حَيْثُ قَالَ فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ إلَى مَوْضِعٍ يَجِبُ تَطْهِيرُهُ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا فِي الْإِصْلَاحِ وَغَفَلَ عَنْ هَذَا صَاحِبُ الْفَرَائِدِ حَيْثُ قَالَ أَيْ يَلْحَقُهُ حُكْمٌ هُوَ التَّطْهِيرُ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْجِنْسِ إلَى النَّوْعِ كَقَوْلِهِ عِلْمُ الطِّبِّ فَلْيُتَأَمَّلْ وَحَدُّ الْخُرُوجِ الِانْتِقَالُ مِنْ الْبَاطِنِ إلَى الظَّاهِرِ وَذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالسَّيَلَانِ عَنْ مَوْضِعِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ظَهَرَتْ النَّجَاسَةُ رَأْسَ السَّبِيلَيْنِ، وَإِنْ لَمْ تَسِلْ تَنْقُضُ الْوُضُوءَ.
وَقَالَ زُفَرُ الْخَارِجُ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ يَنْقُضُهُ كَمَا خَرَجَ سَالَ أَوْ لَمْ يَسِلْ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَنْقُضُهُ سَالَ أَوْ لَمْ يَسِلْ.
(وَالْقَيْءُ مِلْءُ الْفَمَ) وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَا لَا يُقْدَرُ عَلَى إمْسَاكِهِ وَقِيلَ لَا يُمْكِنُ الْكَلَامُ بِهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَقَالَ زَفَرٌ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ سَوَاءٌ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ.
(وَلَوْ طَعَامًا أَوْ مَاءً أَوْ مِرَّةً أَوْ عَلَقًا) الْمِرَّةُ بِالْكَسْرِ إحْدَى الطَّبَائِعِ الْأَرْبَعِ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَالْفُقَهَاءُ يُرِيدُونَ مَا يَعُمُّ الصَّفْرَاءَ وَالسَّوْدَاءَ
وَالْمُرَادُ هَا هُنَا الصَّفْرَاءُ فَقَطْ بِمُقَابَلَةِ الْعَلَقِ مِنْ الرَّأْسِ بِهِ هُنَا السَّوْدَاءُ؛ وَلِذَا اُعْتُبِرَ فِيهِ مِلْءُ الْفَمِ (لَا بَلْغَمًا مُطْلَقًا) أَيْ نَازِلًا مِنْ الرَّأْسِ أَوْ صَاعِدًا مِنْ الْجَوْفِ مَلَأَ الْفَمَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لِلُزُوجَتِهِ لَا تَتَدَاخَلُهُ النَّجَاسَةُ يَعْنِي أَنَّ اللُّزُوجَةَ الْقَائِمَةَ بِالْبَلْغَمِ تَمْنَعُهُ عَنْ قَبُولِ النَّجَاسَةِ فَأَشْبَهَ السَّيْفَ الصَّقِيلَ بِخِلَافِ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ فَيَخُصُّهُ تَأْثِيرُ الْمُجَاوَرَةِ، وَيَتَّصِلُ بِهِ قَلِيلٌ، وَالْقَلِيلُ فِي غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ غَيْرُ نَاقِضٍ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ فِي الصَّاعِدِ مِنْ الْجَوْفِ) ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَجَّسُ فِي الْمَعِدَةِ بِالْمُجَاوِرَةِ بِخِلَافِ النَّازِلِ مِنْ الرَّأْسِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَحَلِّ النَّجَاسَةِ وَبِهَذَا ظَهَرَ ضَعْفُ مَا قِيلَ: إنَّ الْبَلْغَمَ نَجَسٌ مُطْلَقًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ إحْدَى الطَّبَائِعِ الْأَرْبَعِ حَتَّى إنَّ مَنْ صَلَّى وَمَعَهُ خِرْقَةُ الْمُخَاطِ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ وَاخْتُلِفَ فِي كَوْنِ نَجَاسَةِ الْقَيْءِ مُخَفَّفَةً أَوْ مُغَلَّظَةً وَاخْتَارَ صَاحِبُ الِاخْتِيَارِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ أَنْ تَكُونَ مُغَلَّظَةً، وَقَالُوا: كُلُّ مَا يَخْرُجُ مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ مُوجِبًا لِلتَّطْهِيرِ فَنَجَاسَةٌ غَلِيظَةٌ كَالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَالدَّمِ وَالصَّدِيدِ وَالْقَيْءِ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ، وَكَذَا الْمَنِيُّ وَأَلْحَقُوا مَاءَ فَمِ النَّائِمِ إذَا صَعِدَ مِنْ الْجَوْفِ أَصْفَرَ أَوْ مُنْتِنًا، وَهُوَ مُخْتَارُ أَبِي النَّصْرِ وَلَوْ نَزَلَ مِنْ الرَّأْسِ فَطَاهِرٌ اتِّفَاقًا وَفِي التَّنْجِيسِ أَنَّهُ طَاهِرٌ كَيْفَ مَا كَانَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
(وَيُشْتَرَطُ فِي الدَّمِ الْمَائِعِ) وَالْقَيْحِ (مُسَاوَاةُ الْبُزَاقِ لَا الْمِلْءُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) قَيَّدَ بِالْمَائِعِ؛ لِأَنَّ الْعَلَقَ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ مَا لَمْ يَمْلَأْ الْفَمَ
اعْلَمْ أَنَّ الدَّمَ الْوَاقِعَ فِي الْفَمِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَحْصُلَ فِي الْفَمِ أَوْ يَنْزِلَ مِنْ الرَّأْسِ أَيْ يَصْعَدُ مِنْ الْجَوْفِ، وَالْأَوَّلُ نَاقِضٌ عِنْدَ الْغَيْبَةِ وَعِنْدَ الْمُسَاوَاةِ احْتِيَاطًا، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَا يَنْقُضُ وَالثَّانِي نَاقِضٌ اتِّفَاقًا، وَإِنْ قَلَّ لِوُجُودِ السَّيَلَانِ مِنْ الْجُرْحِ الَّذِي وَقَعَ فِي الرَّأْسِ بِقُوَّةِ نَفْسِهِ إلَى مَوْضِعٍ يَلْحَقُهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ فِي الْجُمْلَةِ، وَالثَّالِثُ نَاقِضٌ عِنْدَهُمَا إنْ سَالَ بِقُوَّةِ نَفْسِهِ لَا بِقُوَّةِ الْبُزَاقِ.
وَعِنْدَ الْغَلَبَةِ تَحَقُّقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute