للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنْ اسْتَيْقَظَ فَوَجَدَ فِي إحْلِيلِهِ بَلَلًا وَلَمْ يَتَذَكَّرْ حُلُمًا إنْ كَانَ ذَكَرَهُ مُنْتَشِرًا قَبْلَ النَّوْمِ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ سَاكِنًا فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ هَذَا إذَا نَامَ مُضْطَجِعًا أَوْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ مَنِيٌّ فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يَكْثُرُ وُقُوعُهَا، وَالنَّاسُ عَنْهَا غَافِلُونَ.

(وَلِإِيلَاجِ حَشَفَةٍ) أَوْ قَدْرِهَا إذَا كَانَ مَقْطُوعَ الرَّأْسِ (فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ مِنْ آدَمِيٍّ حَيٍّ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا غَابَتْ الْحَشَفَةُ وَجَبَ الْغُسْلُ أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ» وَلِأَنَّهُ سَبَبٌ لِلْإِنْزَالِ وَنَفْسُهُ تَتَغَيَّبُ عَنْ بَصَرِهِ وَقَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ لِقِلَّتِهِ فَيُقَامُ مَقَامَهُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَكَذَا الْإِيلَاجُ فِي الدُّبُرِ لِكَمَالِ السَّبَبِيَّةِ فِي الشَّهْوَةِ حَتَّى إنَّ الْفَسَقَةَ يُرَجِّحُونَهُ عَلَى الْقُبُلِ لِمَا يَدَّعُونَ فِيهِ اللِّينَ وَالْحَرَارَةَ وَالضِّيقَ.

وَعَنْ هَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ مُحَاذَاةَ الْأَمْرَدِ فِي الصَّلَاةِ تُفْسِدُ الصَّلَاةَ كَالْمَرْأَةِ.

وَقَالَ صَاحِبُ الدُّرَرِ وَقَيْدُ آدَمِيٍّ احْتِرَازٌ عَنْ الْجِنِّيِّ.

وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ مَعِي جِنِّيٌّ يَأْتِينِي فَأَجِدُ فِي نَفْسِي مَا أَجِدُ إذَا جَامَعَنِي زَوْجِي لَا غُسْلَ عَلَيْهَا لِانْعِدَامِ سَبَبِهِ، وَهُوَ الْإِيلَاجُ أَوْ الِاحْتِلَامُ انْتَهَى لَكِنْ فِيهِ بَحْثٌ مِنْ وُجُوهٍ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ الِاحْتِلَامَ مُطْلَقًا يُوجِبُ الْغُسْلَ بِلَا بَلَلٍ

وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ الْإِيلَاجَ مُطْلَقًا لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ كَإِيلَاجِ الْبَهِيمَةِ وَالْمَيْتَةِ مَا لَمْ يُنْزِلْ بَلْ مُقَيَّدٌ بِإِيلَاجِ الْآدَمِيِّ الْحَيِّ

وَأَمَّا ثَالِثًا فَلِأَنَّ الْمَنِيَّ إذَا نَزَلَ عِنْدَ الْمُلَاعَبَةِ بِدُونِ الْإِيلَاجِ يُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنْ لَا يُوجِبَ الْغُسْلَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (عَلَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ بِهِ) لَوْ كَانَا مُكَلَّفَيْنِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَفْعُولُ مُكَلَّفًا يَجِبُ عَلَى الْفَاعِلِ فَقَطْ وَفِي عَكْسِهِ يَجِبُ عَلَى الْمَفْعُولِ فَقَطْ.

(وَلِانْقِطَاعِ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: ٢٢٢] عَلَى قِرَاءَةِ التَّشْدِيدِ؛ لِأَنَّ مَنْعَ الزَّوْجِ مِنْ الْقُرْبَانِ الَّذِي هُوَ حَقُّهُ وَجَعْلُ الْغُسْلِ غَايَةً لِذَلِكَ الْمَنْعِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ هُنَا هُوَ الْحَدَثُ الْحُكْمِيُّ الثَّابِتُ بِخُرُوجِ الدَّمِ إلَّا أَنَّ إيجَابَ الْغُسْلِ مَشْرُوطٌ بِانْقِطَاعِهِ فَلِذَلِكَ نُسِبَ الْإِيجَابُ إلَيْهِ

وَهَذَا الْحَدَثُ الْحُكْمِيُّ بِمَنْزِلَةِ الْجَنَابَةِ الثَّابِتَةِ بِسَبَبِ الْإِنْزَالِ أَوْ الْإِدْخَالِ وَهَذَا بَحْثٌ طَوِيلٌ فَلْيُطْلَبْ مِنْ شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِابْنِ كَمَالٍ الْوَزِيرِ (لَا) يُفْرَضُ (لِمَذْيٍ) بِسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ هُوَ مَاءٌ رَقِيقٌ أَبْيَضُ خَارِجٌ عِنْدَ الْمُلَاعَبَةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «كُلُّ فَحْلٍ يُمْذِي فَفِيهِ الْوُضُوءُ» (وَوَدْيٍ) بِسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ مَاءٌ غَلِيظٌ يَخْرُجُ بَعْدَ الْبَوْلِ (وَاحْتِلَامٍ بِلَا بَلَلٍ) سَوَاءٌ كَانَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً (وَإِيلَاجٍ فِي بَهِيمَةٍ أَوْ مَيْتَةٍ بِلَا إنْزَالٍ) وَكَذَا الْإِيلَاجُ فِي صَغِيرَةٍ غَيْرِ مُشْتَهَاةٍ لِنُقْصَانِ السَّبَبِيَّةِ.

(وَسُنَّ) الْغُسْلُ (لِلْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْإِحْرَامِ وَفِي عَرَفَةَ) قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ قِيلَ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ مُسْتَحَبَّةٌ وَسَمَّى مُحَمَّدٌ الْغُسْلَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ حَسَنًا فِي الْأَصْلِ.

وَقَالَ مَالِكٌ هُوَ وَاجِبٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» وَلَنَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنْ اغْتَسَلَ فَهُوَ أَفْضَلُ» وَبِهَذَا يُحْمَلُ مَا رَوَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>