الْأَبِ مُقْصَرًا عَلَى زَمَانِ الْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ هُوَ الْعِتْقُ فَلَا يَرْجِعُونَ بِهِ.
(وَلَوْ تَزَوَّجَ عَجَمِيٌّ) حُرُّ الْأَصْلِ (لَهُ مَوْلَى مُوَالَاةٍ أَوْ لَا مُعْتَقَةً) سَوَاءٌ كَانَتْ مُعْتَقَةَ الْعَرَبِ أَوْ الْعَجَمِ وَمَا وَقَعَ فِي الْقُدُورِيِّ وَهُوَ مَنْ تَزَوَّجَ مِنْ الْعَجَمِ بِمُعْتَقَةِ الْعَرَبِ. اتِّفَاقِيٌّ (فَوَلَدَتْ) وَلَدًا (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعَجَمِ (فَوَلَاءُ الْوَلَدِ لِمَوَالِيهَا) أَيْ مَوَالِي الْأُمِّ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ حُكْمُهُ) أَيْ حُكْمُ الْوَلَدِ (حُكْمُ أَبِيهِ) فَيَكُونُ الْوَلَاءُ لِمَوَالِي أَبِيهِ لَا مَوَالِيهَا؛ لِأَنَّهُ كَالنَّسَبِ وَالنَّسَبُ إلَى الْأَبِ وَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ أَشْرَفَ لِكَوْنِهِ أَقْوَى وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَلَهُمَا أَنْ وَلَاءَ الْعَتَاقَةِ قَوِيٌّ مُعْتَبَرٌ وَالنَّسَبُ بَيْنَ الْعَجَمِيِّينَ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُمْ ضَيَّعُوا أَنْسَابَهُمْ وَلَا تَفَاخُرَ لَهُمْ بِهِ وَوَلَاءُ الْمُوَالَاةِ ضَعِيفٌ وَالضَّعِيفُ لَا يُعَارِضُ الْقَوِيَّ قُيِّدَ بِعَجَمِيٍّ؛ لِأَنَّ أَبَاهُ إنْ كَانَ عَرَبِيًّا يَكُونُ وَلَاؤُهُ لِمَوَالِي أَبِيهِ اتِّفَاقًا لِشَرَفِ نَسَبِهِ وَقَيَّدْنَا بِحُرِّ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْأَبَوَيْنِ لَوْ كَانَا مُعْتَقَيْنِ فَالنِّسْبَةُ إلَى قَوْمِ الْأَبِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا وَالتَّرْجِيحُ لِجَانِبِ الْأَبِ
وَقُيِّدَ بِمَوْلَى الْمُوَالَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَوْلَى عَتَاقَةٍ فَوَلَاؤُهُ لِمَوَالِي أَبِيهِ اتِّفَاقًا وَفَصَّلَ صَاحِبُ الدُّرَرِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأُمَّ إذَا كَانَتْ حُرَّةَ الْأَصْلِ بِمَعْنَى عَدَمِ الرِّقِّ فِي أَصْلِهَا فَلَا وَلَاءَ عَلَى وَلَدِهَا؛ لِأَنَّهُ كَمَا لَا يَنْتَقِلُ الْوَلَاءُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَهِيَ قَوْلُهُ وَمَنْ أَعْتَقَ حَامِلًا إلَى آخِرِهِ فَلَأَنْ لَا يَنْتَقِلَ عِنْدَ كَوْنِهَا حُرَّةَ الْأَصْلِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى وَيُوَافِقُ مَا ذُكِرَ فِي الْبَدَائِعِ وَالتَّكْمِلَةِ وَمُخْتَصَرِ الْمُحِيطِ مِنْ اشْتِرَاطِ عَدَمِ كَوْنِ الْأُمِّ حُرَّةً أَصْلِيَّةً فِي ثُبُوتِ الْوَلَاءِ وَأَمَّا مَا فِي الْمُنْيَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ الْمُخَالَفَةَ لَكِنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى مَا حُقِّقَ فِي الدُّرَرِ وَذَهَبَ الْبَعْضُ إلَى ثُبُوتِهِ عِنْدَ كَوْنِ الْأُمِّ حُرَّةً أَصْلِيَّةً
وَمِنْ عُلَمَاءِ هَذِهِ الدَّوْلَةِ مِنْهُمْ مَنْ أَفْتَى عَلَى الثُّبُوتِ وَمِنْهُمْ مَنْ عَلَى خِلَافِهِ وَالْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ أَفْتَى أَوَّلًا عَلَى الثُّبُوتِ ثُمَّ رَجَعَ وَأَفْتَى عَلَى خِلَافِهِ وَثَبَتَ عَلَيْهِ كَمَا فَصَّلَ فِي حَاشِيَةِ عَزْمِي زَادَهْ عَلَى الدُّرَرِ وَمُوجِبُ مَا يَقْتَضِيهِ الْأُصُولُ عَدَمُ الثُّبُوتِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ يَتَفَرَّعُ عَلَى زَوَالِ الْمِلْكِ وَهُوَ عَلَى ثُبُوتِهِ وَثُبُوتُهُ فِي الْوَلَدِ مِنْ جَانِبِ الْأُمِّ أَلْبَتَّةَ وَإِذَا كَانَتْ حُرَّةً أَصْلِيَّةً كَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْمِلْكُ عَلَى الْوَلَدِ
وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَنَبَّهَ أَنَّ لَفْظَ حُرِّ الْأَصْلِ يُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَيَيْنِ عَدَمِ جَرْيِ الرِّقِّ عَلَى النَّفْسِ مِنْ حِينِ الْعُلُوقِ مَعَ جَرْيِهِ عَلَى الْأَصْلِ وَعَدَمِ جَرْيِهِ عَلَى الْأَصْلِ أَبَدًا وَالِاخْتِلَافُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي وَأَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَلَا نِزَاعَ فِي الثُّبُوتِ وَمَرْجِعُ مَسَائِلِ الْوَلَاءِ إلَى هَذِهِ الصُّوَرِ وَهِيَ أَنَّ الْوَلَدَ إمَّا أَنْ تَكُونَ أُمُّهُ حُرَّةً أَصْلِيَّةً بِهَذَا الْمَعْنَى أَوْ لَا وَحِينَئِذٍ إمَّا أَنْ تَكُونَ مُعْتَقَةً حَالَ الْحَمْلِ مِنْ قِنٍّ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ سَنَةٍ أَوْ لَا وَحِينَئِذٍ إمَّا أَنْ يَكُونَ أَبُوهُ رَقِيقًا أَوْ لَا وَحِينَئِذٍ إمَّا أَنْ يَكُونَ حُرَّ الْأَصْلِ بِهَذَا الْمَعْنَى أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ عَرَبِيًّا أَوْ لَا فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ فَفِي الْأُولَى وَالْخَامِسَةِ لَا وَلَاءَ أَصْلًا وَفِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ الْوَلَاءُ لِقَوْمِ الْأُمِّ وَفِي الرَّابِعَةِ لِقَوْمِ الْأَبِ وَفِي السَّادِسَةِ لِقَوْمِ الْأُمِّ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَفِي قَوْلِ الْمُصَنَّفِ مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute