اعْتِبَارًا بِالِاسْتِصْنَاعِ (وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى) وَهُوَ اخْتِيَارُ مَشَايِخِ بَلْخِي قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي دِيَارِنَا (وَشَرْطُهُ) أَيْ الْأَجْرِ (عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ مُفْسِدٌ اتِّفَاقًا) لِعَدَمِ التَّعَامُلِ بِذَلِكَ.
(وَمَا) كَانَ (قَبْلَ الْإِدْرَاكِ كَالسَّقْيِ وَالْحِفْظِ فَهُوَ عَلَى الْمُزَارِعِ وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (وَلَمْ يَشْتَرِطْ) لِأَنَّ ذَلِكَ مُوجِبُ عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ يُزَادُ بِهِ الزَّرْعُ وَلَا يُنْقَصُ.
وَفِي الْهِدَايَةِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ عَمَلٍ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ كَالسَّقْيِ وَالْحِفْظِ فَهُوَ عَلَى الْعَامِلِ وَمَا كَانَ مِنْهُ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَهُوَ عَلَيْهِمَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَالْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَأَشْبَاهِهِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ وَمَا كَانَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَهُوَ عَلَيْهِمَا قَالَ فِي الْعِنَايَةِ لَكِنْ فِيمَا هُوَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ عَلَى الِاشْتِرَاكِ وَفِيمَا هُوَ بَعْدَهَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نَصِيبِهِ خَاصَّةً لِتَمَيُّزِ مِلْكِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ مِلْكِ الْآخَرِ.
(وَإِذَا كَانَ الْبَذْرُ وَالْأَرْضُ لِأَحَدِهِمَا وَالْعَمَلُ وَالْبَقَرُ لِلْآخَرِ أَوْ) كَانَتْ (الْأَرْضُ لِأَحَدِهِمَا وَالْبَقِيَّةُ) مِنْ الْعَمَلِ وَالْبَذْرِ وَالْبَقَرِ (لِلْآخَرِ أَوْ) كَانَ الْعَمَلُ (لِأَحَدِهِمَا وَالْبَقِيَّةُ) مِنْ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ (لِلْآخَرِ صَحَّتْ) الْمُزَارَعَةُ فِي الْكُلِّ.
أَمَّا الْأُولَى فَلِأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ يَقَعُ عَلَى الْعَمَلِ هُنَا وَالْبَقَرُ آلَةٌ لِلْعَامِلِ كَمَا يَقَعُ الِاسْتِئْجَارُ فِي الْخِيَاطَةِ عَلَى الْخَيْطِ وَيُجْعَلُ إبْرَتُهُ آلَةً لَهَا.
وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِأَنَّ صَاحِبَ الْبَذْرِ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْخَارِجِ كَاسْتِئْجَارِهَا بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ. وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَلِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ اسْتَأْجَرَ الْعَامِلَ لِيَعْمَلَ بِآلَةِ الْمُسْتَأْجِرِ فَصَارَ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ خَيَّاطًا لِيَخِيطَ ثَوْبَهُ بِإِبْرَتِهِ أَوْ لِيُطَيِّنَ بِمَرِّهِ.
(وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ وَالْبَقَرُ لِأَحَدِهِمَا وَالْبَذْرُ وَالْعَمَلُ لِلْآخَرِ بَطَلَتْ) الْمُزَارَعَةُ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْبَذْرِ يَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا بِالْبَذْرِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِكَوْنِ الِانْتِفَاعِ بِالِاسْتِهْلَاكِ أَوْ يَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا لِلْبَقَرِ مَعَ الْأَرْضِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ التَّعَامُلِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْعَادَةِ وَالْقِيَاسُ يُتْرَكُ بِهِ.
(وَكَذَا) تَبْطُلُ (لَوْ كَانَ الْبَذْرُ وَالْبَقَرُ لِأَحَدِهِمَا وَالْأَرْضُ وَالْعَمَلُ لِلْآخَرِ) ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِهِ (أَوْ) كَانَ (الْبَذْرُ لِأَحَدِهِمَا وَالْبَاقِي) وَهُوَ الْعَمَلُ وَالْبَقَرُ وَالْأَرْضُ (لِلْآخَرِ) وَإِنَّمَا بَطَلَتْ لِأَنَّ الْعَامِلَ أَجِيرٌ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ تُجْعَلَ الْأَرْضُ تَبَعًا لَهُ لِاخْتِلَافِ مَنْفَعَتِهِمَا وَهَهُنَا صُورَةٌ أُخْرَى لَمْ يَذْكُرْهَا وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الْبَقَرُ مِنْ وَاحِدٍ وَالْبَاقِي مِنْ الْآخَرِ قَالُوا هِيَ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِئْجَارُ الْبَقَرِ بِأَجْرٍ مَجْهُولٍ إذْ لَا تَعَامُلَ فِي اسْتِئْجَارِ الْبَقَرِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ فَلَا يُعْلَمُ مَا هُوَ أَجْرُهُ بِحَسَبِ التَّعَامُلِ.
وَفِي التَّنْوِيرِ دَفَعَ رَجُلٌ أَرْضَهُ إلَى آخَرَ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا بِنَفْسِهِ وَبَقَرِهِ وَالْبَذْرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا كَذَلِكَ فَعَمِلَا عَلَى هَذَا فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ وَيَكُونُ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ أَجْرٌ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ نِصْفِ الْأَرْضِ لِصَاحِبِهَا وَكَذَلِكَ تَفْسُدُ لَوْ كَانَ الْبَذْرُ ثُلُثَاهُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَثُلُثُهُ مِنْ الْآخَرِ وَالرَّيْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى