَانَتْ عَلَى سَبِيلِ الْعِبَادَةِ فَسُنَنُ الْهَدْيِ وَفِي فِعْلِهَا الثَّوَابُ وَتَرْكِهَا الْعِتَابُ لَا الْعِقَابُ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى سَبِيلِ الْعَادَةِ فَسُنَنُ الزَّوَائِدِ وَتَرْكُهَا لَا يَسْتَوْجِبُ إسَاءَةً، وَالْإِضَافَةُ بِمَعْنَى اللَّازِمِ قَالَ صَاحِبُ الْفَرَائِدِ فِي شَرْحِهِ الظَّاهِرُ: إنَّهَا عَلَى صِيغَةِ الْإِفْرَادِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: وَفَرْضُ الْوُضُوءِ بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ أَيْضًا انْتَهَى، وَفِيهِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمُسَلَّمٍ؛ لِأَنَّ الْفُرُوضَ وَإِنْ كَثُرَتْ فَهِيَ فِي حُكْمِ شَيْءٍ وَاحِدٍ حَيْثُ يَفْسُدُ بَعْضُهَا عِنْدَ فَوَاتِ الْبَعْضِ الْآخَرِ بِخِلَافِ السُّنَّةِ فَإِنَّ أَحْكَامَهَا وَدَلَائِلَهَا مُسْتَقِلَّةٌ؛ إذْ كُلٌّ مِنْهَا بَعْدُ فَضِيلَةٌ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْأُخْرَى وَالتَّنْظِيرُ لَيْسَ بِمَحَلِّهِ (غَسْلُ الْيَدَيْنِ إلَى الرُّسْغَيْنِ ابْتِدَاءً) الرُّسْغُ الْمِفْصَلُ الَّذِي بَيْنَ السَّاعِدِ وَالْكَفِّ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ لِلْمُسْتَيْقِظِ لِئَلَّا يَلْزَمَ كَوْنُ تِلْكَ السُّنَّةِ مُخْتَصَّةً بِالْمُسْتَيْقِظِ؛ إذْ هُوَ مَسْنُونٌ لِكُلِّ مَنْ يَشْرَعُ فِي الْوُضُوءِ ابْتِدَاءً هُوَ الْمُخْتَارُ وَقَيْدُ الِاسْتِيقَاظِ الْوَاقِعُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا اتِّفَاقِيٌّ.

(وَالتَّسْمِيَةُ) وَهِيَ سُنَّةٌ فِي ابْتِدَاءِ الْوُضُوءِ مُطْلَقًا هَذَا اخْتِيَارُ الطَّحَاوِيِّ وَالْقُدُورِيِّ وَذَهَبَ أَحْمَدُ إلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ شَرْطٌ فِي الْوُضُوءِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا صَلَاةَ لِمَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>