سَقَتْهُ السَّمَاءُ) أَيْ الْمَطَرُ (أَوْ سُقِيَ سَيْحًا) السَّيْحُ بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْيَاءِ الْمَاءُ الْجَارِي كَالْأَنْهَارِ وَالْأَوْدِيَةِ فِي أَكْثَرِ السَّنَةِ فَإِنْ سَقَاهُ فِي النِّصْفِ أَوْ الْأَقَلِّ فَفِي الْخَارِجِ نِصْفُ الْعُشْرِ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ (أَوْ) مَا (أُخِذَ مِنْ ثَمَرِ جَبَلٍ الْعُشْرُ) مُبْتَدَأٌ وَالظَّرْفُ الْمُقَدَّمُ خَبَرُهُ، إنْ حَمَاهُ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مَقْصُودٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا شَيْءَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَإِنْ لَمْ يَحْمِهِ الْإِمَامُ فَلَا شَيْءَ فِيهِ كَالصَّيْدِ كَمَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (قَلَّ أَوْ كَثُرَ بِلَا شَرْطِ نِصَابٍ وَ) لَا شَرْطِ (بَقَاءٍ) حَتَّى تَجِبَ فِي الْخَضْرَاوَاتِ عِنْدَ الْإِمَامِ (وَعِنْدَهُمَا إنَّمَا يَجِبُ) الْعُشْرُ (فِيمَا يَبْقَى سَنَةً) بِلَا مُعَالَجَةٍ كَثِيرَةٍ فَلَا شَيْءَ فِي مِثْلِ الْخَوْخِ وَالْكُمَّثْرَى وَالتُّفَّاحِ وَالْمِشْمِشِ وَالثُّومِ وَالْبَصَلِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَبْقَى فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُوَسَّقُ كَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالْعُنَّابِ وَالتِّينِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَغَيْرِهَا فَلَا شَيْءَ فِيهِ (إلَّا إذَا بَلَغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ) فَصَارَ الْخِلَافُ فِي مَوْضِعَيْنِ لَهُمَا فِي الْأَوَّلِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» .
وَفِي الثَّانِي «لَيْسَ فِي الْخَضْرَاوَاتِ صَدَقَةٌ» وَلَهُ عُمُومُ قَوْله تَعَالَى {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} [البقرة: ٢٦٧] وَالْحَدِيثُ «فِيمَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ الْعُشْرُ» وَتَأْوِيلُ مَرْوِيِّهِمَا أَنَّ الْمَنْفِيَّ زَكَاةُ التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَبَايَعُونَ بِالْأَوْسَاقِ، وَقِيمَةُ الْوَسْقِ كَانَتْ يَوْمِئِذٍ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَلِهَذَا لَمْ يَقُلْ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ عُشْرٌ وَحَدِيثُ الْخَضْرَاوَاتِ إسْنَادُهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ كَمَا قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ عِنْدَ اسْتِحْكَامِهِ (وَالْوَسْقُ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَيُرْوَى بِكَسْرِهَا حِمْلُ الْبَعِيرِ (سِتُّونَ صَاعًا) بِصَاعِ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَخَمْسَةُ أَوْسُقٍ أَلْفٌ وَمِائَتَا مَنٍّ؛ لِأَنَّ كُلَّ صَاعٍ أَرْبَعَةُ أَمْنَاءٍ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ هَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْكُوفَةِ.
وَقَالَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ الْوَسْقُ ثَلَاثُمِائَةِ مَنٍّ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ.
(وَ) إنْ كَانَ مِمَّا يَبْقَى (مَا لَا يُوَسَّقُ) كَالْقُطْنِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالسُّكَّرِ (فَإِذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ قِيمَةُ مَا لَا يُوَسَّقُ (خَمْسَةَ أَوْسُقٍ مِنْ أَدْنَى مَا يُوَسَّقُ) مِنْ نَحْوِ الدَّخَنِ (يَجِبُ) الْعُشْرُ (عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِيهِ التَّقْدِيرُ الشَّرْعِيُّ اُعْتُبِرَ بِالْقِيمَةِ كَمَا فِي عُرُوضِ التِّجَارَةِ وَاعْتُبِرَ أَدْنَاهُ لِنَفْعِ الْفَقِيرِ.
(وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجِبُ) الْعُشْرُ فِيمَا لَا يُوَسَّقُ (إذَا بَلَغَ خَمْسَةَ أَمْثَالِ مَنٍّ أَعْلَى مَا يُقَدَّرُ بِهِ نَوْعُهُ) ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ بِالْوَسْقِ فِيمَا يُوَسَّقُ كَانَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ أَعْلَى مَا يُقَدَّرُ بِهِ نَوْعُهُ؛ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ أَوَّلًا بِالصَّاعِ ثُمَّ بِالْكَيْلِ ثُمَّ بِالْوَسْقِ فَكَانَ الْوَسْقُ أَقْصَى مَا يُقَدَّرُ مِنْ مِعْيَارِهِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ (فَاعْتُبِرَ فِي الْقُطْنِ خَمْسَةُ أَحْمَالٍ وَفِي الزَّعْفَرَانِ خَمْسَةُ أَمْنَاءٍ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَعْلَى مَا يُقَدَّرُ بِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ أَقْصَى مَا يُقَدَّرُ بِهِ فِي الْقُطْنِ الْحِمْلُ؛ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ أَوَّلًا بِالْأَسَاتِيرِ ثُمَّ بِالْأَمْنَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute