للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّوْمَ فَإِنَّ مُرَادَهُ بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ نِيَّةُ مُطْلَقِ الصَّوْمِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِكَوْنِهِ نَفْلًا أَوْ فَرْضًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الصَّوْمَ يَصِحُّ بِالنِّيَّةِ الْمُطْلَقَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا نِيَّةٌ وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ، وَلَوْ قَالَ بِنِيَّةِ الْمُطْلَقِ لَكَانَ أَوْلَى وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا قَالَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ مِنْ أَنَّهُ يَصِحُّ صَوْمُهُ بِنِيَّةِ نَفْلٍ وَيَصِحُّ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ بِإِعَادَةِ النِّيَّةِ الْمَوْصُوفَةِ بِالْإِطْلَاقِ فَإِضَافَتُهَا عَلَى مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِمَّا لَا يَنْبَغِي. تَدَبَّرْ وَيُشْتَرَطُ لِكُلِّ يَوْمٍ نِيَّةٌ عِنْدَنَا خِلَافًا لِمَالِكٍ.

(وَبِنِيَّةِ النَّفْلِ) وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَصِحُّ أَدَاءُ رَمَضَانَ إلَّا بِنِيَّةٍ عَلَى التَّعْيِينِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَلَنَا أَمَّا فِي النِّيَّةِ الْمُطْلَقَةِ؛ فَلِأَنَّ رَمَضَانَ مُتَعَيِّنٌ لِلْفَرْضِ لَا يَسَعُ غَيْرَهُ وَالْإِطْلَاقُ فِي الْمُتَعَيِّنِ تَعَيُّنٌ كَمَا نَادَى زَيْدًا الْمُنْفَرِدَ فِي الدَّارِ بِيَا إنْسَانُ فَإِنَّ فِيهِ تَعْيِينًا لَهُ وَأَمَّا فِي نِيَّةِ النَّفْلِ؛ فَلِأَنَّ وَصْفَهُ بِالنَّفْلِ خَطَأٌ فَيَبْطُلُ وَيَبْقَى الْإِطْلَاقُ وَهُوَ تَعْيِينٌ، وَلَوْ صَامَ مُقِيمٌ عَلَى غَيْرِ رَمَضَانَ لِجَهْلِهِ بِهِ فَوَافَقَهُ فَهُوَ عَنْهُ.

(وَ) يُؤَدَّى (صَوْمُ رَمَضَانَ بِنِيَّةِ وَاجِبٍ آخَرَ لِلصَّحِيحِ الْمُقِيمِ) يَعْنِي يَصِحُّ أَدَاءُ رَمَضَانَ إذَا نَوَى أَنْ يَكُونَ عَنْ وَاجِبٍ آخَرَ عَلَيْهِ نَحْوِ كَفَّارَةِ قَتْلِ غَيْرِ الْعَمْدِ أَوْ ظِهَارٍ (لَا) يُؤَدَّى (النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ) بِنِيَّةِ وَاجِبٍ آخَرَ (بَلْ) يَقَعُ الْأَدَاءُ (عَمَّا نَوَاهُ) كَمَا أَنَّ النَّفَلَ لَا يُؤَدَّى بِنِيَّةِ وَاجِبٍ آخَرَ بَلْ يَقَعُ عَمَّا نَوَى هَذَا إنْ نَوَى بِاللَّيْلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَوَى بَعْدَمَا أَصْبَحَ فِي يَوْمِ التَّعْيِينِ عَنْ وَاجِبٍ آخَرَ يَكُونُ عَنْ نَذْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُسَافِرًا أَوْ مُقِيمًا صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ التَّعْيِينَ إنَّمَا جُعِلَ بِوِلَايَةِ النَّاذِرِ، وَلَهُ حَقُّ إبْطَالِ صَلَاحِيَّةِ مَا لَهُ وَهُوَ النَّفَلُ لَا مَا عَلَيْهِ وَهُوَ الْقَضَاءُ وَنَحْوُهُ وَرَمَضَانُ مُتَعَيِّنٌ بِتَعْيِينِ الشَّارِعِ.

(وَلَوْ نَوَى الْمَرِيضُ أَوْ الْمُسَافِرُ فِيهِ) أَيْ فِي رَمَضَانَ (وَاجِبًا آخَرَ) كَالْقَضَاءِ وَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَالظِّهَارِ (وَقَعَ) صَوْمُهُ (عَمَّا نَوَى) هَذِهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ عَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ الْإِمَامِ لَكِنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ فِي أُصُولَيْهِمَا: وَوَجْهُهُ أَنَّ إبَاحَةَ الْفِطْرِ لَهُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ أَدَاءِ الصَّوْمِ فَأَمَّا عِنْدَ الْقُدْرَةِ فَهُوَ وَالصَّحِيحُ سَوَاءٌ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ فَإِنَّ الرُّخْصَةَ فِي حَقِّهِ تَتَعَلَّقُ بِعَجْزِ بَاطِنٍ قَامَ السَّفَرُ الظَّاهِرُ مَقَامَهُ وَهُوَ مَوْجُودٌ.

وَفِي الْإِيضَاحِ أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْكَرْخِيِّ وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِمَا وَأَكْثَرِ مَشَايِخِ بُخَارَى وَبِهِ أَخَذَ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّ رُخْصَتَهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِخَوْفِ ازْدِيَادِ الْمَرَضِ لَا بِحَقِيقَةِ الْعَجْزِ فَكَانَ كَالْمُسَافِرِ فِي تَعَلُّقِ الرُّخْصَةِ لِعَجْزٍ مُقَدَّرٍ (وَعِنْدَهُمَا) يَقَعُ (عَنْ رَمَضَانَ) ؛ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ كَيْ لَا تَلْزَمَ الْمَعْذُورَ مَشَقَّةٌ فَإِذَا تَحَمَّلَهَا الْتَحَقَ بِغَيْرِ الْمَعْذُورِ وَوَجْهُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَنَّهُمَا شَغَلَا الْوَقْتَ بِالْأَهَمِّ لِتَحَتُّمِهِ لِلْحَالِ وَتَخْيِيرِهِمَا فِي صَوْمِ رَمَضَانَ إلَى إدْرَاكِ الْعِدَّةِ مِنْ الْأَيَّامِ الْأُخَرِ، وَلَوْ أَطْلَقَ الْمُسَافِرُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ عَلَى جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ كَالْمَرِيضِ.

(وَالنَّفَلَ كُلَّهُ) وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَدَمُ الْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَشُرِطَ لِقَضَاءِ رَمَضَانَ وَالنَّذْرِ وَالنَّفَلِ الْفَاسِدِ أَنْ يُبَيِّتَ. تَدَبَّرْ (يَجُوزُ

<<  <  ج: ص:  >  >>