يَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ فِي شَرِكَةِ الصَّنَائِعِ، وَالتَّقَبُّلُ لِعَدَمِ الْجَهَالَةِ الْمُفْضِيَةِ إلَى النِّزَاعِ قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ: هَذِهِ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ.
وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ شَرِكَةَ الْوُجُوهِ أَنْ يَشْتَرِكَا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا بِوُجُوهِهِمَا وَيَبِيعَا وَلَيْسَ شَيْءٌ فِي هَذِهِ مِنْ بَيْعٍ وَلَا شِرَاءٍ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ شَرِكَةَ الْوُجُوهِ انْتَهَى. لَكِنْ يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِأَنَّ مُرَادَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ بِشَرِكَةِ الْوُجُوهِ لَيْسَ مَا هُوَ الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ الْمَارُّ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ بَلْ مُرَادُهُ بِهَا هَهُنَا مَا وَقَعَ فِيهِ تَقَبُّلُ الْعَمَلِ بِالْوَجَاهَةِ يُرْشِدُك إلَيْهِ قَوْلُهُ: هَذَا بِوَجَاهَتِهِ يَقْبَلُ، وَهَذَا بِحَذَاقَتِهِ يَعْمَلُ وَيُمْكِنُ بِوَجْهٍ آخَرَ أَنَّهُ أَطْلَقَ عَلَيْهِ شَرِكَةَ الْوُجُوهِ تَغْلِيبًا لِجِهَةِ الْوَجَاهَةِ عَلَى جِهَةِ الْعَمَلِ لِكَوْنِهَا سَبَبًا تَأَمَّلْ.
(وَكَذَا) صَحَّ (لَوْ اسْتَأْجَرَ جَمَلًا يَحْمِلُ عَلَيْهِ مَحْمَلًا وَرَاكِبَيْنِ) يَقْعُدَانِ فِيهِ (إلَى مَكَّةَ) اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الرَّاكِبُ وَهُوَ مَعْلُومٌ، وَالْمَحْمَلُ تَابِعٌ وَمَا فِيهِ مِنْ الْجَهَالَةِ تَزُولُ بِالصَّرْفِ إلَى الْمُعْتَادِ فَلِهَذَا قَالَ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَأْجِرِ (الْمَحْمَلُ الْمُعْتَادُ بَيْنَ النَّاسِ) ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِجَهَالَتِهِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ (وَإِنْ شَاهَدَ الْجَمَّالُ الْمَحْمَلَ فَهُوَ أَجْوَدُ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِحُصُولِ الرِّضَى.
(وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ) أَيْ الْجَمَلَ (لِحَمْلِ زَادٍ فَأَكَلَ) الْمُسْتَأْجِرُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الزَّادِ فِي الطَّرِيقِ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَأْجِرِ (رَدُّ عِوَضِهِ) أَيْ عِوَضِ مَا أَكَلَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ حَمْلٌ مَعْلُومٌ فِي جَمِيعِ الطَّرِيقِ فَلَهُ اسْتِيفَاؤُهُ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي الْأَظْهَرِ لَا يَرُدُّهُ، وَلَوْ شَرَطَ رَدَّهُ صَحَّ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ شَرَطَ عَدَمَهُ لَا يَصِحُّ بِالْإِجْمَاعِ.
(وَلَوْ قَالَ لِغَاصِبِ دَارِهِ: فَرِّغْهَا) أَيْ الدَّارَ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تُفَرِّغْ (فَأَجْرُهَا كُلَّ شَهْرٍ كَذَا فَلَمْ يُفَرِّغْ) الْغَاصِبُ بَعْدَ ذَلِكَ بَلْ مَكَثَ فِيهَا أَيَّامًا (فَعَلَيْهِ) أَيْ الْغَاصِبِ (الْمُسَمَّى) أَيْ الَّذِي سَمَّاهُ لَهُ الْمَالِكُ مِنْ الْأَجْرِ لِوُجُودِ الِالْتِزَامِ بِسَبَبِ عَدَمِ التَّفْرِيعِ (فَإِنْ جَحَدَ الْغَاصِبُ مِلْكَهُ) أَيْ كَوْنَ الدَّارِ مِلْكَ مَنْ يَدَّعِيهَا (أَوْ لَمْ يَجْحَدْ لَكِنْ قَالَ: لَا أُرِيدُهَا) أَيْ الدَّارَ (بِالْأَجْرِ فَلَا) عَلَيْهِ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ مُلْتَزِمًا بِالْإِجَارَةِ.
(وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (بَرْهَنَ) الْمُدَّعِي (عَلَى مِلْكِهِ بَعْدَ جَحْدِهِ) أَيْ بَعْدَ جَحْدِ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تُفِيدُ فِي حَقِّ الْإِجَارَةِ، وَكَذَا لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ إذَا أَقَرَّ بِالْمِلْكِ لَهُ لَكِنْ قَالَ لَهُ: لَا أُرِيدُ بِالْإِقْرَارِ الْأَجْرَ لِعَدَمِ رِضَاهُ صَرِيحًا بِالْإِجَارَةِ (وَمَنْ آجَرَ مَا اسْتَأْجَرَهُ بِأَكْثَرَ) مِنْ الْأَجْرِ الْأَوَّلِ (يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ) ؛ لِأَنَّهُ رِبْحُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute