فِي الْمَطْبُوخِ فَغَيْرُ مُحَرِّمٍ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبًا (وَيُعْتَبَرُ الْغَالِبُ لَوْ خُلِطَ اللَّبَنُ بِمَاءٍ أَوْ دَوَاءٍ، أَوْ لَبَنِ شَاةٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَغْلُوبَ لَا يَظْهَرُ حُكْمُهُ فِي مُقَابَلَةِ الْغَالِبِ وَالْحُكْمُ فِيهِ الْحُرْمَةُ عِنْدَ تَسَاوِيهِمَا احْتِيَاطًا كَمَا فِي الْغَايَةِ وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ فِيمَا اخْتَلَطَ بِالْمَاءِ (وَكَذَا) يَتَعَلَّقُ التَّحْرِيمُ بِالْغَلَبَةِ (لَوْ خُلِطَ) لَبَنُ امْرَأَةٍ (بِلَبَنِ امْرَأَةٍ أُخْرَى) عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالْغَلَبَةُ فِي جِنْسِ الْأَجْزَاءِ، وَفِي غَيْرِهِ إنْ لَمْ يُغَيِّرْ الدَّوَاءُ اللَّبَنُ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَإِنْ غُيِّرَ لَا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ غُيِّرَ طَعْمُ اللَّبَنِ وَلَوْنُهُ لَا يَكُونُ رَضَاعًا وَإِنْ غُيِّرَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ يَكُونُ رَضَاعًا كَمَا فِي الْكِفَايَةِ (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تَتَعَلَّقُ الْحُرْمَةُ بِهِمَا) ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ لَا يَغْلِبُ الْجِنْسَ وَعَنْ الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ: فِي رِوَايَةٍ اعْتَبَرَ الْغَالِبَ كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.
وَفِي رِوَايَةٍ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ مِنْهُمَا كَمَا هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَرَجَّحَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ.
وَفِي الْغَايَةِ هُوَ أَظْهَرُ وَأَحْوَطُ وَقِيلَ إنَّهُ الْأَصَحُّ.
(وَإِنْ أَرْضَعَتْ) امْرَأَةُ رَجُلٍ (ضَرَّتِهَا) حَالَ كَوْنِهَا رَضِيعَةً (حَرُمَتَا) عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ جَامِعًا بَيْنَ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ رَضَاعًا وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ صَبِيَّتَيْنِ، ثُمَّ أَرْضَعَتْهُمَا امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ مَعًا، أَوْ وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَى حَرُمَتَا عَلَيْهِ، وَلَوْ تَزَوَّجَ صَغِيرَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَ كَبِيرَةً، ثُمَّ أَرْضَعَتْهَا بِلَبَنِهِ، أَوْ لَبَنِ غَيْرِهِ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ مُؤَبَّدَةً؛ لِأَنَّهُ صَارَتْ أُمَّ امْرَأَتِهِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ (وَلَا مَهْرَ لِلْكَبِيرَةِ إنْ لَمْ تُوطَأْ) لِمَجِيءِ الْفُرْقَةِ مِنْ قِبَلِهَا بِلَا تَأَكُّدِ الْمَهْرِ وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الصَّغِيرَةَ حِينَئِذٍ ثَانِيًا لِانْتِفَاءِ أُبُوَّتِهِ بِلَا دُخُولٍ بِالْأُمِّ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ بَعْدَ الْوَطْءِ لَهَا كَمَالُ الْمَهْرِ مُطْلَقًا وَلَا يَتَزَوَّجُ الصَّغِيرَةَ حِينَئِذٍ.
وَفِي الِاخْتِيَارِ لَوْ أَرْضَعَتْ زَوْجَةُ الْأَبِ امْرَأَةُ أَبِيهِ تَحْرُمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُخْتَهُ مِنْ الْأَبِ (وَلِلصَّغِيرَةِ نِصْفُهُ) أَيْ الْمَهْرِ إنْ كَانَ لَهَا مُسَمًّى، أَوْ نِصْفُ الْمُتْعَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُسَمًّى؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ لَيْسَتْ مِنْ قِبَلِهَا وَلَا اعْتِبَارَ بِاخْتِيَارِهَا الِارْتِضَاعَ؛ لِأَنَّهَا مَجْبُولَةٌ عَلَيْهِ طَبْعًا (وَيَرْجِعُ) الزَّوْجُ (بِهِ) أَيْ بِنِصْفِ الْمَهْرِ الَّذِي أَعْطَاهُ لِلصَّغِيرَةِ (عَلَى الْكَبِيرَةِ إنْ عَلِمَتْ بِالنِّكَاحِ وَقَصَدَتْ الْفَسَادَ) مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ؛ لِأَنَّهَا مُسَبِّبَةٌ لِلْفُرْقَةِ وَالْمُسَبِّبُ لَا يَضْمَنُ إلَّا بِالتَّعَدِّي كَحَافِرِ الْبِئْرِ (لَا) يَرْجِعُ (إنْ لَمْ تَعْلَمْ بِهِ) أَيْ بِالنِّكَاحِ (أَوْ قَصَدَتْ دَفْعَ الْجُوعِ وَالْهَلَاكِ) عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِذَلِكَ (أَوْ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ) أَيْ إرْضَاعَ الصَّغِيرَةِ (مُفْسِدٌ) لِعَدَمِ التَّعَدِّي وَاعْتُبِرَ الْجَهْلُ؛ لِدَفْعِ قَصْدِ الْفَسَادِ لَا لِدَفْعِ الْحُكْمِ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْكَبِيرَةَ لَوْ كَانَتْ مُكْرَهَةً، أَوْ نَائِمَةً أَوْ مَعْتُوهَةً، أَوْ مَجْنُونَةً لَمْ يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الْكَبِيرَةِ، وَكَذَا لَوْ أَخَذَ رَجُلٌ مِنْ لَبَنِهَا وَصَبَّ فِي فَمِ الصَّغِيرَةِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بَلْ عَلَيْهِ إنْ قَصَدَ الْفَسَادَ كَمَا فِي الْمُحِيطِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَرْجِعُ عَلَيْهَا مُطْلَقًا.
وَفِي الدُّرَرِ امْرَأَةٌ لَهَا لَبَنٌ مِنْ الزَّوْجِ فَطَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ فَحَبِلَتْ مِنْهُ وَنَزَلَ اللَّبَنُ فَأَرْضَعَتْ فَهُوَ مِنْ الْأَوَّلِ حَقٌّ تَلِدُ مِنْهُ عِنْدَ الْإِمَامِ فَإِذَا وَلَدَتْ فَاللَّبَنُ يَكُونُ مِنْ الثَّانِي وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَلِدْ زَوْجَتُهُ قَطُّ، أَوْ يَبِسَ لَبَنُهَا، ثُمَّ نَزَلَ لَا يَحْرُمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute