قَتِيلٍ فَعَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ) ؛ لِأَنَّ حِفْظَ الْمَحَلَّةِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَى أَهْلِهَا فَحَيْثُ قَصَّرُوا فِي الْحِفْظِ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ (إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ وَلِيُّهُ) أَيْ الْقَتِيلِ (عَلَى الْقَوْمِ) الَّذِينَ الْتَقَوْا وَأُجْلُوا (أَوْ عَلَى) وَاحِدٍ (مُعَيَّنٍ مِنْهُمْ فَتَسْقُطُ) أَيْ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ (عَنْهُمْ) أَيْ عَنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ؛ لِأَنَّهُ بِدَعْوَاهُ جُعِلَ مُبَرِّئًا لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ عَنْ الْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ (وَلَا يَثْبُتُ) الْقَتْلُ (عَلَى) أُولَئِكَ (الْقَوْمِ) الَّذِينَ الْتَقَوْا وَأُجْلُوا (إلَّا بِحُجَّةٍ) إذْ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لَا يَثْبُتُ الْحَقُّ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَوْ خُلِّيَ النَّاسُ وَدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ لَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» .
(وَلَوْ وُجِدَ) أَيْ الْقَتِيلُ (فِي مُعَسْكَرٍ) أَيْ مَوْضِعِ عَسْكَرٍ (بِأَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ) لِأَحَدٍ (فَإِنْ) وُجِدَ (فِي خِبَاءٍ) هُوَ الْخَيْمَةُ مِنْ الصُّوفِ (أَوْ فُسْطَاطٍ) وَهُوَ الْخَيْمَةُ الْعَظِيمَةُ (فَعَلَى رَبِّهِ) أَيْ رَبِّ الْخِبَاءِ أَوْ الْفُسْطَاطِ (وَإِلَّا فَعَلَى الْأَقْرَبِ) أَيْ تَجِبُ الدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِ ذَلِكَ الْخِبَاءِ أَوْ الْفُسْطَاطِ الْأَقْرَبِينَ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْقَتِيلِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ الْيَدُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَا مِلْكَ لِأَحَدٍ فِيهِ. قَالُوا: هَذَا إذَا نَزَلُوا قَبَائِلَ مُتَفَرِّقِينَ، وَأَمَّا إذَا نَزَلُوا جُمْلَةً مُخْتَلِطِينَ فَالدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ عَلَى الْعَسْكَرِ جَمِيعِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمَّا نَزَلُوا جُمْلَةً مُخْتَلِطِينَ صَارَتْ الْأَمْكِنَةُ كُلُّهَا بِمَنْزِلَةِ مَحَلَّةٍ وَاحِدَةٍ فَيَكُونُ مَنْسُوبًا إلَيْهِمْ كُلِّهِمْ فَتَجِبُ غَرَامَةُ مَا وُجِدَ فِي خَارِجِ الْخِيَامِ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ.
(وَإِنْ كَانُوا) أَيْ الْعَسْكَرُ (قَدْ قَاتَلُوا عَدُوًّا) وَوُجِدَ قَتِيلٌ بَيْنَهُمْ (فَلَا قَسَامَةَ وَلَا دِيَةَ) عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْعَدُوَّ قَتَلَهُ فَكَانَ هَدَرًا.
(وَإِنْ) كَانَتْ (الْأَرْضُ) الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْعَسْكَرُ (مَمْلُوكَةً) لِأَحَدٍ (فَالْعَسْكَرُ كَالسُّكَّانِ وَالْقَسَامَةُ عَلَى الْمَالِكِ لَا عَلَيْهِمْ) أَيْ لَا عَلَى الْعَسْكَرِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ هُوَ الْمُخْتَصُّ بِالتَّدْبِيرِ فِي مِلْكِهِ وَحِفْظُ مِلْكِهِ إلَيْهِ كَمَا مَرَّ إذْ لَا عِبْرَةَ لِلسُّكَّانِ مَعَ الْمُلَّاكِ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْقَسَامَةَ وَالدِّيَةَ عَلَى الْمَالِكِ وَالسُّكَّانِ جَمِيعًا وَدَلِيلُهُ مَذْكُورٌ فِيمَا سَبَقَ فَلَا حَاجَةَ إلَى إعَادَتِهِ.
(وَمَنْ جُرِحَ فِي قَبِيلَةٍ ثُمَّ نُقِلَ إلَى أَهْلِهِ وَلَمْ يَزَلْ ذَا فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ) مِنْ تِلْكَ الْجِرَاحَةِ (فَالْقَسَامَةُ) وَالدِّيَةُ (عَلَى الْقَبِيلَةِ) الَّتِي جُرِحَ فِيهَا (عِنْدَ الْإِمَامِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا شَيْءَ فِيهِ) ؛ لِأَنَّ الْقَسَامَةَ وَالدِّيَةَ إنَّمَا شُرِعَتْ فِي الْقَتِيلِ الْمَوْجُودِ وَهَذَا جَرِيحٌ لَيْسَ بِقَتِيلٍ فَصَارَ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ فِرَاشٍ، وَلَهُمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ صَاحِبَ فِرَاشٍ فَهُوَ مَرِيضٌ وَالْمَرَضُ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ يُجْعَلُ كَالْمَيِّتِ مِنْ أَوَّلِ سَبَبِهِ فِي حُكْمِ التَّصَرُّفَاتِ، فَكَذَا فِي حُكْمِ الْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ يُجْعَلُ كَأَنَّهُ مَاتَ حِينَ جُرِحَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ فِرَاشٍ فَهُوَ فِي حُكْمِ التَّصَرُّفَاتِ كَالصَّحِيحِ فَكَذَا فِي حُكْمِ الْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ وَعَلَى هَذَا التَّخْرِيجِ إذَا وُجِدَ عَلَى ظَهْرِ إنْسَانٍ يَحْمِلُهُ إلَى بَيْتٍ فَمَاتَ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ فَإِنْ كَانَ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ فَهُوَ عَلَى الَّذِي كَانَ يَحْمِلُهُ كَمَا لَوْ مَاتَ عَلَى ظَهْرِهِ، وَإِنْ كَانَ يَذْهَبُ وَيَجِيءُ فَلَا شَيْءَ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute