للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّاهِنُ لِلْعَدْلِ أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ كَيْفَ شَاءَ فَبَاعَ نِصْفَهُ وَإِنَّهُ يَمْنَعُ بَقَاءَ الرَّهْنِ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْمِنَحِ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ لِأَنَّ حُكْمَ الْبَقَاءِ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ فَأَشْبَهَ الْهِبَةَ وَإِنَّمَا فَسَدَ لِأَنَّ هَذَا الشُّيُوعَ رَاجِعٌ إلَى مَحِلِّ الرَّهْنِ وَمَا يَرْجِعُ إلَى مَحِلٍّ فَالْبَقَاءُ كَالِابْتِدَاءِ وَقَدْ قَالُوا بِاسْتِثْنَاءِ الْهِبَةِ مِنْ هَذَا الْأَصْلِ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إلَى الْقَبْضِ إلَّا عِنْدَ الْعَقْدِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ فَإِنَّ حُكْمَهُ دَوَامُ الْقَبْضِ فَعَلَى هَذَا انْدَفَعَ مَا قَالَهُ أَبُو الْمَكَارِمِ مِنْ أَنْ وَجْهَهُ عَلَى مَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْكَلَامَ فِي مَحِلِّ الرَّهْنِ فَالْبَقَاءُ وَالِابْتِدَاءُ فِيهِ سَوَاءٌ كَالْمَحْرَمِيَّةِ فِي النِّكَاحِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مَنْقُوضٌ بِالْهِبَةِ فَإِنَّ الشُّيُوعَ فِيهَا مَانِعُ ابْتِدَاءٍ لَا بَقَاءٍ فَالْوَجْهُ الْأَلْيَقُ بِالْمَقَامِ هُوَ بَيَانُ الْفَرْقِ بَيْنَ الرَّهْنِ وَالْهِبَةِ انْتَهَى تَدَبَّرْ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا قَبِلَ الْبَيْعَ قَبِلَ الرَّهْنَ إلَّا فِي أَرْبَعَةٍ بَيْعُ الْمُشَاعِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ بَيْعُ الْمَشْغُولِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ بَيْعُ الْمُتَّصِلِ بِغَيْرِهِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ بَيْعُ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِشَرْطٍ قَبْلَ وُجُودِهِ فِي غَيْرِ الدَّيْنِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ.

(وَلَا) يَصِحُّ (رَهْنُ الثَّمَرِ عَلَى الشَّجَرِ بِدُونِ الشَّجَرِ وَلَا) يَصِحُّ رَهْنُ (الزَّرْعِ فِي الْأَرْضِ بِدُونِهَا) أَيْ بِدُونِ الْأَرْضِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ فِي الرَّهْنِ وَلَا يُمْكِنُ قَبْضُ الْمُتَّصِلِ بِغَيْرِهِ وَحْدَهُ فَصَارَ فِي مَعْنَى الْمُشَاعِ (وَلَا) يَصِحُّ رَهْنُ (الشَّجَرِ أَوْ الْأَرْضِ مَشْغُولَيْنِ بِالثَّمَرِ وَالزَّرْعِ) دُونَ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ لِأَنَّ الِاتِّصَالَ يَقُومُ بِالطَّرَفَيْنِ فَصَارَ الْأَصْلُ الْمَرْهُونُ إذَا كَانَ مُتَّصِلًا بِمَا لَيْسَ بِرَهْنٍ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ قَبْضُ الْمَرْهُونِ وَحْدَهُ وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّ رَهْنَ الْأَرْضِ بِدُونِ الشَّجَرِ جَائِزٌ لِأَنَّ الشَّجَرَ اسْمٌ لِلنَّابِتِ فَيَكُونُ اسْتِثْنَاءُ الْأَشْجَارِ بِمَوَاضِعِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا رَهَنَ الدَّارَ بِدُونِ الْبِنَاءِ وَلِأَنَّ الْبِنَاءَ اسْمٌ لِلْمَبْنِيِّ فَيَصِيرُ رَاهِنًا جَمِيعَ الْأَرْضِ وَهِيَ مَشْغُولَةٌ بِمِلْكِ الرَّاهِنِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.

(وَلَوْ رَهَنَ الشَّجَرَ بِمَوَاضِعِهَا) جَازَ لِأَنَّهُ رَهَنَ الْأَرْضَ بِمَا فِيهَا مِنْ الشَّجَرِ وَذَلِكَ جَائِزٌ وَمُجَاوَرَةُ مَا لَيْسَ بِرَهْنٍ لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ وَلَوْ كَانَ فِيهِ ثَمَرٌ يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِاتِّصَالِهِ بِهِ فَيَدْخُلُ تَبَعًا تَصْحِيحًا لِلْعَقْدِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ بَيْعَ النَّخِيلِ بِدُونِ الثَّمَرِ جَائِزٌ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى إدْخَالِهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِهِ وَبِخِلَافِ الْمَتَاعِ فِي الدَّارِ حَيْثُ لَا يَدْخُلُ فِي رَهْنِ الدَّارِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَابِعٍ بِوَجْهٍ مَا وَكَذَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ وَالرُّطَبَةُ رَهْنَ الْأَرْضِ وَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ وَيَدْخُلُ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ فِي رَهْنِ الْأَرْضِ أَيْ لَوْ قَالَ رَهَنْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَأَطْلَقَ الْقَوْلَ وَلَمْ يَخُصَّ شَيْئًا دَخَلَ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ.

(أَوْ) رَهَنَ (الدَّارَ بِمَا فِيهَا) أَيْ الدَّارِ (جَازَ) .

وَفِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ اسْتَحَقَّ بَعْضَهُ إنْ كَانَ الْبَاقِي يَجُوزُ ابْتِدَاءُ الرَّاهِنِ عَلَيْهِ وَحْدَهُ بَقِيَ رَهْنًا بِحِصَّتِهِ وَإِلَّا بَطَلَ كُلُّهُ لِأَنَّ الرَّهْنَ جُعِلَ كَأَنَّهُ مَا وَرَدَ إلَّا عَلَى الْبَاقِي وَيَمْنَعُ التَّسْلِيمَ كَوْنُ الرَّهْنِ أَوْ مَتَاعِهِ فِي الدَّارِ الْمَرْهُونَةِ وَكَذَا مَتَاعُهُ فِي الْوِعَاءِ الْمَرْهُونَةِ وَيَمْنَعُ تَسْلِيمَ الدَّابَّةِ الْمَرْهُونَةِ الْحَمْلُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>