للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْهُ لِأَنَّ تَعَلُّمَهُ عُلِمَ بِالِاجْتِهَادِ فَلَا يُنْتَقَضُ بِاجْتِهَادٍ آخَرَ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ فِي مِلْكِهِ بِأَنْ يَأْكُلَهُ أَوْ يُتْلِفَهُ لَا تَظْهَرُ الْحُرْمَةُ لِانْعِدَامِ الْمَحَلِّيَّةِ وَإِنَّمَا قُلْنَا مُحْرَزًا فِي بَيْتِهِ لِأَنَّ مَا لَيْسَ بِمُحْرَزٍ بِأَنْ كَانَ فِي الْمَفَازَةِ بَعْدَ تَثْبِيتٍ فِيهِ الْحُرْمَةُ اتِّفَاقًا.

(فَإِنْ شَرِبَ الْكَلْبُ مِنْ دَمِهِ) أَيْ دَمِ الصَّيْدِ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْ لَحْمِهِ (أَوْ نَهَسَهُ) أَيْ الْكَلْبُ (فَقَطَعَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الصَّيْدِ (بَضْعَةً) أَيْ قِطْعَةً مِنْ اللَّحْمِ (فَرَمَاهَا) أَيْ رَمَى الصَّائِدُ تِلْكَ الْبَضْعَةِ (وَاتَّبَعَهُ) أَيْ اتَّبَعَ الْكَلْبُ الصَّيْدَ بَعْدَ النَّهْسِ وَالْقَطْعِ وَالرَّمْيِ فَأَخَذَهُ وَقَتَلَهُ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ (أُكِلَ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ بِالشُّرْبِ بِدُونِ الْأَكْلِ أَمْسَكَ عَلَى صَاحِبِهِ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَكَذَا إذَا قَطَعَ مِنْهُ بِضْعَةً وَلَمْ يَأْكُلْ الصَّيْدَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مِنْ غَايَةِ عِلْمِهِ حَيْثُ شَرِبَ مَا لَا يَصْلُحُ لِصَاحِبِهِ وَأَمْسَكَ عَلَيْهِ مَا يَصْلُحُ لَهُ وَكَذَا إذَا لَمْ يَأْكُلْ وَأَخَذَ مَا رَمَاهُ يَدُلُّ عِلْمُهُ بِأَنَّ غَيْرَ مَا رَمَاهُ مَطْلُوبُ صَاحِبِهِ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا سَلَّمَ الصَّيْدَ صَاحِبَهُ وَذَا كَافٍ فِي تَحَقُّقِ عِلْمِهِ.

(وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (أَكَلَ) الْكَلْبُ (تِلْكَ الْبِضْعَةَ بَعْدَ صَيْدِهِ) لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِأَكْلٍ مِنْ الصَّيْدِ إذْ لَمْ يَبْقَ صَيْدًا بَعْدَ تَسْلِيمِهِ وَقَبْضِ صَاحِبِهِ.

(وَكَذَا) يُؤْكَلُ (لَوْ أَكَلَ مَا أَطْعَمَهُ صَاحِبُهُ مِنْ الصَّيْدِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ صَيْدًا كَمَا إذَا أَلْقَى إلَيْهِ طَعَامًا غَيْرَهُ (أَوْ أَكَلَ هُوَ) أَيْ الْكَلْبُ (بِنَفْسِهِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الصَّيْدِ بِأَنْ خَطَفَ شَيْئًا مِنْهُ (بَعْدَ إحْرَازِ صَاحِبِهِ) لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ صَيْدًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (بِخِلَافِ مَا لَوْ أَكَلَ الْقِطْعَةَ قَبْلَ أَخْذِهِ الصَّيْدَ) أَيْ نَهَسَ الصَّيْدَ فَقَطَعَ مِنْهُ بُضْعَةً فَأَكَلَهَا ثُمَّ أَدْرَكَ الصَّيْدَ فَقَتَلَهُ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ لَا يُؤْكَلُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ أَكَلَ فِي حَالَةِ الِاصْطِيَادِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ جَاهِلٌ مُمْسِكٌ عَلَى نَفْسِهِ.

(وَإِنْ خَنَقَهُ) أَيْ خَنَقَ الْكَلْبُ الصَّيْدَ (وَلَمْ يَجْرَحْهُ لَا يُؤْكَلُ) لِأَنَّ الْجَرْحَ شَرْطٌ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ بِالْكَسْرِ وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ إذَا كَسَرَ عُضْوًا فَقَتَلَهُ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ لِأَنَّهُ جِرَاحَةٌ بَاطِنَةٌ فَهِيَ كَالْجِرَاحَةِ الظَّاهِرَةِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْغَايَةِ الْفَتْوَى عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.

(وَكَذَا إنْ شَارَكَهُ كَلْبٌ غَيْرُ مُعَلَّمٍ أَوْ كَلْبٌ مَجُوسِيٌّ أَوْ كَلْبٌ تَرَكَ مُرْسِلُهُ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَدْرَكَةٌ لِأَنَّهَا ذُكِرَتْ بِعَيْنِهَا آنِفًا فَلَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِهَا ثَانِيًا إلَّا أَنْ يُقَالَ تَوْطِئَةً إلَى قَوْلِهِ.

(وَإِنْ أَرْسَلَ مُسْلِمٌ كَلْبَهُ فَزَجَرَهُ مَجُوسِيٌّ فَانْزَجَرَ) وَالْمُرَادُ بِالزَّجْرِ التَّهْيِيجُ أَيْ هَيَّجَهُ مَجُوسِيٌّ فَهَاجَ بِأَنْ صَاحَ عَلَيْهِ فَازْدَادَ فِي الْعَدْوِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (حَلَّ) أَكْلُ الصَّيْدِ (وَبِالْعَكْسِ) يَعْنِي إنْ أَرْسَلَهُ مَجُوسِيٌّ فَزَجَرَهُ مُسْلِمٌ فَانْزَجَرَ (حَرُمَ) أَكْلُهُ الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْإِرْسَالُ وَالْإِغْرَاءُ فَالْعِبْرَةُ لِلْإِرْسَالِ لِأَنَّ الزَّجْرَ دُونَ الْإِرْسَالِ لِكَوْنِهِ بِنَاءً عَلَى الْإِرْسَالِ فَلَا يُنْسَخُ بِهِ الْإِرْسَالُ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِمِثْلِهِ أَوْ بِمَا فَوْقَهُ كَمَا فِي نَسْخِ الْآيِ فَلَا يَرْتَفِعُ إرْسَالُ الْمُسْلِمِ بِزَجْرِ الْمَجُوسِيِّ وَلَا إرْسَالُهُ بِزَجْرِ الْمُسْلِمِ فَبَقِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ.

وَفِي الْهِدَايَةِ وَكُلُّ مَنْ لَا تَجُوزُ ذَكْوَتُهُ كَالْمُرْتَدِّ وَالْمُحْرِمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>