للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلَّا أَنْ يُقَالَ أَطْلَقَ الْعُشْرَ وَأَرَادَ بِهِ رُبُعَهُ مَجَازًا مِنْ بَابِ ذِكْرِ الْكُلِّ وَإِرَادَةِ جُزْئِهِ أَوْ يُقَالُ الْعُشْرُ صَارَ عَلَمًا لِمَا يَأْخُذُهُ الْعَاشِرُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَأْخُوذُ عُشْرًا لُغَوِيًّا أَوْ رُبُعَهُ أَوْ نِصْفَهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يُقَالَ الْعَاشِرُ هُوَ تَسْمِيَةُ الشَّيْءِ بِاعْتِبَارِ بَعْضِ أَحْوَالِهِ (هُوَ مَنْ نُصِبَ) أَيْ نَصَّبَهُ الْإِمَامُ (عَلَى الطَّرِيقِ) احْتِرَازٌ عَنْ السَّاعِي وَهُوَ الَّذِي يَسْعَى فِي الْقَبَائِلِ لِيَأْخُذَ صَدَقَةَ الْمَوَاشِي فِي أَمَاكِنِهَا فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا وَلَا كَافِرًا لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ فِيهِمَا وَلَا هَاشِمِيًّا لِمَا فِيهِ مِنْ شُبْهَةِ الزَّكَاةِ وَبِهِ يُعْلَمُ حُكْمُ تَوْلِيَةِ الْكَافِرِ فِي زَمَانِنَا عَلَى بَعْضِ الْأَعْمَالِ وَلَا شَكَّ فِي حُرْمَةِ ذَلِكَ (لِيَأْخُذَ صَدَقَاتِ التُّجَّارِ) الْمَارِّينَ بِأَمْوَالِهِمْ عَلَيْهِ فَيَأْخُذَ مِنْ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ وَهَذَا بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي الْمِصْرِ وَلَا فِي الْقُرَى بَلْ فِي الْمَفَازَةِ قَالُوا: إنَّمَا يُنْصَبُ لِيَأْمَنَ التُّجَّارُ مِنْ اللُّصُوصِ وَيَحْمِيَهُمْ مِنْهُمْ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى الْحِمَايَةِ؛ لِأَنَّ الْجِبَايَةَ بِالْحِمَايَةِ وَإِنَّمَا سُمِّيَ بِالصَّدَقَةِ تَغْلِيبًا لِاسْمِ الصَّدَقَةِ عَلَى غَيْرِهَا (يَأْخُذُ مِنْ الْمُسْلِمِ رُبُعَ الْعُشْرِ) ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ بِعَيْنِهَا.

(وَمِنْ الذِّمِّيِّ نِصْفَهُ) ؛ لِأَنَّ حَاجَةَ الذِّمِّيِّ إلَى الْحِمَايَةِ أَكْثَرُ مِنْ حَاجَةِ الْمُسْلِمِ (وَمِنْ الْحَرْبِيِّ تَمَامَهُ) ؛ لِأَنَّ احْتِيَاجَهُ إلَيْهَا أَشَدُّ لِكَثْرَةِ طَمَعِ اللُّصُوصِ فِي أَمْوَالِهِ (إنْ بَلَغَ مَالُهُ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَبْلُغَ مَالُ الْحَرْبِيِّ (نِصَابًا وَ) بِشَرْطِ إنْ (لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَ مَا يَأْخُذُونَ مِنَّا) أَيْ مِقْدَارَ مَا يَأْخُذُ أَهْلُ الْحَرْبِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ عَلِمَ نَفْسَ الْأَخْذِ مِنْهُمْ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ لَكِنْ فِي الْعِنَايَةِ إذَا اشْتَبَهَ الْحَالُ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ الْعَاشِرُ مَا يَأْخُذُونَ مِنْ تُجَّارِنَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْعُشْرُ.

(وَإِنْ عَلِمَ) مَا أَخَذُوهُ مِنَّا (أَخَذَ مِثْلَهُ) قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا تَحْقِيقًا لِلْمُجَازَاةِ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَمَرَ بِذَلِكَ (لَكِنْ إنْ أَخَذُوا الْكُلَّ لَا يَأْخُذُهُ) أَيْ الْعَاشِرُ الْكُلَّ؛ لِأَنَّهُ غَدْرٌ (بَلْ يَتْرُكُ قَدْرَ مَا يُبَلِّغُهُ مَأْمَنَهُ) أَيْ مَوْضِعَ أَمْنِهِ فِي الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الْإِيصَالَ عَلَيْنَا فَلَا فَائِدَةَ فِي أَخْذِ الْكُلِّ وَقِيلَ يَأْخُذُ الْكُلَّ زَجْرًا لَهُمْ.

(وَإِنْ كَانُوا لَا يَأْخُذُونَ) مِنَّا (شَيْئًا لَا يَأْخُذُ) الْعَاشِرُ (مِنْهُمْ شَيْئًا) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى مَقْصُودِ الْأَمَانِ.

(وَلَا) يَأْخُذُ (مِنْ الْقَلِيلِ وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (أَقَرَّ بِأَنَّ فِي بَيْتِهِ مَا يُكْمِلُ النِّصَابَ) لَمَّا كَانَ مَظِنَّتُهُ أَنْ يَتَوَهَّمَ أَنَّ الشَّرْطَ هُوَ مِلْكُ النِّصَابِ مُطْلَقًا لَا نِصَابِ الْمُرُورِ دَفَعَهُ بِقَوْلِهِ وَلَا مِنْ الْقَلِيلِ وَإِنْ أَقَرَّ إلَى آخِرِهِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ بُطْلَانُ اعْتِرَاضِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ بِزِيَادَتِهِ لَكِنْ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَإِنْ مَرَّ حَرْبِيٌّ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَكُونُوا يَأْخُذُونَ مِنَّا مِنْ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ مِنْهُمْ بِطَرِيقِ الْمُجَازَاةِ وَهَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.

وَفِي كِتَابِ الزَّكَاةِ لَا يَأْخُذُ مِنْ الْقَلِيلِ وَإِنْ كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْقَلِيلَ لَمْ يَزَلْ عَفْوًا؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْحِمَايَةِ انْتَهَى فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ عَلَى الْمُصَنِّفِ تَفْصِيلٌ تَدَبَّرْ.

(وَيَقْبَلُ قَوْلَ مَنْ أَنْكَرَ) مِنْ التُّجَّارِ الَّذِينَ يَمُرُّونَ عَلَيْهِ (تَمَامَ الْحَوْلِ) ، وَلَوْ حُكْمًا كَمَا فِي الْمُسْتَفَادِ وَسَطَ الْحَوْلِ (أَوْ الْفَرَاغَ مِنْ الدَّيْنِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>