(غَيْرَ صَبِيَّةٍ وَلَا مَجْنُونَةٍ) تَأَمَّلْ (وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ قَدْرَ الْمُعَجَّلِ) أَيْ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَهُمَا مُعَيَّنًا، أَوْ سَكَتَ عَنْ التَّعْجِيلِ وَالتَّأْجِيلِ مُطْلَقًا (فَقَدْرُ مَا يُعَجَّلُ مِنْ مِثْلِهِ عُرْفًا) أَيْ لَهَا الْمَنْعُ حَتَّى يُوَفِّيَهَا قَدْرَ مَا يُعَجَّلُ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ الْمَهْرِ عُرْفًا أَيْ مَا حَكَمَ بِهِ الْعُرْفُ يَعْنِي يُنْظَرُ إلَى الْمُسَمَّى وَالْمَرْأَةِ فَإِنْ حَكَمَ بِتَعْجِيلِ بَعْضٍ لَهَا وَتَأْجِيلِ بَعْضٍ فَذَاكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ كَالْمَشْرُوطِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَا تَعْجِيلَ الْكُلِّ إذْ لَا عِبْرَةَ بِالْعُرْفِ.
وَفِي الْإِسْبِيجَابِيِّ أَنَّ الْمَهْرَ مُعَجَّلًا أَوْ مَسْكُوتًا عَنْهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ حَالًّا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَقَدْ تَعَيَّنَ حَقُّهُ فِي الزَّوْجَةِ فَوَجَبَ أَنْ يَتَعَيَّنَ حَقُّهَا وَذَلِكَ بِالتَّسْلِيمِ.
وَفِي الْعِنَايَةِ مِثْلُ هَذَا لَكِنْ مُخَالِفٌ لِسَائِرِ الْكُتُبِ (غَيْرَ مُقَدَّرٍ بِرُبْعٍ وَنَحْوِهِ) .
وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ الْفَتْوَى عَلَى اعْتِبَارِ عُرْفِ بَلَدِهِمَا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الثُّلُثِ أَوْ النِّصْفِ (وَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ) الْمَنْعُ (لَوْ أُجِّلَ كُلُّهُ) أَيْ الْمَهْرِ، وَكَذَا لَوْ أَجَّلَتْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ مُدَّةً مَعْلُومَةً لِإِسْقَاطِهَا حَقَّهَا بِالتَّأْجِيلِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ تَأْجِيلَ الْكُلِّ إلَى غَايَةٍ مَجْهُولَةٍ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْغَايَةَ مَعْلُومَةٌ فِي نَفْسِهَا وَهُوَ الطَّلَاقُ، أَوْ الْمَوْتُ، وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ إنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْأَجَلُ مُبْهَمًا كَهُبُوبِ الرِّيحِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَهْرُ حَالًّا بِخِلَافِ قَلِيلَةِ الْجَهَالَةِ كَالْحَصَادِ وَنَحْوِهِ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) أَيْ قَالَ: لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا إذَا كَانَ مُؤَجَّلًا اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا طَلَبَ تَأْجِيلَهُ كُلَّهُ فَقَدْ رَضِيَ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ فِي الِاسْتِمْتَاعِ.
وَقَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ وَبِهِ يُفْتَى، وَقَالَ صَدْرُ الشَّهِيدِ هَذَا أَحْسَنُ وَبِهِ يُفْتَى لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا الْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ فَاخْتَارَ مَا فِي الْخُلَاصَةِ، تَتَبَّعْ (، وَإِذَا أَوْفَاهَا) أَيْ الْمَرْأَةَ (ذَلِكَ فَلَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (نَقْلُهَا حَيْثُ شَاءَ مَا دُونَ) مُدَّةِ (السَّفَرِ) مِنْ الْمِصْرِ إلَى الْقَرْيَةِ وَبِالْعَكْسِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
وَفِي الْكَافِي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَقَيَّدَهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة بِمَا إذَا كَانَتْ الْقَرْيَةُ قَرِيبَةً يُمْكِنُهُ أَنْ يَرْجِعَ قَبْلَ اللَّيْلِ إلَى وَطَنِهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِقَرْيَةٍ، وَذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ اخْتِلَافًا فِي نَقْلِهَا مِنْ الْمِصْرِ إلَى الرُّسْتَاقِ لَكِنْ فِي زَمَانِنَا يَنْبَغِي الْعَمَلُ بِالْقَوْلِ بِعَدَمِ نَقْلِهَا مِنْ الْمِصْرِ إلَى الْقَرْيَةِ لِفَسَادِ الزَّمَانِ (وَقِيلَ لَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (السَّفَرُ بِهَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ) وَبِهِ أَفْتَى صَاحِبُ مُلْتَقَى الْبِحَارِ إذَا كَانَ الزَّوْجُ مَأْمُونًا عَلَيْهَا وَأَوْفَاهَا كُلَّ الْمَهْرِ (وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ) وَبِهِ أَفْتَى الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ لِفَسَادِ الزَّمَانِ وَإِضْرَارِ الْغَرِيبِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهَا فِي مَنْزِلِهَا فَكَيْفَ إذَا أُخْرِجَتْ وقَوْله تَعَالَى {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: ٦] مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ الْإِضْرَارِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ سِيَاقُهُ فَلَا يَنْبَغِي مَا قَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ أَنَّ الْأَخْذَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى أَوْلَى مِنْ الْأَخْذِ بِقَوْلِ الْفَقِيهِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ.
(وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الزَّوْجَانِ حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ (فِي قَدْرِ الْمَهْرِ) بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ وَادَّعَتْ أَنَّهُ بِأَلْفَيْنِ (فَالْقَوْلُ لَهَا إنْ كَانَ مَهْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute