الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ فَضْلٍ إذَا كَانَتْ السَّمَاءُ مُتَغَيِّمَةً إنَّمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَاحِدِ إذَا فَسَّرَ وَقَالَ رَأَيْت الْهِلَالَ خَارِجَ الْبَلْدَةِ فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ يَقُولَ: رَأَيْتُهُ فِي الْبَلْدَةِ بَيْنَ خَلَلِ السَّحَابِ فِي وَقْتٍ يَدْخُلُ فِي السَّحَابِ ثُمَّ يَنْجَلِي أَمَّا بِدُونِ هَذَا التَّفْسِيرِ لَا تُقْبَلُ لِمَكَانِ التُّهْمَةِ وَعَنْ الْحَسَنِ يُشْتَرَطُ النِّصَابُ لَهُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ.
(وَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ) .
وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَا تُشْتَرَطُ الدَّعْوَى وَلَا لَفْظُ الشَّهَادَةِ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي سَائِرِ الْإِخْبَارَاتِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ فِي الْفِطْرِ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي الصَّحِيحِ مَعَ أَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ نَفْعُ الْعِبَادِ وَهُوَ الْفِطْرُ فَهُنَا أَوْلَى.
(وَ) شُرِطَ مَعَ الْعِلَّةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ (فِي هِلَالِ الْفِطْرِ) أَيْ فِي شَوَّالَ (وَذِي الْحَجَّةِ شَهَادَةُ حُرَّيْنِ أَوْ حُرٍّ وَحُرَّتَيْنِ) .
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ أَنَّهُ تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ وَاحِدٍ (بِشَرْطِ الْعَدَالَةِ) وَالْحُرِّيَّةِ وَعَدَمِ الْحَدِّ فِي الْقَذْفِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِلْزَامِ (وَلَفْظِ الشَّهَادَةِ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْعِبَادِ بِهِ بِخِلَافِ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ الشَّرْعِ وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الْأَضْحَى كَهِلَالِ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ لَكِنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّهُ كَالْفِطْرِ لِنَفْعِ الْعِبَادِ بِهِ بِالتَّوَسُّعِ بِلُحُومِ الْأَضَاحِيّ مَعَ أَنَّ فِيهِ نَفْعًا آخَرَ وَهُوَ الْإِحْلَالُ مِنْ الْحَجِّ (لَا الدَّعْوَى) لِمَا فِيهَا مِنْ حَقِّ اللَّهِ.
وَفِي الْعِدَّةِ أَنَّهُ تُشْتَرَطُ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ فِيهِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَأَمَّا الدَّعْوَى فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي عِتْقِ الْأَمَةِ وَطَلَاقِ الْحُرَّةِ عِنْدَ الْكُلِّ وَعِتْقِ الْعَبْدِ فِي قَوْلِهِمَا وَفِي الْوَقْفِ عَلَى قَوْلِ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ الدَّعْوَى فِي هِلَالِ الْفِطْرِ وَهِلَالِ رَمَضَانَ كَمَا فِي عِتْقِ الْعَبْدِ عِنْدَهُ.
(وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ) مِمَّا ذَكَرْنَا (فَلَا بُدَّ فِي الْكُلِّ) أَيْ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ وَالْفِطْرِ وَالْأَضْحَى (مِنْ جَمْعٍ عَظِيمٍ) غَيْرِ مُقَدَّرٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ (يَقَعُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِمْ) وَيْحُكُمْ الْعَقْلُ بِعَدَمِ تَوَاطُئِهِمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَالْمُرَادُ مِنْ الْعِلْمِ هُنَا مَا يُوجِبُ الْعَمَلَ وَهُوَ غَالِبُ الظَّنِّ لَا الْعِلْمُ بِمَعْنَى الْيَقِينِ نَصَّ الْيَقِينِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَنَافِعِ وَالْغَايَةِ؛ لِأَنَّ التَّفَرُّدَ مِنْ بَيْنِ الْجَمْعِ الْغَفِيرِ مَعَ تَوَجُّهِهِمْ طَالِبِينَ لِمَا تَوَجَّهَ هُوَ إلَيْهِ مَعَ فَرْضِ عَدَمِ الْمَانِعِ وَسَلَامَةِ الْأَبْصَارِ يُوهِمُ الْغَلَطَ بِخِلَافِ مَا إذَا اعْتَلَّ الْمُطَّلِعُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَفَرَّدَ بِحِدَّةِ نَظَرِهِ بِأَنْ يَنْشَقَّ الْغَيْمُ فَيَتَّفِقَ لَهُ النَّظَرُ، وَالْمُرَادُ بِالتَّفَرُّدِ الْمَذْكُورِ هَاهُنَا تَفَرُّدُ مَنْ لَمْ يَقَعْ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِمْ لَا تَفَرُّدُ وَاحِدٍ وَإِلَّا لَأَفَادَ قَبُولَ اثْنَيْنِ وَهُوَ مُنْتَفٍ ثُمَّ قِيلَ فِي حَدِّ الْكَثِيرِ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ خَمْسُونَ رَجُلًا كَمَا فِي الْقَسَامَةِ وَعَنْ خَلَفِ بْنِ أَيُّوبَ أَنَّهُ قَالَ خَمْسُمِائَةٍ بِبَلْخٍ قَلِيلٌ فَبُخَارَى لَا تَكُونُ أَدْنَى مِنْ بَلْخِي فَلِذَا قَالَ الْبَقَّالِيُّ الْأَلْفُ بِبُخَارَى قَلِيلٌ وَعَنْ أَبِي حَفْصٍ الْكَبِيرِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْوَفَاءُ وَقِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ كُلِّ مَسْجِدٍ جَمَاعَةٌ وَاحِدٌ أَوْ اثْنَانِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ يُفَوَّضُ مِقْدَارُ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي التَّجْنِيسِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute