لِعَدَمِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا (أَوْ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ) هَذَا بِدْعِيُّ الطَّلَاقِ وَقْتًا وَهُوَ تَطْلِيقُهَا وَاحِدَةً فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ لَكِنَّ عِبَارَتَهُ قَاصِرَةٌ عَنْ هَذَا، وَفِي عَطْفِهِ عَلَى مَا سَبَقَ صُعُوبَةٌ، تَدَبَّرْ.
(وَكَذَا) بِدْعِيُّهُ وَقْتًا (تَطْلِيقُهَا فِي الْحَيْضِ) لَوْ كَانَ مَدْخُولًا بِهَا أَمَّا كَوْنُ الْأَوَّلِ بِدْعِيًّا فَلِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ وَأَمَّا الثَّانِي «فَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَدْ أَخْطَأَ السُّنَّةَ» (وَتَجِبُ مُرَاجَعَتُهَا) إنْ طَلَّقَ الْمَدْخُولَةَ فِي الْحَيْضِ، وَلَوْ زَادَ فِيهِ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُرَاجِعْهَا فِيهِ حَتَّى طَهُرَتْ تَقَرَّرَتْ الْمَعْصِيَةُ كَمَا فِي الْفَتْحِ (فِي الْأَصَحِّ) عَمَلًا بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ وَرَفْعًا لِلْمَعْصِيَةِ بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ بِرَفْعِ أَثَرِهَا وَهُوَ الْعِدَّةُ (وَقِيلَ تُسْتَحَبُّ) كَمَا فِي الْقُدُورِيِّ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَنْدُوبٌ وَلَا تَكُونُ الرَّجْعَةُ وَاجِبَةً (فَإِذَا طَهُرَتْ) الْمُرَاجَعُ بِهَا عَنْ هَذِهِ الْحَيْضِ (ثُمَّ حَاضَتْ، ثُمَّ طَهُرَتْ طَلَّقَهَا إنْ شَاءَ) ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ لَمْ يَضْمَحِلَّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجْعَلُ هَذَا طَلَاقًا بَايَنَا فَيَكُونُ جَمْعًا بَيْنَ طَلَاقَيْنِ فِي فَصْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مَكْرُوهٌ (وَقِيلَ) قَائِلُهُ الطَّحَاوِيُّ (يَجُوزُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِي تِلْكَ الْحَيْضَةِ) .
وَفِي التُّحْفَةِ قَالَ الْكَرْخِيُّ مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ قَوْلُ الْإِمَامِ وَمَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ قَوْلُهُمَا وَمَا قَالَ الْإِمَامُ هُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّهُ طُهْرٌ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ.
وَقَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ الْأَوْلَى قَوْلُ الْإِمَامِ وَزُفَرَ وَالثَّانِيَةُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ مُضْطَرِبٌ.
وَفِي الْفَتْحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا فِي الْأَصْلِ قَوْلَ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِإِثْبَاتِ مَذْهَبِ الْإِمَامِ إلَّا أَنْ يَحْكِيَ الْخِلَافَ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا فِيهِ فَلِذَا قُلْنَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمَشْهُورِ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ رِوَايَةً عَنْهُ.
(وَلَوْ قَالَ لِلْمَوْطُوءَةِ) وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ (أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ) وَلَا نِيَّةَ لَهُ (وَقَعَ عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ) طَلْقَةٌ (وَاحِدَةٌ) ؛ لِأَنَّ اللَّامَ لِلِاخْتِصَاصِ فَالْمَعْنَى الطَّلَاقُ الْمُخْتَصُّ بِالسُّنَّةِ وَالسُّنَّةُ مُطْلَقٌ فَيُصْرَفُ إلَى الْكَامِلِ وَهُوَ السُّنِّيُّ عَدَدًا وَوَقْتًا فَوَجَبَ جَعْلُ الثَّلَاثِ مُفَرَّقًا عَلَى الْأَطْهَارِ لِتَقَعَ وَاحِدَةٌ فِي كُلِّ طُهْرٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ قَيَّدَ بِالْمَوْطُوءَةِ؛ لِأَنَّ فِي غَيْرِهَا وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا وَقَعَتْ فِي الْحَالِ طَلْقَةً، ثُمَّ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا شَيْءٌ مَا لَمْ يَتَزَوَّجْ ثَانِيًا فَإِنْ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا تَقَعُ طَلْقَةً ثَانِيَةً وَإِنْ تَزَوَّجَهَا ثَالِثًا تَقَعُ طَلْقَةً ثَالِثَةً كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ فَمَا فِي الْمِعْرَاجِ مِنْ وُقُوعِ الثَّلَاثِ لِلْحَالِ بِالْإِجْمَاعِ سَهْوٌ ظَاهِرٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ تَقَعُ لِلْحَالِ طَلْقَةً وَبَعْدَ شَهْرٍ أُخْرَى، وَكَذَا الْحَامِلُ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَقَعُ الثَّلَاثُ لِلْحَالِ لِأَنَّهُ لَا بِدْعَةَ عِنْدَهُ وَلَا سُنَّةَ فِي الْعَدَدِ.
(وَإِنْ نَوَى الْوُقُوعَ جُمْلَةً) أَيْ وَإِنْ نَوَى أَنْ تَقَعَ الثَّلَاثُ السَّاعَةَ، أَوْ عِنْدَ كُلِّ شَهْرٍ وَاحِدٌ (صَحَّتْ نِيَّتُهُ) خِلَافًا لِزُفَرَ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ بِدْعَةٌ فَلَا يَكُونُ سُنَّةً وَلَنَا أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute