بِنَزْعِ ذَلِكَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَا يُنْزَعُ عَنْهُ شَيْءٌ (وَيُزَادُ) عَلَى مَا عَلَيْهِ مِنْ الثِّيَابِ إنْ نَقَصَ عَنْ كَفَنِ السُّنَّةِ حَتَّى يَتِمَّ (وَيَنْقُصُ) إنْ زَادَ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى كَفَنِ السُّنَّةِ (مُرَاعَاةً لِكَفَنِ السُّنَّةِ) فِي الْوَجْهَيْنِ.
(وَإِنْ كَانَ) الْقَتِيلُ (صَبِيًّا أَوْ جُنُبًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ يُغَسَّلُ) عِنْدَ الْإِمَامِ (خِلَافًا لَهُمَا) لِأَنَّ سُقُوطَ الْغُسْلِ عَنْ الشَّهِيدِ لِإِبْقَاءِ أَثَرِ مَظْلُومِيَّتِهِ فِي الْقَتْلِ إكْرَامًا لَهُ والمظلومية فِي حَقِّ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ أَشَدُّ فَكَانَا أَوْلَى بِهَذِهِ الْكَرَامَةِ وَأَمَّا فِي الْجُنُبِ فَلِأَنَّ غُسْلَ الْجَنَابَةِ سَقَطَ بِالْمَوْتِ وَمَا يَجِبُ بِالْمَوْتِ مُنْعَدِمٌ فِي حَقِّهِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ مَطْهَرَةٌ وَكَذَا الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ وَلَهُ «أَنَّ حَنْظَلَةَ بْنَ عَامِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قُتِلَ جُنُبًا فَغَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ» فَكَانَ تَعْلِيمًا وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ مِثْلُهُ إذَا طَهُرَتَا وَكَذَا قَبْلَ الِانْقِطَاعِ فِي الصَّحِيحِ مِنْ الرِّوَايَةِ وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي مَوْتَى بَنِي آدَمَ الْغُسْلُ إلَّا أَنَّا تَرَكْنَاهُ بِشَهَادَةِ تَكْفِيرِ الذَّنْبِ لِيَبْقَى أَثَرُهَا بِهِ وَهَذَا الْمَعْنَى مَعْدُومٌ فِي الصَّبِيِّ فَيَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ وَكَذَا الْمَجْنُونُ.
وَفِي الْمُحِيطِ أَنَّ الْغُسْلَ سَاقِطٌ عَنْ الْبَالِغِ لِأَنَّهُ يُخَاصِمُ مَنْ قَتَلَهُ وَيَبْقَى عَلَيْهِ أَثَرُهُ لِيَكُونَ شَاهِدًا لَهُ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ فَإِنَّهُ لَا يُخَاصِمُ بِنَفْسِهِ بَلْ اللَّهُ تَعَالَى يُخَاصِمُ عَنْهُ مَنْ قَتَلَهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى إبْقَاءِ الْأَثَرِ.
(وَيُغَسَّلُ إنْ قُتِلَ فِي الْمِصْرِ) احْتِرَازٌ عَنْ الْمَفَازَةِ الَّتِي لَيْسَ بِقُرْبِهَا عُمْرَانٌ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ قَاتِلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُغَسَّلُ (وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ قُتِلَ عَمْدًا ظُلْمًا) فَإِنْ عُلِمَ لَمْ يُغَسَّلْ وَإِذَا عُلِمَ أَنَّهُ قُتِلَ عَمْدًا ظُلْمًا لَكِنْ لَمْ يُعْلَمْ قَاتِلُهُ يُغَسَّلُ لَمَّا أَنَّ الْوَاجِبَ هُنَاكَ الدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ وَهَذَا لَمْ يُخَالِفْ مَا فِي الْهِدَايَةِ مَنْ قُتِلَ بِحَدِيدَةٍ ظُلْمًا لَمْ يُغَسَّلْ فَإِنَّ قَوْلَهُ ظُلْمًا مَعْنَاهُ وَقَدْ عُلِمَ قَاتِلُهُ إذْ لَوْ لَمْ يُعْلَمْ جَازَ أَنْ يَكُونَ مُتَعَدِّيًا فَلَا يَكُونُ الْقَتْلُ ظُلْمًا.
وَفِي الْبَحْرِ لَوْ نَزَلَ اللُّصُوصُ عَلَيْهِ لَيْلًا فِي الْمِصْرِ فَقُتِلَ بِسِلَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ فَلْيُحْفَظْ هَذَا فَإِنَّ النَّاسَ عَنْهُ غَافِلُونَ.
(وَكَذَا إنْ اُرْتُثَّ) عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَالِارْتِثَاثُ فِي اللُّغَةِ مِنْ الْإِرْثِ وَهُوَ الشَّيْءُ الْبَالِي وَسُمِّيَ بِهِ مُرْتَثًّا لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ خَلَفًا فِي حُكْمِ الشَّهَادَةِ وَقِيلَ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّرْثِيثِ وَهُوَ الْجُرْحُ وَفِي بَعْضِ كُتُبِ اللُّغَةِ اُرْتُثَّ فُلَانٌ أَيْ حُمِلَ مِنْ الْمَعْرَكَةِ رَثِيثًا أَيْ جَرِيحًا وَحَاصِلُهُ فِي الشَّرْعِ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ الْحَيَاةِ أَوْ يَرْتَفِقَ بِشَيْءٍ مِنْ مَرَافِقِهَا فَبَطَلَتْ شَهَادَتُهُ فِي حُكْمِ الدُّنْيَا فَيُغَسَّلُ وَهُوَ شَهِيدٌ فِي حُكْمِ الْآخِرَةِ فَيَنَالُ الثَّوَابَ الْمَوْعُودَ لِلشُّهَدَاءِ.
وَفِي الْمِنَحِ أَنَّ الْمُرْتَثَّ فِي الشَّرْعِ مَنْ خَرَجَ عَنْ صِفَةِ الْقَتْلَى وَصَارَ إلَى حَالَةِ الدُّنْيَا بِأَنْ جَرَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِهَا أَوْ وَصَلَ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ مَنَافِعِهَا وَهُوَ أَضْبَطُ مِمَّا تَقَدَّمَ (بِأَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوْ عُولِجَ) بِدَوَاءٍ وَفِي إطْلَاقِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالتَّدَاوِي إشَارَةٌ إلَى أَنْ يَشْمَلَ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ وَكَذَا إنْ نَامَ أَوْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ كَثِيرٍ (أَوْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى أَوْ عَاشَ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ) وَلَيْلَةٍ (عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) بِشَرْطِ أَنْ يَعْقِلَ (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) فَإِنَّهُ شَرْطُ الْكَمَالِ إذْ لَا خُلُوَّ عَنْ قَلِيلِ الْحَيَاةِ بَعْدَ الْجَرْحِ فَقَدْرُ نَهَارٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute