هُوَ التِّسْعَةُ قَالَ الْمَشَايِخُ هَذَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ فَلَا يُقَالُ لِلْغَاصِبِ اقْلَعْ الْبِنَاءَ أَوْ الْغَرْسَ وَرُدَّ الْأَرْضَ بَلْ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْأَرْضِ فَيَمْلِكُهَا بِالضَّمَانِ وَبِهِ يُفْتِي بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَكِنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ مَا ذُكِرَ فِي الْمَتْنِ وَبِهِ يُفْتِي الْبَعْضُ فِي زَمَانِنَا سَدًّا لِبَابِ الظُّلْمِ هَذَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مِلْكًا أَمَّا إذَا كَانَتْ وَقْفًا فَيُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ وَالرَّدِّ مُطْلَقًا.
وَفِي التَّبْيِينِ وَعَلَى هَذَا لَوْ ابْتَلَعَتْ دَجَاجَةٌ لُؤْلُؤَةً يُنْظَرُ أَيُّهُمَا أَكْثَرُ قِيمَةً فَلِصَاحِبِهِ أَنْ يَأْخُذَ وَيَضْمَنَ قِيمَةَ الْآخَرِ وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ لَوْ أَدْخَلَ فَصِيلَ غَيْرِهِ فِي دَارِهِ وَكَبِرَ فِيهَا وَلَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهُ إلَّا بِهَدْمِ الْجِدَارِ وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ لَوْ أَدْخَلَ الْبَقَرُ رَأْسَهُ فِي قَدْرٍ مِنْ النُّحَاسِ فَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ.
(وَإِنْ صَبَغَ) الْغَاصِبُ (الثَّوْبَ) الَّذِي غَصَبَهُ (أَحْمَرَ أَوْ أَصْفَرَ أَوْ لَتَّ السَّوِيقَ) الَّذِي غَصَبَهُ (بِسَمْنٍ فَالْمَالِكُ) بِالْخِيَارِ (إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ) أَيْ الْغَاصِبَ (قِيمَةَ ثَوْبِهِ) حَالَ كَوْنِهِ (أَبْيَضَ) أَيْ أَخَذَ قِيمَةَ ثَوْبٍ أَبْيَضَ؛ لِأَنَّهُ مُتْلَفٌ مِنْ وَجْهٍ.
(وَ) ضَمَّنَهُ (مِثْلَ سَوِيقِهِ) لِكَوْنِهِ مِثْلِيًّا وَتَرَكَ مَا غَصَبَهُ الْغَاصِبُ لَهُ (أَوْ أَخَذَهُمَا) أَيْ إنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ وَالسَّوِيقَ (وَضَمِنَ مَا زَادَ الصَّبْغُ وَالسَّمْنُ) فِي الثَّوْبِ وَالسَّوِيقِ؛ لِأَنَّ الصَّبْغَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ كَالثَّوْبِ وَبِغَصْبِهِ وَصَبْغِهِ لَا يَسْقُطُ حُرْمَةُ مَالِهِ وَيَجِبُ صِيَانَتُهُمَا مَا أَمْكَنَ وَذَا فِي إيصَالِ مَعْنَى مَالِ أَحَدِهِمَا إلَيْهِ وَإِيفَاءِ حَقِّ الْآخَرِ فِي عَيْنِ مَالِهِ وَهُوَ فِيمَا قُلْنَا مِنْ التَّخْيِيرِ إلَّا أَنَّا أَثْبَتْنَا الْخِيَارَ لِرَبِّ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ أَصْلٍ وَالْغَاصِبُ صَاحِبُ وَصْفٍ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُؤْمَرُ الْغَاصِبُ بِقَلْعِ الصَّبْغِ بِالْغَسْلِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَيُسَلِّمُهُ وَإِنْ انْتَقَصَ قِيمَةُ الثَّوْبِ بِذَلِكَ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ النُّقْصَانِ.
(وَإِنْ صَبَغَهُ) أَيْ الثَّوْبَ (أَسْوَدَ ضَمَّنَهُ) أَيْ الْمَالِكُ (قِيمَتَهُ أَبْيَضَ أَوْ أَخَذَهُ بِلَا رَدِّ شَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الصَّبْغَ بِالسَّوَادِ (نَقْصٌ) عِنْدَ الْإِمَامِ (وَعِنْدَهُمَا الْأَسْوَدُ كَغَيْرِهِ وَهُوَ) أَيْ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَبَيْنَهُمَا (اخْتِلَافُ زَمَانٍ) فَإِنْ بَنِي أُمَيَّةَ فِي زَمَانِهِ كَانُوا يَمْتَنِعُونَ عَنْ لُبْسِ السَّوَادِ وَفِي زَمَانِهِمَا بَنُو الْعَبَّاسِ كَانُوا يَلْبَسُونَ السَّوَادَ فَأَجَابَ كُلٌّ عَلَى مَا شَاهَدَهُ
وَفِي التَّنْوِيرِ رَدَّ غَاصِبُ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوبَ عَلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ يُبَرَّأُ عَنْ ضَمَانِهِ كَمَا لَوْ هَلَكَ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ فَأَدَّى الْقِيمَةَ إلَى الْغَاصِبِ إذَا كَانَ قَبْضُهُ الْقِيمَةَ مَعْرُوفًا
غَصَبَ شَيْئًا ثُمَّ غَصَبَهُ آخَرُ مِنْهُ فَأَرَادَ الْمَالِكُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ الضَّمَانِ مِنْ الْأَوَّلِ وَبَعْضَهُ مِنْ الثَّانِي لَهُ ذَلِكَ
الْإِجَازَةُ لَا تَلْحَقُ الْإِتْلَافَ فَلَوْ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ تَعَدِّيًا فَقَالَ الْمَالِكُ أَجَزْت أَوْ رَضِيت لَمْ يُبَرَّأْ مِنْ الضَّمَانِ
كَسَرَ الْغَاصِبُ الْخَشَبَ فَاحِشًا لَا يَمْلِكُهُ وَلَوْ كَسَرَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَمْ يَنْقَطِعْ الرُّجُوعُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute