خَطَأً فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ مَتَى زَعَمَ أَنَّ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ فَقَدْ ادَّعَى دِيَتَهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَإِبْرَاءَ الْعَبْدِ وَالْمَوْلَى فَلَزِمَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ وَلَمْ يُصَدَّقْ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِلَا حُجَّةٍ.
(وَإِنْ قَالَ مُعْتَقٌ) عَلَى صِيغَةِ الْمَفْعُولِ: (قَتَلْت أَخَا زَيْدٍ) قَتْلًا خَطَأً (قَبْلَ عِتْقِي وَقَالَ زَيْدٌ: بَلْ بَعْدَهُ) (فَالْقَوْلُ لِلْمُعْتَقِ) لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلضَّمَانِ لِأَنَّهُ أَسْنَدَهُ إلَى حَالَةٍ مُنَافِيَةٍ لِلضَّمَانِ وَهَذَا لِأَنَّ الْوُجُوبَ فِي جِنَايَةِ الْعَبْدِ عَلَى الْمَوْلَى دَفْعًا أَوْ فِدَاءً فَلَا يُتَصَوَّرُ وُجُوبُ الضَّمَانِ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ عَلَى الْعَبْدِ فِي حَالِ رَقِّهِ بِحَالٍ.
(وَإِنْ قَالَ الْمَوْلَى لِأَمَةٍ: أَعْتَقَهَا) أَيْ أَمَةَ نَفْسِهِ (قَطَعْت) عَلَى صِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ (يَدَك قَبْلَ الْعِتْقِ وَقَالَتْ) الْأَمَةُ: لَا (بَلْ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ لَهَا) أَيْ لِلْأَمَةِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ ثُمَّ ادَّعَى مَا يُبَرِّئُهُ وَهِيَ تُنْكِرُ فَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ.
(وَكَذَا) الْقَوْلُ (فِي كُلِّ مَا نَالَ مِنْهَا) أَيْ أَخَذَ الْمَوْلَى مِنْ الْأَمَةِ (إلَّا الْجِمَاعَ وَالْغَلَّةَ) بِأَنْ قَالَ: وَطِئْتُك وَأَنْتِ أَمَتِي وَقَالَتْ: لَا بَلْ بَعْدَ الْعِتْقِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَكَذَا إذَا أَخَذَ مِنْ غَلَّتِهَا أَيْ أَكْسَابِهَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ وَإِنْ كَانَتْ مَدْيُونَةً وَهَذَا عِنْدَهُمَا (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَضْمَنُ) الْمَوْلَى (إلَّا شَيْئًا) قَائِمًا (بِعَيْنِهِ يُؤْمَرُ) الْمَوْلَى (بِرَدِّهِ إلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْأَمَةِ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ وُجُوبَ الضَّمَانِ لِإِسْنَادِهِ الْفِعْلَ إلَى حَالَةٍ مَعْهُودَةٍ مُنَافِيَةٍ لَهُ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَكَمَا فِي الْوَطْءِ وَالْغَلَّةِ وَفِي الشَّيْءِ الْقَائِمِ أَقَرَّ بِيَدِهَا حَيْثُ اعْتَرَفَ بِالْأَخْذِ مِنْهَا ثُمَّ ادَّعَى التَّمَلُّكَ عَلَيْهَا وَهِيَ مُنْكِرَةٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ فَلِهَذَا يُؤْمَرُ بِالرَّدِّ إلَيْهَا وَلَهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ ثُمَّ ادَّعَى مَا يُبَرِّئُهُ فَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ كَمَا إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: فَقَأْت عَيْنَك الْيُمْنَى وَعَيْنِي الْيُمْنَى صَحِيحَةٌ ثُمَّ فُقِئَتْ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: لَا بَلْ فَقَأْتَهَا وَعَيْنُك الْيُمْنَى ذَاهِبَةٌ وَلِي عَلَيْك الْأَرْشُ فَالْقَوْلُ لِلْمَفْقُوءِ عَيْنُهُ وَعَلَى الْفَاقِئِ الْأَرْشُ لِأَنَّ الْقَضَاءَ حَصَلَ مَضْمُونًا بِتَصَادُقِهِمَا إلَّا أَنَّ الْفَاقِئَ يَدَّعِي الْبَرَاءَةَ وَخَصْمَهُ مُنْكِرٌ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ.
(وَلَوْ أَمَرَ عَبْدٌ مَحْجُورٌ أَوْ صَبِيٌّ صَبِيًّا بِقَتْلِ رَجُلٍ فَقَتَلَهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ) لِأَنَّهُ هُوَ الْقَاتِلُ حَقِيقَةً وَعَمْدُهُ وَخَطَؤُهُ سَوَاءٌ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآمِرِ سَوَاءٌ كَانَ عَبْدًا مَحْجُورًا أَوْ صَبِيًّا لِأَنَّهُمَا لَا يُؤَاخَذَانِ بِأَقْوَالِهِمَا لِعَدَمِ اعْتِبَارِهَا شَرْعًا (وَرَجَعُوا) أَيْ الْعَاقِلَةُ (عَلَى الْعَبْدِ بَعْدَ عِتْقِهِ) لِأَنَّ عَدَمَ اعْتِبَارِ قَوْلِ الْعَبْدِ إنَّمَا هُوَ لِحَقِّ الْمَوْلَى وَقَدْ زَالَ حَقُّ الْمَوْلَى بِالْإِعْتَاقِ (لَا عَلَى الصَّبِيِّ الْأَمْرِ) أَيْ لَا تَرْجِعُ الْعَاقِلَةُ عَلَى الصَّبِيِّ الْآمِرِ لِنُقْصَانِ الْأَهْلِيَّةِ.
وَفِي التَّبْيِينِ لَا تَرْجِعُ الْعَاقِلَةُ عَلَى الْعَبْدِ أَيْضًا لِأَنَّ هَذَا ضَمَانُ جِنَايَةٍ وَهُوَ عَلَى الْمَوْلَى لَا عَلَى الْعَبْدِ وَقَدْ تَعَذَّرَ إيجَابُهُ عَلَى الْمَوْلَى لِمَكَانِ الْحَجْرِ وَهَذَا أَوْفَقُ لِلْقَوَاعِدِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَبْدَ إذَا أَقَرَّ بَعْدَ الْعِتْقِ بِالْقَتْلِ قَبْلَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِكَوْنِهِ أَسْنَدَهُ إلَى حَالَةٍ مُنَافِيَةٍ لِلضَّمَانِ وَلِهَذَا لَوْ حَفَرَ الْعَبْدُ بِئْرًا فَأَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ وَقَعَ فِيهِ إنْسَانٌ فَهَلَكَ لَا يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا تَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ لَا تُوجِبُ عَلَيْهِ شَيْئًا وَإِنَّمَا تُوجِبُ عَلَى الْمَوْلَى فَتَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَوْ مَاتَ فِيهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute