للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْعِبْرَةَ بِالْمُسَاكَنَةِ لَا بِالنَّفَقَةِ حَتَّى إنَّ الزَّوْجَةَ لَوْ دَفَعَتْ الرَّهْنَ إلَى الزَّوْجِ لَا يَضْمَنُ إنْ هَلَكَ مَعَ أَنَّ الزَّوْجَ لَيْسَ فِي نَفَقَتِهَا (فَإِنْ حَفِظَهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ (بِغَيْرِهِمْ) أَيْ بِغَيْرِ الْمَذْكُورِينَ (أَوْ أَوْدَعَهُ) الْمُرْتَهِنُ عِنْدَ آخَرَ (فَهَلَكَ ضَمِنَ) الْمُرْتَهِنُ (كُلَّ قِيمَتِهِ) لِأَنَّ الْمَالِكَ مَا أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَيَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهِ كَالْمَغْصُوبِ لِكَوْنِهِ مُتَعَدِّيًا وَهَلْ يَضْمَنُ الْمُودِعُ الثَّانِيَ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي بَيَّنَّاهُ فِي مُودِعِ الْمُودَعَ ثُمَّ إنْ قَضَى بِقِيمَةِ الرَّهْنِ فِيمَا إذَا تَعَدَّى الْمُرْتَهِنُ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ يَتَقَاصَّا بِمُجَرَّدِ الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا وَيُطَالِبُ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ بِالْفَضْلِ إنْ كَانَ هُنَاكَ فَضْلٌ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا يَضْمَنُ قِيمَةَ الرَّهْنِ وَتَكُونُ الْقِيمَةُ رَهْنًا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ أَخَذَهُ الْمُرْتَهِنُ بِدَيْنِهِ وَإِنْ قَضَى بِالْقِيمَةِ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ كَانَ الضَّمَانُ رَهْنًا عِنْدَهُ إلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ لِأَنَّهُ بَدَلُ الرَّهْنِ فَأَخَذَ حُكْمَهُ.

(وَكَذَا) يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهِ (إنْ تَعَدَّى فِيهِ) أَيْ فِي الرَّهْنِ صَرِيحًا كَمَا فِي الْغَصْبِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى مِقْدَارِ الدَّيْنِ أَمَانَةٌ وَالْأَمَانَاتُ تُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ.

(أَوْ جَعَلَ الْخَاتَمَ) الرَّهْنَ (فِي خِنْصَرِهِ) فَهَلَكَ يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ (فَإِنْ جَعَلَهُ) أَيْ الْخَاتَمَ وَالظَّاهِرُ بِالْوَاوِ لَا بِالْفَاءِ (فِي أُصْبُعٍ غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ الْخِنْصَرِ (فَلَا) يَضْمَنُ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ حِفْظًا فَظُهُورُ التَّعَدِّي فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى الْعَادَةِ وَلَوْ رَهَنَهُ خَاتَمَيْنِ فَلَبِسَ خَاتَمًا فَوْقَ خَاتَمٍ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَتَجَمَّلُ بِلِبْسِ خَاتَمَيْنِ ضَمِنَ وَإِلَّا كَانَ حَافِظًا فَلَا يَضْمَنُ وَكَذَا يَضْمَنُ بِتَقَلُّدِ سَيْفَيْ الرَّهْنِ لِأَنَّهُ أَيْضًا اسْتِعْمَالٌ لَا الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ حِفْظٌ فَإِنَّ الشُّجْعَانَ يَتَقَلَّدُونَ فِي الْعَادَةِ بِسَيْفَيْنِ لَا الثَّلَاثَةِ.

(وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُرْتَهِنِ (مُؤْنَةُ حِفْظِهِ) أَيْ الرَّهْنِ أَيْ مَا يَحْتَاجُ فِي حِفْظِ نَفْسِ الرَّهْنِ.

(وَ) مُؤْنَةُ (رَدِّهِ) أَيْ رَدِّ الرَّهْنِ (إلَى يَدِهِ) أَيْ إلَى يَدِ الْمُرْتَهِنِ إنْ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ كَجُعْلِ الْآبِقِ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ مِثْلَ الدَّيْنِ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْهُ فَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ أَيْضًا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَلِذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ (أَوْ) كَذَا مُؤْنَةُ (رَدِّ جُزْئِهِ) إلَى يَدِ الْمُرْتَهِنِ بِأَنْ تَبْيَضَّ عَيْنُ الرَّهْنِ أَوْ يَحْدُثَ بِهِ مَرَضٌ آخَرُ فَمُدَاوَاتُهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ الْإِمْسَاكَ حَقٌّ لَهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَتَكُونُ الْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ (كَأُجْرَةِ بَيْتِ حِفْظِهِ وَ) أُجْرَةِ (حَافِظِهِ) .

وَفِي الْهِدَايَةِ هَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ كِرَاءَ الْمَأْوَى عَلَى الرَّاهِنِ بِمَنْزِلَةِ النَّفَقَةِ لِأَنَّهُ سَعَى فِي تَبْقِيَتِهِ وَمِنْ هَذَا الْقِسْمِ جَعْلُ الْآبِقِ فَإِنَّهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَى إعَادَةِ يَدِ الِاسْتِيفَاءِ الَّتِي كَانَتْ لَهُ لَيَرُدَّهُ وَكَانَتْ مِنْ مُؤْنَةِ الرَّدِّ فَيَلْزَمُهُ وَهَذَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ وَالدَّيْنِ سَوَاءٌ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَكْثَرَ فَعَلَيْهِ بِقَدْرِ الْمَضْمُونِ وَعَلَى الرَّاهِنِ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ وَالرَّدُّ لِإِعَادَةِ الْيَدِ وَيَدُهُ فِي الزِّيَادَةِ يَدُ الْمَالِكِ إذْ هُوَ كَالْمُودِعِ فِيهَا فَلِهَذَا يَكُونُ عَلَى الْمَالِكِ وَهَذَا بِخِلَافِ أُجْرَةِ الْبَيْتِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فَإِنَّ كُلَّهَا يَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>