قَدْ جَمَعَهُمَا.
وَفِي الْبَحْرِ لَا يُصَلِّيَ سُنَّةَ الظُّهْرِ الْبَعْدِيَّةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَنْتَفِلَ بَيْنَهُمَا فَلَوْ فَعَلَ كُرِهَ وَأَعَادَ الْأَذَانَ لِلْعَصْرِ لَكِنْ فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ لَوْ تَنَفَّلَ سِوَى سُنَّةِ الظُّهْرِ يُثْنِي الْأَذَانَ لِعَصْرٍ إلَّا فِي رِوَايَةٍ شَاذَّةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ هَذَا يُنَافِي حَدِيثَ جَابِرٍ وَأَكْثَرَ إطْلَاقِ الْمَشَايِخِ تَأَمَّلْ.
(وَشَرْطُ الْجَمْعِ) أَيْ لِجَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ (صَلَاتُهُمَا مَعَ الْإِمَامِ) أَيْ الْخَلِيفَةِ أَوْ نَائِبِهِ فَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ وَحْدَهُ أَوْ بِجَمَاعَةٍ بِدُونِ الْإِمَامِ الْأَكْبَرِ أَوْ كَانَ غَيْرَ مُحْرِمٍ فِيهَا ثُمَّ أَحْرَمَ وَصَلَّى الْعَصْرَ بِجَمَاعَةٍ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ لَا يَجُوزُ (خِلَافًا لَهُمَا) أَيْ لَا يُشْتَرَطُ عِنْدَهُمَا الْجَمَاعَةُ لَا فِيهِمَا وَلَا فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ إحْرَامُ الْحَجِّ فِي الْعَصْرِ وَحْدَهَا كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَ) شَرْطُ (كَوْنِهِ مُحْرِمًا) لِلْحَجِّ قَبْلَ الزَّوَالِ فِي رِوَايَةٍ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ فِي أُخْرَى (فِيهِمَا) أَيْ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَقَالَ زُفَرُ: الْإِمَامُ وَالْإِحْرَامُ شَرْطٌ فِي الْعَصْرِ خَاصَّةً (ثُمَّ) أَيْ بَعْدَ أَدَاءِ الْعَصْرِ (يَقِفُ) الْمَوْقِفَ الْأَعْظَمَ (رَاكِبًا مَعَ الْإِمَامِ) وَهُوَ أَفْضَلُ (بِوُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ وَهُوَ) أَيْ الْغُسْلُ (السُّنَّةُ قُرْبَ جَبَلِ الرَّحْمَةِ) عَلَى أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ مِنْ مَكَّةَ وَإِنَّمَا سُمِّيَ جَبَلَ الرَّحْمَةِ؛ لِأَنَّهُ مَنْزِلَةُ الرَّحْمَةِ عَلَى الْحُجَّاجِ خُصُوصًا إذَا وَافَقَ يَوْمُ عَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ قَالَ سَعْدِيٌّ أَفْنِدِي وَقَعَ فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «أَفْضَلُ الْأَيَّامِ يَوْمُ عَرَفَةَ إذَا وَافَقَ يَوْمَ جُمُعَةٍ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ حَجَّةً مِنْ غَيْرِ جُمُعَةٍ» ذَكَرَهُ فِي تَجْرِيدِ الصِّحَاحِ بِعَلَامَةِ الْمُوَطَّأِ وَأَفْضَلُ الْمَوَاقِفِ مَوْقِفُ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عِنْدَ الصَّخَرَاتِ الْكِبَارِ الْمَفْرُوشَاتِ فِي طُرُقِ جُبَيْلَاتِ الصِّغَارِ الَّتِي كَأَنَّهَا الرَّوَابِي الصِّغَارُ عِنْدَ الْجَبَلِ الْمَعْرُوفِ بِجَبَلِ الرَّحْمَةِ (وَعَرَفَاتٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ إلَّا بَطْنَ عُرَنَةَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ بِحِذَاءِ عَرَفَاتٍ عَنْ يَسَارِ الْمَوْقِفِ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ، وَجْهُ النَّهْيِ أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَدْ رَأَى الشَّيْطَانَ فِيهَا وَأُمِرَ أَنْ لَا يَقِفَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ احْتِرَازًا عَنْهُ.
(وَيَسْتَقْبِلُ) الْإِمَامُ (الْقِبْلَةَ رَافِعًا يَدَيْهِ بَاسِطًا) أَيْ رَفْعَ بَسْطٍ (حَامِدًا مُكَبِّرًا مُهَلِّلًا مُلَبِّيًا مُصَلِّيًا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَاعِيًا) لِمَا يَجِبُ (بِحَاجَتِهِ بِجَهْدٍ) وَهُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ حُضُورُ الْقَلْبِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اجْتَهَدَ فِي الدُّعَاءِ فِي هَذَا الْمَوْقِفِ لِأُمَّتِهِ فَاسْتُجِيبَ لَهُ إلَّا فِي الدِّمَاءِ وَالْمَظَالِمِ قِيلَ وَقَدْ اُسْتُجِيبَ لَهُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْمُزْدَلِفَةِ وَيَقُولُ فِي دُعَائِهِ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ تُبَاهِي الْمَلَائِكَةُ اللَّهُمَّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي اللَّهُمَّ إنَّك تَسْمَعُ كَلَامِي وَتَرَى مَكَانِي وَتَعْلَمُ سِرِّيَّ وَعَلَانِيَتِي لَا يَخْفَى عَلَيْك شَيْءٌ أَنَا الْبَائِسُ الْفَقِيرُ الْمُسْتَغِيثُ الْمُسْتَجِيرُ الْمَغْرُورُ أَسْأَلُك مَسْأَلَةَ الْمَسَاكِينِ وَأَبْتَهِلُ إلَيْك ابْتِهَالَ الْمُذْنِبِ الذَّلِيلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute