للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَلَمْ يَرُدَّ) بَلْ سَكَتَ (حَتَّى مَاتَ الْمُوصِي فَهُوَ) أَيْ الْمُوصَى إلَيْهِ (مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْقَبُولِ وَعَدَمِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُوصِي وِلَايَةُ الْإِلْزَامِ فَبَقِيَ مُخَيَّرًا.

(وَإِنْ بَاعَ) الْمُوصَى إلَيْهِ (شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ لَمْ يَبْقَ لَهُ الرَّدُّ وَإِنْ) كَانَ (غَيْرَ عَالَمٍ بِالْإِيصَاءِ) فَصَارَ بَيْعُهُ التَّرِكَةَ كَقَبُولِ الْوَصِيَّةِ وَيَنْفُذُ بَيْعُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِالْإِيصَاءِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالتَّوْكِيلِ فَبَاعَ حَيْثُ لَا يَنْفُذُ، وَلَا يَكُونُ الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ قَبُولًا.

(فَإِنْ رَدَّ) الْوَصِيُّ الْوِصَايَةَ (بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ مُوَرَّثِ الْمُوصِي (ثُمَّ قَبِلَ صَحَّ مَا لَمْ يَنْفُذْ قَاضٍ رَدَّهُ) وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ الْوِصَايَةِ لَمَّا قَالَ لَا أَقْبَلُ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ قَوْلِهِ لَا أَقْبَلُ لَا يُبْطِلُ الْإِيصَاءَ؛ لِأَنَّهُ فِيهِ ضَرَرًا بِالْمَيِّتِ، وَضَرَرُ الْوَصِيِّ فِي الْإِبْقَاءِ مَجْبُورٌ بِالثَّوَابِ إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا أَخْرَجَهُ عَنْ الْوِصَايَةِ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ فَكَانَ لَهُ إخْرَاجُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا أَقْبَلُ كَمَا أَنَّ لَهُ إخْرَاجَهُ بَعْدَ قَبُولِهِ حَتَّى إذَا رَأَى غَيْرَهُ أَصْلَحَ كَانَ لَهُ عَزْلُهُ وَنَصْبُ غَيْرِهِ، وَرُبَّمَا يَعْجَزُ وَهُوَ عَنْ ذَلِكَ فَيَتَضَرَّرُ بِبَقَاءِ الْوَصِيَّةِ فَيَدْفَعُ الْقَاضِي الضَّرَرَ عَنْهُ، وَيَنْصِبُ حَافِظًا لِمَالِ الْمَيِّتِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ فَيَنْدَفِعُ الضَّرَرُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَلَوْ قَالَ أَقْبَلُ بَعْدَمَا أَخْرَجَهُ الْقَاضِي لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَبِلَ بَعْدَمَا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ بِإِخْرَاجِ الْقَاضِي إيَّاهُ.

(وَإِنْ أَوْصَى إلَى عَبْدٍ أَوْ كَافِرٍ أَوْ فَاسِقٍ أَخْرَجَهُ الْقَاضِي وَنَصَبَ غَيْرَهُ) أَيْ إذَا أَوْصَى إلَى هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ أَخْرَجَهُمْ الْقَاضِي عَنْ الْوِصَايَةِ، وَاسْتَبْدَلَ غَيْرَهُمْ مَكَانَهُمْ، وَذَكَر الْقُدُورِيُّ أَنَّ الْقَاضِيَ يُخْرِجُهُمْ عَنْ الْوَصِيَّةِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ كَانَتْ لَهُمْ صَحِيحَةً؛ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ يَكُونُ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي السِّرَاجِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ إذَا أَوْصَى إلَى عَبْدٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ فَاسِقٍ أَخْرَجَهُمْ الْقَاضِي عَنْ الْوِصَايَةِ، وَلَوْ تَصَرَّفُوا قَبْلَ الْإِخْرَاجِ جَازَ انْتَهَى، وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بَاطِلَةٌ لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ لَهُمْ وَوَجْهُ الصِّحَّةِ ثَمَّ الْإِخْرَاجُ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ أَنَّ أَصْلَ النَّظَرِ ثَابِتٌ لِقُدْرَةِ الْعَبْدِ حَقِيقَةً وَوِلَايَةِ الْفَاسِقِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ أَصْلِنَا، وَوِلَايَةِ الْكَافِرِ فِي الْجُمْلَةِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ النَّظَرُ لِتَوَقُّفِ وِلَايَةِ الْعَبْدِ عَلَى إجَازَةِ الْمَوْلَى وَيُمْكِنُهُ بَعْدَهَا وَالْمُعَادَاةُ الدَّنِيَّةُ الْبَاعِثَةُ عَلَى تَرْكِ النَّظَرِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ وَاتِّهَامِ الْفَاسِقِ بِالْجِنَايَةِ فَيُخْرِجُهُمْ الْقَاضِي عَنْ الْوَصِيَّةِ، وَيُقِيمُ غَيْرَهُمْ مَقَامَهُمْ إتْمَامًا لِلنَّظَرِ، وَشَرَطَ فِي الْأَصْلِ أَنْ يَكُونَ الْفَاسِقُ مَخُوفًا مِنْهُ عَلَى الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ يُعَذَّرُ بِذَلِكَ فِي إخْرَاجِهِ وَتَبْدِيلِهِ بِغَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى إلَى مُكَاتَبِهِ أَوْ مُكَاتَبِ غَيْرِهِ حَيْثُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ فِي مَنَافِعِهِ كَالْحُرِّ، وَإِنْ عَجَزَ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْقِنِّ.

(وَإِنْ) أَوْصَى (إلَى عَبْدِهِ فَإِنْ كَانَ كُلُّ الْوَرَثَةِ صِغَارًا صَحَّ) الْإِيصَاءُ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ مُسْتَبِدٌّ بِالتَّصَرُّفِ فَيَكُونُ أَهْلًا لِلْوِصَايَةِ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ فَإِنَّ الصِّغَارَ وَإِنْ كَانُوا مُلَّاكًا لَيْسَ لَهُمْ وِلَايَةُ النَّظَرِ فَلَا مُنَافَاةَ (خِلَافًا لَهُمَا) وَهُوَ الْقِيَاسُ وَقِيلَ قَوْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>