الِاسْتِدْلَالِ بِهَا رَأْسًا لِأَنَّ مَبْنَى اسْتِدْلَالِ الشَّافِعِيِّ عَلَى حَمْلِ اللَّامِ لِلْجِنْسِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
(الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ) لِعُمُومَاتِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَتَلَ مُسْلِمًا بِذِمِّيٍّ» وَإِنَّمَا أَعْطَوْا الْجِزْيَةَ لِتَكُونَ أَمْوَالُهُمْ كَأَمْوَالِنَا وَدِمَاؤُهُمْ كَدِمَائِنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ» وَلِأَنَّهُ لَا مُسَاوَاةَ بَيْنَهُمَا وَقْتَ الْجِنَايَةِ وَكَذَا الْكُفْرُ مُبِيحٌ فَيُورِثُ الشُّبْهَةَ وَلَنَا أَنَّ الْمُسَاوَاةَ فِي الْعِصْمَةِ ثَابِتَةٌ نَظَرًا إلَى التَّكْلِيفِ أَوْ الدَّارِ وَالْمُبِيحُ كُفْرُ الْمُحَارِبِ دُونَ الْمُسَالِمِ وَالْقَتْلُ بِمِثْلِهِ يُؤْذِنُ بِانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ وَالْمُرَادُ بِمَا رَوَاهُ الْحَرْبِيُّ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ وَالْعَطْفُ لِلْمُغَايَرَةِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (وَلَا يُقْتَلَانِ) أَيْ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ (بِمُسْتَأْمَنٍ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْصُومِ الدَّمِ عَلَى التَّأْبِيدِ كَمَا مَرَّ (بَلْ) يُقْتَلُ (الْمُسْتَأْمَنُ بِمِثْلِهِ) لِلْمُسَاوَاةِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الْقِيَاسُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ أَنْ لَا يُقْتَلُ لِقِيَامِ مُبِيحِ الْقَتْلِ فِيهِ.
وَفِي الْمِنَحِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الْعَمَلَ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ إلَّا فِي مَسَائِلَ مَضْبُوطَةٍ يُعْمَلُ فِيهَا بِالْقِيَاسِ لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْهَا وَقَدْ اقْتَصَرَ مُلَّا خُسْرو فِي مُخْتَصَرِهِ عَلَى الْقِيَاسِ انْتَهَى.
(وَ) يُقْتَلُ (الذَّكَرُ بِالْأُنْثَى) .
وَفِي النِّهَايَةِ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى} [البقرة: ١٧٨] قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا يُقْتَلُ الذَّكَرُ بِالْأُنْثَى لَكِنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِعَامَّةِ كُتُبِ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ (وَ) يُقْتَلُ (الْعَاقِلُ بِالْمَجْنُونِ) لَا بِعَكْسِهِ (وَ) يُقْتَلُ (الْبَالِغُ بِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْبَالِغِ لَا بِعَكْسِهِ أَيْضًا (وَ) يُقْتَلُ (الصَّحِيحُ بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ الصَّحِيحِ كَالْأَعْمَى وَالزَّمِنِ (وَ) يُقْتَلُ (كَامِلُ الْأَطْرَافِ بِنَاقِصِهَا) أَيْ بِنَاقِصِ الْأَطْرَافِ لِلْعُمُومَاتِ الْمَذْكُورَةِ.
(وَ) يُقْتَلُ (الْفَرْعُ بِأَصْلِهِ) وَإِنْ عَلَا لِعَدَمِ الْمَسْقَطِ (لَا) يُقْتَلُ (الْأَصْلُ بِفَرْعِهِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يُقَادُ الْوَالِدُ بِوَلَدِهِ» فَالْوَالِدُ يَتَنَاوَلُ الْجَدَّ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَإِنْ عَلَا وَالْوَالِدَةَ وَالْجَدَّةَ مِنْ طَرَفِ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَإِنْ عَلَتْ وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ حُجَّةٌ عَلَى مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ يُقَادُ إذَا ذَبَحَهُ ذَبْحًا وَلِأَنَّهُ سَبَبٌ لِإِحْيَائِهِ فَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يُسْتَحَقَّ لَهُ إفْنَاؤُهُ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُهُ وَإِنْ وَجَدَهُ فِي صَفِّ الْأَعْدَاءِ مُقَاتِلًا أَوْ زَانِيًا وَهُوَ مُحْصَنٌ وَالْقِصَاصُ يَسْتَحِقُّهُ الْمَقْتُولُ ثُمَّ يَخْلُفُهُ الْوَارِثُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (بَلْ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِ) الْأَبِ (الْقَاتِلِ) لِأَنَّهُ قَتَلَ ابْنَهُ عَمْدًا وَالْعَاقِلَةُ لَا تَعْقِلُ الْعَمْدَ (فِي ثَلَاثِ سِنِينَ) .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تَجِبُ فِي الْحَالِ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ كَانَ لِلتَّخْفِيفِ فِي حَقِّ الْخَاطِئِ وَهَذَا عَامِدٌ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ وَلَنَا أَنَّ الْمَالَ لَيْسَ بِمُمَاثِلٍ لِلنَّفْسِ فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَكُونَ بَدَلًا عَنْهَا إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِهِ مُؤَجَّلًا فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ.
(وَلَا) يُقْتَلُ (السَّيِّدُ بِعَبْدِهِ أَوْ مُدَبَّرِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ) لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ الْقِصَاصُ لَوَجَبَ لَهُ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَجِبَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ قِصَاصٌ (وَعَبْدِ وَلَدِهِ) أَيْ لَا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِقَتْلِ عَبْدِ وَلَدِهِ لِأَنَّ الْوَالِدَ لَا يَسْتَوْجِبُ الْقِصَاصَ عَلَى الْأَبِ (وَعَبْدُ بَعْضِهِ لَهُ) أَيْ وَلَا يُقْتَلُ الْمَوْلَى بِقَتْلِ عَبْدٍ بَعْضُهُ لَهُ وَبَعْضُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute