للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرَادَ تَجْدِيدَ لَفِّهَا نَقَضَهَا كَمَا لَفَّهَا) وَلَا يُلْقِيهَا عَلَى الْأَرْضِ دَفْعَةً وَاحِدَةً هَكَذَا نَقَلَ مَنْ فَعَلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ.

(وَيَحِلُّ لِلنِّسَاءِ لُبْسُ الْحَرِيرِ وَلَا يَحِلُّ لِلرِّجَالِ) وَلَوْ بِحَائِلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَدَنِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «نَهَى عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَقَالَ إنَّمَا يَلْبَسُهُ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ أَيْ لَا نَصِيبَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ» وَإِنَّمَا جَازَ لِلنِّسَاءِ بِحَدِيثٍ آخَرَ وَهُوَ مَا رَوَاهُ عِدَّةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مِنْهُمْ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ وَبِإِحْدَى يَدَيْهِ حَرِيرٌ وَبِالْأُخْرَى ذَهَبٌ وَقَالَ هَذَانِ حَرَامَانِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حَلَالٌ لِإِنَاثِهِمْ» وَيُرْوَى حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ إلَّا أَنَّ الْقَلِيلَ عَفْوٌ وَعَنْ هَذَا قَالَ (الْأَقْدَرُ أَرْبَعُ أَصَابِعَ) مَضْمُومَةٌ فَلَا يَحْرُمُ فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَحِلُّ.

وَفِي الْقُنْيَةِ مِنْ أَصَابِعِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَذَلِكَ قَيْسُ شِبْرِنَا يُرَخَّصُ فِيهِ.

وَفِي الْمِنَحِ الْقَلِيلُ مِنْ الْحَرِيرِ عَفْوٌ وَهُوَ مِقْدَارُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ أَوْ أَرْبَعِ يَعْنِي مَضْمُونَةً وَذَلِكَ (كَالْعَلَمِ) ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَلْبَسُونَ الثِّيَابَ وَعَلَيْهَا الْأَعْلَامُ وَالطِّرَازُ فِي تِلْكَ الْأَعْصَارِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْأَرْبَعِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَبِسَ جُبَّةً مَكْفُوفَةً بِالْحَرِيرِ» وَرُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَبِسَ فَرْوَةً أَطْرَافُهَا مِنْ الدِّيبَاجِ» وَكَانَ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُ تَبَعٌ كَمَا فِي السِّرَاجِ وَفِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ الْعَلَمُ حَلَالٌ مُطْلَقًا صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا انْتَهَى هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا وَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ مِنْ التَّقْيِيدِ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ أَوْ أَرْبَعَ وَفِيهِ رُخْصَةٌ عَظِيمَةٌ لِمَنْ اُبْتُلِيَ بِذَلِكَ مِنْ الْأَشْرَافِ وَالْعُظَمَاءِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ فِي طَرَفِ الْقَلَنْسُوَةِ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ قَدْرَ أَرْبَعَ أَصَابِعَ أَوْ دُونَهَا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ فِي الْقَلَنْسُوَةِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ أَصَابِعَ وَفِي الْمُجْتَبِي وَإِنَّمَا رَخَّصَ الْإِمَامُ فِي الْعَلَمِ فِي عَرْضِ الثَّوْبِ قُلْت وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَلِيلَ فِي طُولِهِ يُكْرَهُ وَبِهِ جَزَمَ مَوْلَى خُسْرو وَلَكِنَّ إطْلَاقَ الْهِدَايَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ مُخَالِفٌ.

وَفِي الْقُنْيَةِ نَقْلًا عَنْ بُرْهَانِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ أَنَّ عِنْدَ الْإِمَامِ لَا يُكْرَهُ لُبْسُ الْحَرِيرِ إذَا لَمْ يَتَّصِلْ بِجِلْدِهِ حَتَّى لَوْ لَبِسَهُ فَوْقَ قَمِيصٍ مِنْ غَزْلٍ أَوْ نَحْوِهِ لَا يُكْرَهُ عِنْدَهُ فَكَيْفَ إذَا لَبِسَهُ فَوْقَ قَبَاءٍ أَوْ شَيْءٍ آخَرَ مَحْشُوًّا وَكَانَتْ جُبَّةً مِنْ حَرِيرٍ بِطَانَتُهَا لَيْسَ بِحَرِيرٍ وَلَوْ لَبِسَهَا فَوْقَ قَمِيصٍ غَزْلِيٍّ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَفِي هَذَا رُخْصَةٌ عَظِيمَةٌ فِي مَوْضِعٍ عَمَّ بِهِ الْبَلْوَى وَلَكِنْ طَلَبْتُ هَذَا الْقَوْلَ عَنْ الْإِمَامِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ فَلَمْ أَجِدْ سِوَى هَذَا ثُمَّ قَالَ نَقْلًا عَنْ الْحَلْوَانِيِّ قَالَ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ إنَّمَا يُكْرَهُ لُبْسُ الْحَرِيرِ إذَا كَانَ يَمَسُّ الْجِلْدَ وَمَا لَا فَلَا وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ حَرِيرٍ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ أَمَا تَرَى إلَى مَا يَلِي الْجَسَدِ وَكَانَ تَحْتَهُ ثَوْبٌ مِنْ قُطْنٍ ثُمَّ قَالَ إلَّا أَنَّ الصَّحِيحَ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْكُلَّ حَرَامٌ.

وَفِي الْجَامِعِ لِلْبَزْدَوِيِّ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ أَبَاحَ لُبْسَ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ لِلرِّجَالِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هِيَ حَرَامٌ عَلَى النِّسَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>