للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ قَالَ فِيهِ تَأَمُّلٌ انْتَهَى.

وَقَالَ صَاحِبُ الْفَرَائِدِ: وَجْهُ التَّأَمُّلِ إمْكَانُ الِاحْتِرَازِ عَنْ الْغُبَارِ وَالدُّخَانِ وَالذُّبَابِ بِضَمِّ فَمِهِ أَيْضًا انْتَهَى. أَقُولُ هَذَا لَيْسَ بِسَدِيدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْغُبَارِ وَالدُّخَانِ بِضَمِّ فَمِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَطْبَقَ الْفَمَ لَا يُسْتَطَاعُ الِاحْتِرَازُ عَنْ الدُّخُولِ مِنْ الْأَنْفِ كَمَا بَيَّنَ آنِفًا فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَفِي الْفَتْحِ، وَلَوْ دَخَلَ فَمَه مَطَرٌ كَثِيرٌ فَابْتَلَعَهُ كَفَّرَ.

وَلَوْ خَرَجَ دَمٌ مِنْ أَسْنَانِهِ فَدَخَلَ حَلْقَهُ إنْ سَاوَى الرِّيقَ فَسَدَ وَإِلَّا لَا.

وَلَوْ اسْتَشَمَّ الْمُخَاطَ مِنْ أَنْفِهِ حَتَّى أَدْخَلَهُ فَمَه وَابْتَلَعَهُ عَمْدًا لَا يُفْطِرُ.

وَلَوْ خَرَجَ رِيقُهُ مِنْ فَمِهِ فَأَدْخَلَهُ وَابْتَلَعَهُ إنْ كَانَ لَمْ يَنْقَطِعْ مِنْ فِيهِ بَلْ مُتَّصِلٌ بِمَا فِي فِيهِ كَالْخَيْطِ فَاسْتَشْرَبَهُ لَمْ يُفْطِرْ وَإِنْ كَانَ انْقَطَعَ وَأَخَذَهُ وَأَعَادَهُ أَفْطَرَ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ ابْتَلَعَ رِيقَ غَيْرِهِ.

وَفِي الْكَنْزِ لَوْ ابْتَلَعَ بُزَاقَ صَدِيقِهِ كَفَّرَ، وَلَوْ اجْتَمَعَ الرِّيقُ فِي فِيهِ ثُمَّ ابْتَلَعَهُ يُكْرَهُ وَلَا يُفْطِرُ.

وَلَوْ تَغَيَّرَ رِيقُ الْخَيَّاطِ بِخَيْطٍ مَصْبُوغٍ وَابْتَلَعَهُ إنْ صَارَ رِيقُهُ مِثْلَ صَبْغِ الْخَيْطِ فَسَدَ وَإِلَّا لَا.

وَلَوْ تَرَطَّبَ شَفَتَاهُ بِالْبُزَاقِ عِنْدَ الْكَلَامِ وَنَحْوِهِ فَابْتَلَعَهُ لَا يُفْطِرُ.

وَفِي الْمُنْيَةِ، لَوْ فَتَلَ خَيْطًا بِبُزَاقِهِ ثُمَّ أَدْخَلَهُ فِي فِيهِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ لَمْ يَفْسُدْ وَإِنْ فَعَلَهُ عَشْرَ مَرَّاتٍ، وَكَذَا لَوْ ابْتَلَعَ سِلْكَةً وَطَرَفُهَا بِيَدِهِ أَمَّا لَوْ ابْتَلَعَ الْكُلَّ فَسَدَ.

(وَلَوْ وَطِئَ) امْرَأَةً (مَيِّتَةً أَوْ بَهِيمَةً) حَيَّةً (أَوْ) وَطِئَ حَيًّا (فِي غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ) كَالْفَخِذِ وَالْبَطْنِ وَالْإِبْطِ (أَوْ قَبَّلَ أَوْ لَمَسَ) أَيْ مَسَّ الْبَشَرَةَ بِلَا حَائِلٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَسَّهَا مِنْ وَرَاءِ الثَّوْبِ فَأَنْزَلَ فَسَدَ إذَا وَجَدَ حَرَارَةَ أَعْضَائِهِمْ وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي الْمُحِيطِ (إنْ أَنْزَلَ) قَيْدٌ لِلْجَمِيعِ (أَفْطَرَ) وَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ فِي الْإِنْزَالِ يُوجَدُ فِيهَا مَعْنَى الْجِمَاعِ وَلَا كَفَّارَةَ لِنُقْصَانِ الْجِنَايَةِ لِعَدَمِ الْمَحَلِّ الْمُشْتَهَى فِي الْمَيِّتَةِ وَالْبَهِيمَةِ وَلِعَدَمِ صُورَةِ الْجِمَاعِ فِي الْبَاقِي.

(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ (فَلَا) يُفْطِرْ لِعَدَمِ مُوجِبِ الْإِفْطَارِ، وَلَوْ قَبَّلَ بَهِيمَةً أَوْ نَظَرَ فَرْجَهَا فَأَنْزَلَ لَا يَفْسُدُ.

(وَإِنْ ابْتَلَعَ) الصَّائِمُ (مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ) مِمَّا يُؤْكَلُ (فَإِنْ كَانَ) مَا ابْتَلَعَهُ (قَدْرَ الْحِمَّصَةِ قَضَى، وَإِنْ كَانَ دُونَهَا لَا يَقْضِي) .

وَقَالَ زُفَرُ يَقْضِي؛ لِأَنَّ الْفَمَ لَهُ حُكْمُ الظَّاهِرِ وَلِهَذَا لَا يَفْسُدُ الصَّوْمُ بِالْمَضْمَضَةِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْقَلِيلَ يَبْقَى عَادَةً بَيْنَ الْأَسْنَانِ فَيَكُونُ تَابِعًا لِلرِّيقِ بِخِلَافِ الْكَثِيرِ وَالْفَاصِلُ بَيْنَهُمَا قَدْرُ الْحِمَّصَةِ لَكِنْ فِي الْفَتْحِ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الِابْتِلَاعُ بِلَا اسْتِعَانَةِ الْبُزَاقِ فَهُوَ عَلَامَةُ الْقِلَّةِ، وَإِلَّا فَعَلَامَةُ الْكَثْرَةِ.

وَقَالَ وَهُوَ حَسَنٌ، وَذَكَرَ وَجْهَهُ لَكِنْ لَا كَفَّارَةَ فِي قَدْرِ الْحِمَّصَةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ الطَّبْعَ يَعَافُهُ خِلَافًا لِزُفَرَ.

وَفِي الْفَتْحِ وَالتَّحْقِيقِ أَنَّ الْمُفْتِيَ فِي الْوَقَائِعِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ ضَرْبِ اجْتِهَادٍ وَمَعْرِفَةٍ بِأَحْوَالِ النَّاسِ وَقَدْ عُرِفَ أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَفْتَقِرُ إلَى كَمَالِ الْجِنَايَةِ فَيَنْظُرُ فِي صَاحِبِ الْوَاقِعَةِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَعَافُ طَبْعُهُ ذَلِكَ أَخَذَ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا أَثَرَ عِنْدَهُ لِذَلِكَ أَخَذَ بِقَوْلِ زُفَرَ (إلَّا إذَا أَخْرَجَهُ) أَيْ ذَلِكَ الْقَلِيلَ مِنْ فِيهِ (ثُمَّ أَكَلَهُ) فَإِنَّهُ يَقْضِي فَقَطْ بِلَا خِلَافٍ.

(وَلَوْ أَكَلَ سِمْسِمَةً مِنْ الْخَارِجِ إنْ ابْتَلَعَهَا أَفْطَرَ) فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْمُخْتَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>