للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ الشَّفِيعُ عَلَى أَنْ يَسْكُتَ عَنْ طَلَبِ الشُّفْعَةِ فَسَكَتَ لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ (وَلَا) تَصِحُّ (رِدَّتُهُ) لِمَا مَرَّ مِنْ الرُّخْصَةِ فِي إظْهَارِ الْكُفْرِ إذَا أُكْرِهَ بِالْمُلْجِئِ (فَلَا تَبِينُ بِهَا) أَيْ بِهَذِهِ الرِّدَّةِ (امْرَأَتُهُ) لِعَدَمِ الْحُكْمِ بِرِدَّتِهِ وَإِنَّمَا قَيَّدَنَا إذَا أُكْرِهَ بِالْمُلْجِئِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ بِغَيْرِهِ فَقَطْ صَحَّتْ رِدَّتُهُ فَتَبِينُ امْرَأَتُهُ.

(فَإِنْ ادَّعَتْ) الْمَرْأَةُ (تَحَقُّقَ مَا أَظْهَرَهُ وَادَّعَى) الْمُكْرَهُ (أَنَّ قَلْبَهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ صُدِّقَ) اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ الْكُفْرِ سَبَبٌ لِلْبَيْنُونَةِ بِهَا فَيَسْتَوِي فِيهَا الطَّائِعُ وَالْمُكْرَهُ كَلَفْظَةِ الطَّلَاقِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ غَيْرُ مَوْضُوعَةٍ لِلْفِرْقَةِ وَإِنَّمَا يَقَعُ بِاعْتِبَارِ تَغَيُّرِ الِاعْتِقَادِ وَالْإِكْرَاهُ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ تَغَيُّرِهِ فَلَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ كَمَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ. .

(وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَاءِ فَفَعَلَ) الْمُكْرَهُ (حُدَّ مَا لَمْ يُكْرِهُهُ السُّلْطَانُ) لِمَا مَرَّ أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يَتَحَقَّقُ مِنْ غَيْرِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ فَالزِّنَاءُ لَا يُوجَدُ مَعَ الْإِكْرَاهِ (وَعِنْدَهُمَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ) لِمَا مَرَّ أَنَّ الْإِكْرَاهَ يَتَحَقَّقُ مِنْ السُّلْطَانِ وَمِنْ غَيْرِهِ فَلَا يُحَدُّ فِي الصُّورَتَيْنِ (وَبِهِ) أَيْ بِقَوْلِ الْإِمَامَيْنِ (يُفْتَى) إذْ لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْحُجَّةِ فَإِنَّ حُكْمَ الْإِكْرَاهِ لَا خِلَافَ فِيهِ وَإِنَّمَا النَّظَرُ فِي أَنْ يَقَعَ مِنْ غَيْرِ سُلْطَانٍ أَوَّلًا فَإِنْ وَقَعَ مِنْ غَيْرِهِ إكْرَاهٌ مُلْجِئٌ كَمَا فِي زَمَانِنَا يَجْرِي عَلَى حُكْمِهِ بِلَا نَكِيرٍ.

وَقَالَ زُفَرُ يُحَدُّ؛ لِأَنَّ انْتِشَارَ الْآلَةِ دَلِيلُ الطَّوَاعِيَةِ وَلَنَا أَنَّ انْتِشَارَ الْآلَةِ قَيْدٌ يَكُونُ طَبْعًا لَا طَوْعًا كَمَا فِي النَّائِمِ وَالصَّبِيِّ كَمَا فِي بَعْضِ الْمُعْتَبَرَاتِ فَعَلَى هَذَا انْدَفَعَ عَلَى مَا قَالَ صَاحِبُ الْإِصْلَاحِ مِنْ أَنَّ مَدَارَ الْجَوَابِ هُنَا لَيْسَ عَلَى ذَلِكَ الْأَصْلِ الْخِلَافُ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ النَّاظِرِينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَلْ عَلَى أَصْلٍ آخَرَ قَرَّرَهُ الزَّاهِدِيُّ حَيْثُ قَالَ إنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الزِّنَاءِ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِانْتِشَارِ الْآلَةِ وَالْإِكْرَاهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الِانْتِشَارِ فَكَانَ طَوْعًا فَيَجِبُ الْحَدُّ إلَّا أَنْ يَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ؛ لِأَنَّ إقَامَةَ الْحَدِّ إلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَيْهِ انْتَهَى لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْأَصْلِ مُعْتَبَرٌ بَلْ عَلَى زُفَرَ كَمَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ لِابْنِ الشَّيْخِ.

وَفِي التَّنْوِيرِ أَكْرَهُهُ الْقَاضِي لِيُقِرَّ بِسَرِقَةٍ أَوْ قَتْلِ رَجُلٍ بِعَمْدٍ أَوْ بِقَطْعِ يَدِ رَجُلٍ بِعَمْدٍ فَأَقَرَّ بِذَلِكَ فَقُطِعَتْ يَدَهُ أَوْ قُتِلَ إنْ كَانَ الْمُقِرُّ مَوْصُوفًا بِالصَّلَاحِ اُقْتُصَّ مِنْ الْقَاضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>