يَصِيرَ مُسْتَوْفِيًا لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهَاهُنَا كَلَامٌ وَهُوَ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ وُجُوبَ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا كَمَا ذُكِرَ فِي أَكْثَرِ الْمُتُونِ تَدَبَّرْ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا وَطِئَ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ مِرَارًا فَعَلَيْهِ مَهْرٌ وَاحِدٌ وَكَذَا لَوْ وَطِئَ مُكَاتَبَتَهُ، أَوْ جَارِيَةَ ابْنِهِ مِرَارًا أَمَّا لَوْ وَطِئَ الِابْنُ جَارِيَةَ أَبِيهِ بِشُبْهَةٍ يَجِبُ لِكُلِّ وَطْأَةٍ مَهْرٌ وَلَوْ وَطِئَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَكَةَ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَطْأَةٍ نِصْفُ مَهْرٍ (وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ) بَعْدَ الْوَطْءِ لَا الْخَلْوَةِ فَلَوْ فُرِّقَ بِحُكْمِ فَسَادِ النِّكَاحِ بَعْدَ الدُّخُولِ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا صَحِيحًا فِي عِدَّتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا الْمَهْرُ كَامِلًا وَلَهَا عِدَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ نِصْفُ الْمَهْرِ وَإِتْمَامُ الْعِدَّةِ الْأُولَى وَكَذَا الْخِلَافُ فِي النِّكَاحَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ (وَ) يُعْتَبَرُ (ابْتِدَاؤُهَا) أَيْ ابْتِدَاءُ الْعِدَّةِ (مِنْ حِينِ التَّفْرِيقِ لَا مِنْ آخِرِ الْوَطْآتِ) .
وَقَالَ زُفَرُ مِنْ آخِرِ الْوَطْآتِ وَاخْتَارَهُ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ (هُوَ الصَّحِيحُ) ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ تَجِبُ بِاعْتِبَارِ شُبْهَةِ النِّكَاحِ وَرَفْعُهَا بِالتَّفْرِيقِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَفِي الْمِنَحِ: وَالتَّفْرِيقُ فِي هَذَا إمَّا بِتَفْرِيقِ الْقَاضِي أَوْ بِمُتَارَكَةِ الزَّوْجِ وَلَا يَتَحَقَّقُ الطَّلَاقُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بَلْ هُوَ مُتَارَكَةٌ فِيهِ وَلَا يَتَحَقَّقُ الْمُتَارَكَةُ إلَّا بِالْقَوْلِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا، وَأَمَّا فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَيَتَحَقَّقُ الْمُتَارَكَةُ بِالْقَوْلِ وَبِالتَّرْكِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَعِنْدَ الْبَعْضِ لَا إلَّا بِالْقَوْلِ فِيهِمَا فَعُلِمَ أَنَّ الْمُتَارَكَةَ لَا تَكُونُ مِنْ الْمَرْأَةِ أَصْلًا كَمَا قَيَّدَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِالزَّوْجِ لَكِنْ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُ الْفَاسِدِ بِغَيْرِ حُضُورِ الْآخَرِ وَقِيلَ بَعْدَ الدُّخُولِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِحُضُورِ الْآخَرِ فَعَلَى هَذَا أَنَّ لِلْمَرْأَةِ فَسْخَهُ بِمَحْضَرِ الزَّوْجِ اتِّفَاقًا وَلَا شَكَّ أَنَّ الْفَسْخَ مُتَارَكَةٌ فَيَلْزَمُ التَّوْجِيهُ بِأَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ بَعِيدٌ، تَأَمَّلْ.
(وَيَثْبُتُ فِيهِ) أَيْ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ (النَّسَبُ) مِنْهُ لَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إنْ اعْتَرَفَ بِالْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ إذَا خَلَا بِهَا، ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَنْكَرَ الْوَطْءَ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ مِنْهُ (وَمُدَّتُهُ) أَيْ مُدَّةُ النَّسَبِ (مِنْ حِينِ الدُّخُولِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَبِهِ يُفْتَى) وَعِنْدَهُمَا مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَهُوَ أَبْعَدُ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ لَيْسَ بِدَاعٍ إلَى الْوَطْءِ لِحُرْمَتِهِ وَلِهَذَا لَا يَثْبُتُ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ بِدُونِ الْوَطْءِ، أَوْ اللَّمْسِ أَوْ التَّقْبِيلِ، وَاعْلَمْ أَنَّ حُكْمَ الدُّخُولِ فِي النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ كَالدُّخُولِ فِي الْفَاسِدِ فَيَسْقُطُ الْحَدُّ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَيَجِبُ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ وَمَا فِي الِاخْتِيَارِ مِنْ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ فِي النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ تَدَبَّرْ.
(وَمَهْرُ مِثْلِهَا يُعْتَبَرُ بِقَوْمِ أَبِيهَا) فِي وَقْتِ الْعَقْدِ وَالْأَوْلَى مِنْ قَرِيبِ أَبِيهَا لِأَنَّ الْقَوْمَ مُخْتَصٌّ بِالرِّجَالِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ كَالْأَخَوَاتِ وَالْعَمَّاتِ وَبَنَاتِهِنَّ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مِنْ جِنْسِ أَبِيهِ وَإِنَّمَا تُعْرَفُ بِالنَّظَرِ إلَى قِيمَةِ جِنْسِهِ وَلِهَذَا صَحَّتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute