وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ مَنْ فَاتَتْهُ وُجُوبَ التَّرْتِيبِ وَفَسَادَ صَلَاتِهِ بِدُونِهِ أَمَّا إذَا عَلِمَ فَعَلَيْهِ إعَادَةُ الْكُلِّ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْعَبْدَ يُكَلَّفُ بِمَا عِنْدَهُ (لَا عِنْدَهُمَا) لِأَنَّ سُقُوطَ التَّرْتِيبِ حُكْمُ الْكَثْرَةِ وَكُلُّ مَا هُوَ حُكْمُ الْعِلَّةِ يَتَأَخَّرُ عَنْ عِلَّتِهِ فَسُقُوطُ التَّرْتِيبِ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا يَقَعُ مِنْ الصَّلَوَاتِ بَعْدَ الْكَثْرَةِ لَا فِيمَا قَبْلَهَا وَهُوَ الْقِيَاسُ.
وَقَالَ صَاحِبُ مِنَحِ الْغَفَّارِ وَعِبَارَةِ الْهِدَايَةِ: ثُمَّ الْعَصْرُ يَفْسُدُ فَسَادًا مَوْقُوفًا أَيْ لِتَرْكِ الظُّهْرِ حَتَّى لَوْ صَلَّى سِتَّ صَلَوَاتٍ وَلَمْ يُعِدْ الظُّهْرَ انْقَلَبَ الْكُلُّ جَائِزًا وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ حَتَّى لَوْ صَلَّى خَمْسَ صَلَوَاتٍ وَلَمْ يُعِدْ الظُّهْرَ انْقَلَبَ الْكُلُّ جَائِزًا لِأَنَّ كَثْرَةَ الْمُسْقِطَةِ بِصَيْرُورَةِ الْفَوَائِتِ سِتًّا وَإِذَا صَلَّى خَمْسًا وَخَرَجَ وَقْتُ الْخَمْسَةِ صَارَتْ الصَّلَوَاتُ سِتًّا بِالْفَائِتَةِ الْمَتْرُوكَةِ أَوَّلًا وَعَلَى مَا صَوَّرَهُ يَقْتَضِي أَنْ تَصِيرَ الصَّلَوَاتُ سَبْعًا وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ انْتَهَى، أَقُولُ: فِيهِ كَلَامٌ لِأَنَّ مُرَادَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ حَتَّى لَوْ صَلَّى سِتَّ صَلَوَاتٍ تَأْكِيدُ خُرُوجِ وَقْتِ الْخَامِسَةِ مِنْ الْمُؤَدَّيَاتِ لَا أَدَاءِ السَّادِسَةِ وَيُؤَيِّدُهُ سِيَاقُ كَلَامِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَلَوْ فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ رَتَّبَهَا فِي الْقَضَاءِ إلَّا أَنْ تَزِيدَ عَلَى سِتٍّ فَقَدْ قَيَّدَ سُقُوطَ التَّرْتِيبِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى سِتٍّ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَكَذَا بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَحْدُ الْكُثْرِ أَنْ تَصِيرَ الْفَوَائِتُ سِتًّا بِخُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ السَّادِسَةِ وَلِهَذَا قَالَ صَاحِبُ الْفَتْحِ: إنَّ الْوَقْتِيَّةَ الْمُؤَدَّاةَ مَعَ تَذَكُّرِ الْفَائِتَةِ تَفْسُدُ فَسَادًا مَوْقُوفًا إلَى أَنْ يُصَلِّيَ إكْمَالَ خَمْسِ وَقْتِيَّاتٍ فَإِنْ لَمْ يُعِدْ شَيْئًا مِنْهَا حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ السَّادِسَةِ صَارَتْ كُلُّهَا صَحِيحَةً تَدَبَّرْ (وَالْوِتْرُ كَالْفَرْضِ عَمَلًا فَذِكْرُهُ مُفْسِدٌ) عِنْدَ الْإِمَامِ (خِلَافًا لَهُمَا) وَمَبْنَى الْخِلَافِ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ وَاجِبٌ عِنْدَهُ وَسُنَّةٌ عِنْدَهُمَا وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ.
(وَلَوْ صَلَّى الْعِشَاءَ بِلَا وُضُوءٍ) حَالَ كَوْنِهِ (نَاسِيًا ثُمَّ صَلَّى السُّنَّةَ وَالْوِتْرَ بِهِ) أَيْ بِالْوُضُوءِ (يُعِيدُ السُّنَّةَ لِإِعَادَةِ الْعِشَاءِ) إذْ لَمْ يَصِحَّ أَدَاءُ السُّنَّةِ قَبْلَ الْفَرْضِ مَعَ أَنَّهَا أُدِّيَتْ بِالْوُضُوءِ لِأَنَّهَا تَبَعُ الْفَرْضِ.
(وَلَا يُعِيدُ الْوَتْرَ) لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عِنْدَ الْإِمَامِ وَقَدْ أَدَّاهُ فِي وَقْتِهِ بِطَهَارَةٍ إذْ وَقْتُهُ وَقْتُ الْعِشَاءِ لَا بَعْدَهُ وَقَدْ سَقَطَ التَّرْتِيبُ بِعُذْرِ النِّسْيَانِ (خِلَافًا لَهُمَا) فَإِنَّهُ يُعِيدُ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ عِنْدَهُمَا.
(وَبِبُطْلَانِ الْفَرْضِيَّةِ لَا يَبْطُلُ أَصْلُ الصَّلَاةِ) عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) لِأَنَّ التَّحْرِيمَةَ عُقِدَتْ لِلْفَرْضِ فَإِذَا بَطَلَتْ الْفَرْضِيَّةُ بَطَلَتْ أَصْلًا وَلَهُمَا أَنَّهَا عُقِدَتْ لِأَصْلِ الصَّلَاةِ بِوَصْفِ الْفَرْضِيَّةِ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ ضَرُورَةِ بُطْلَانِ الْوَصْفِ بُطْلَانُ الْأَصْلِ.
(وَيَسْقُطُ التَّرْتِيبُ بِضِيقِ الْوَقْتِ) عَنْ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ بِحَيْثُ لَا يَسَعُ الْوَقْتُ الْوَقْتِيَّةَ وَالْفَائِتَةَ جَمِيعًا وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ يَسَعُ فِيهِ أَحَدَهُمَا فَقَطْ تُقَدَّمُ الْوَقْتِيَّةُ لِأَنَّ الْبَاقِيَ وَقْتٌ لِلْوَقْتِيَّةِ بِالْكِتَابِ وَوَقْتٌ لِلْفَائِتَةِ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ فَلَوْ قُلْنَا بِوُجُوبِ تَقْدِيمِ الْفَائِتَةِ يَلْزَمُ نَسْخُ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي الْوَقْتِ سِعَةٌ يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِالْأَدِلَّةِ جَمِيعًا وَلَا يَلْزَمُ النَّسْخُ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ شَرَعَ فِي الْوَقْتِيَّةِ وَفِي الْوَقْتِ سِعَةٌ وَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ حَتَّى ضَاقَ لَا تَجُوزُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute