وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا لَوْ زَنَتْ، ثُمَّ أُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدُّ أَوْ صَارَ الزِّنَا عَادَةً لَهَا، أَوْ جُومِعَتْ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَحُكْمُهُنَّ حُكْمُ الثَّيِّبِ وَلَوْ خَلَى بِهَا زَوْجُهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا، أَوْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِعُنَّةٍ، أَوْ جَبٍّ تُزَوَّجُ كَالْأَبْكَارِ وَإِنْ وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّهَا بِكْرٌ حَقِيقَةً وَالْحَيَاءُ فِيهَا مَوْجُودٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ (خِلَافًا لَهُمَا) وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِبِكْرٍ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ مَا يُصِيبُهَا لَيْسَ بِأَوَّلِ مُصِيبٍ لَهَا وَلِذَا لَا تَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ لِأَبْكَارِ بَنِي فُلَانٍ وَلَهُ أَنَّ التَّفَحُّصَ عَنْ حَقِيقَةِ الْبَكَارَةِ قَبِيحٌ فَأُدِيرَ الْحُكْمُ عَلَى مَظِنَّتِهَا وَفِي اسْتِنْطَاقِهَا إظْهَارٌ لِفَحَاشَتِهَا وَقَدْ نَدَبَ الشَّارِعُ السَّتْرَ بِخِلَافِ مَا إذَا تَكَرَّرَ زِنَاهَا لِأَنَّهَا لَا تَسْتَحْيِي بَعْدَ ذَلِكَ عَادَةً.
(وَلَوْ قَالَ لَهَا الزَّوْجُ) أَيْ لِلْبِكْرِ الْبَالِغَةِ عِنْدَ الدَّعْوَى (سَكَتِّ) عِنْدَ الِاسْتِئْذَانِ أَوْ الْبُلُوغِ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِالْبَالِغَةِ؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً وَزَوَّجَهَا الْوَلِيُّ ثُمَّ أَدْرَكَتْ وَادَّعَتْ رَدَّ النِّكَاحِ حِينَ بَلَغَتْ وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ (وَقَالَتْ رَدَدْتُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَالْقَوْلُ لَهَا) ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ لِلْمُنْكِرِ خِلَافًا لِزُفَرَ لِتَمَسُّكِهِ بِالْأَصْلِ وَهُوَ عَدَمُ الْكَلَامِ أَمَّا لَوْ قَالَتْ بَلَغَنِي النِّكَاحُ يَوْمَ كَذَا فَرَدَدْتُ وَقَالَ الزَّوْجُ لَا بَلْ سَكَتِّ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلرَّدِّ.
وَفِي الْمِنَحِ: بِكْرٌ زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا فَقَالَتْ بَعْدَ سَنَةٍ إنِّي قُلْتُ لَا أَرْضَى بِالنِّكَاحِ فَالْقَوْلُ لَهَا (وَتَحْلِفُ عِنْدَهُمَا) وَعِنْدَ الثَّلَاثَةِ إنْ لَمْ يُقِمْ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى سُكُوتِهَا، فَإِنْ أَقَامَ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَقُمْ عَلَى النَّفْيِ بَلْ عَلَى حَالَةٍ وُجُودِيَّةٍ فِي مَجْلِسٍ خَاصٍّ يُحَاطُ بِطَرَفَيْهِ، أَوْ هُوَ نَفْيٌ يُحِيطُ بِهِ عِلْمُ الشَّاهِدِ وَإِنْ أَقَامَاهَا فَبَيِّنَتُهَا أَوْلَى لِإِثْبَاتِ الزِّيَادَةِ أَعْنِي الرَّدَّ هَذَا إنْ ادَّعَى السُّكُوتَ أَمَّا لَوْ ادَّعَى إجَازَتَهَا وَأَقَامَاهَا فَبَيِّنَتُهُ أَوْلَى لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْإِثْبَاتِ وَزِيَادَةِ بَيِّنَتِهِ بِإِثْبَاتِ اللُّزُومِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ عَنْ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ بَيِّنَتُهَا أَوْلَى فَيَحْصُلُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
وَقَالَ تَاجُ الشَّرِيعَةِ وَغَيْرُهُ إنَّ السُّكُوتَ أَمْرٌ وُجُودِيٌّ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ ضَمِّ شَفَةٍ إلَى شَفَةٍ وَهُوَ أَمْرٌ وُجُودِيٌّ وَعَدَمُ النُّطْقِ مِنْ لَوَازِمِهِ، انْتَهَى. هَذَا مُسَلَّمٌ إنْ كَانَ السُّكُوتُ عِبَارَةٌ عَنْ الضَّمِّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ عَدَمِ التَّكَلُّمِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَتَحَ وَلَمْ يَضُمَّ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ يَتَحَقَّقُ السُّكُوتُ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ الضَّمُّ، تَدَبَّرْ.
(لَا) تَحْلِفُ (عِنْدَ الْإِمَامِ) وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى قَوْلُهُمَا وَلِهَذَا قَدَّمَهُ، فَإِنْ نَكَلَتْ يُقْضَى عَلَيْهَا بِالنُّكُولِ.
(وَلِلْوَلِيِّ) خَاصَّةً وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَيْسَ لِغَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ إنْكَاحُهَا وَعِنْدَ مَالِكٍ لَيْسَ لِغَيْرِ الْأَبِ (إنْكَاحُ الْمَجْنُونَةِ) أَيْ تَزْوِيجُهَا (وَالصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ.
وَلَوْ) كَانَتْ الصَّغِيرَةُ (ثَيِّبًا) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَقَدْ مَرَّ التَّفْصِيلُ فِيهِ (فَإِنْ كَانَ) الْمُزَوِّجُ فِيهِ بِنَفْسِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ الْأَبِ أَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَه الصَّغِيرَةَ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا كَمَا فِي الْقُنْيَةِ (أَبًا أَوْ جَدًّا لَزِمَ) الْعَقْدُ فَلَيْسَ لَهَا خِيَارُ الْفَسْخِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ وَلَا لَهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute