وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْبَابِ وَالثَّانِي أَنَّ فِيهِ إجْبَارَ الْمُصَدِّقِ عَلَى شِرَاءِ الزَّائِدِ انْتَهَى، لَكِنْ فِيهِ بَحْثٌ فَإِنَّ قَوْلَهُ فِيهِ إجْبَارُ الْمُصَدِّقِ عَلَى شِرَاءِ الزَّائِدِ لَيْسَ بِسَدِيدٍ فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَهُوَ أَيْضًا مُخَيَّرٌ، غَايَتُهُ أَنَّ الْمُصَدِّقَ يُعْرِضُ عَلَى الْآخِذِ هَذَا فَإِنْ قَبِلَهُ فَبِهَا، وَإِلَّا يَتَوَجَّهُ إلَى آخَرَ وَبِالْجُمْلَةِ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى شَيْءٍ إذَا دَفَعَ الْأَعْلَى (وَقِيلَ الْخِيَارُ لِلسَّاعِي) وَالْأَوْلَى مَا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا وَالسَّاعِي مَنْ نَصَّبَهُ الْإِمَامُ لِأَخْذِ الصَّدَقَاتِ.
(وَيَجُوزُ دَفْعَ الْقِيَمِ فِي الزَّكَاةِ) حَتَّى لَوْ أَدَّى ثَلَاثَةَ شِيَاهٍ سِمَانٍ عَنْ أَرْبَعٍ وَسَطٍ جَازَ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ مِثْلِيًّا بِأَنْ أَدَّى أَرْبَعَةَ أَقْفِزَةٍ جَيِّدَةٍ عَنْ خَمْسَةٍ وَسَطٍ وَهِيَ تُسَاوِيهَا لَا يَجُوزُ أَوْ كِسْوَةً بِأَنْ أَدَّى ثَوْبًا يَعْدِلُ ثَوْبَيْنِ لَمْ يَجُزْ إلَّا عَنْ ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَلَا يَجُوزُ دَفْعُهَا فِي الضَّحَايَا وَالْعِتْقِ لَكِنْ فِي الْبَحْرِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي الْأُضْحِيَّةِ مُقَيَّدٌ بِبَقَاءِ أَيَّامِ النَّحْرِ وَأَمَّا بَعْدَهَا فَيَجُوزُ (وَالْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ وَالْكَفَّارَاتُ وَالنَّذْرُ) هُوَ بِأَنْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِهَذَا الْخُبْزِ فَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِشَاتَيْنِ وَسَطَيْنِ فَتَصَدَّقَ بِشَاةٍ تَعْدِلُهُمَا جَازَ أَمَّا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ شَاتَيْنِ وَسَطَيْنِ أَوْ يُعْتِقَ عَبْدَيْنِ فَأَهْدَى شَاةً أَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا يُسَاوِي قِيمَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَسَطَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ (وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ) يَعْنِي أَدَاءَ الْقِيمَةِ مَكَانَ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِيمَا ذَكَرَ جَائِزٌ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ لَهُ النُّصُوصُ، وَالْقِيَاسُ عَلَى الْهَدْي وَالْأُضْحِيَّةِ وَلَنَا تَجْوِيزُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأَمِيرِ الْيَمَنِ أَنْ يَأْخُذَ الثِّيَابَ بَدَلَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَقَالَ: فَإِنَّهُ أَيْسَرُ عَلَى النَّاسِ وَنَفْعٌ لِلْمُهَاجِرَيْنِ بِالْمَدِينَةِ وَلَيْسَ أَنَّ الْقِيمَةَ بَدَلٌ عَنْ الْوَاجِبِ؛ لِأَنَّ الْمَصِيرَ إلَى الْبَدَلِ إنَّمَا يَجُوزُ عِنْدَ عَدَمِ الْأَصْلِ وَأَدَاءُ الْقِيمَةِ مَعَ وُجُودِ عَيْنِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِي مِلْكِهِ جَائِزٌ فَكَانَ الْوَاجِبُ عِنْدَنَا أَحَدَهُمَا: إمَّا الْعَيْنُ أَوْ الْقِيمَةُ.
(وَتَسْقُطُ الزَّكَاةُ بِهَلَاكِ الْمَالِ بَعْدَ الْحَوْلِ) وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْأَدَاءِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ أَوْ الظَّاهِرَةِ قَبْلَ طَلَبِ السَّاعِي عِنْدَنَا اتِّفَاقًا وَبَعْدَ الطَّلَبِ قِيلَ تَسْقُطُ وَلَا يَضْمَنُ هُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ يَضْمَنُ وَعَلَى هَذَا الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا هَلَكَتْ الْبَاطِنَةُ بَعْدَ التَّمَكُّنِ لَا تَسْقُطُ، قَيَّدَ بِهَلَاكِهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِاسْتِهْلَاكِ النِّصَابِ وَكَذَا إذَا لَحِقَهُ الدَّيْنُ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ.
(وَإِنْ هَلَكَ بَعْضُهُ سَقَطَتْ حِصَّتُهُ) لِبَقَاءِ جُزْءٍ يَصْلُحُ لَهَا فَلَوْ هَلَكَ مِنْ ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ مِنْ الْغَنَمِ مَا سِوَى الْأَرْبَعِينَ لَكَانَ الْوَاجِبُ شَاةً.
وَلَوْ هَلَكَ قَبْلَ الْحَوْلِ ثُمَّ وَجَدَ مِثْلَهُ اُسْتُؤْنِفَ مِنْهُ الْحَوْلُ (وَيَصْرِفُ الْهَالِكَ إلَى الْعَفْوِ أَوَّلًا) وَهُوَ مَا فَوْقَ النِّصَابِ فَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْهَالِكُ الْعَفْوَ فَالْوَاجِبُ عَلَى حَالِهِ كَمَا إذَا كَانَ لَهُ تِسْعٌ مِنْ الْإِبِلِ وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ يَكُونُ الْوَاجِبُ فِيهَا شَاةً، وَيَكُونُ الْوَاجِبُ فِي خَمْسٍ مِنْ التِّسْعِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْأَرْبَعُ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الشَّاةِ (ثُمَّ إلَى نِصَابٍ يَلِيهِ) فَإِنْ جَاوَزَ الْهَالِكُ الْعَفْوَ يُصْرَفُ إلَى نِصَابٍ يَلِيهِ كَمَا لَوْ هَلَكَ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ بَعِيرًا فَالْأَرْبَعَةُ تُصْرَفُ إلَى الْعَفْوِ ثُمَّ أَحَدَ عَشَرَ إلَى النِّصَابِ الَّذِي يَلِيهِ وَهُوَ مَا بَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute