الْحُكْمُ بِنَحْوِ أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَصُومُ زَيْدٌ وَأَنْتَ حُرٌّ يَوْمَ تَنْكَسِفُ الشَّمْسُ وَإِنْ نَوَى النَّهَارَ فِي غَيْرِ الْمُمْتَدِّ صُدِّقَ قَضَاءً وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا.
(وَلَوْ قَالَ) لِامْرَأَتِهِ (أَنَا مِنْك طَالِقٌ فَهُوَ لَغْوٌ) لَا يُعْبَأُ بِهِ.
(وَإِنْ) وَصْلِيَّةً (نَوَى) بِهِ الطَّلَاقَ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ شُرِعَ مُضَافًا إلَى الْمَرْأَةِ فَإِذَا طَلَّقَ الزَّوْجُ نَفْسَهُ فَقَدْ غَيَّرَ الْمَشْرُوعَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ يَقَعُ إذَا نَوَى (وَلَوْ قَالَ أَنَا مِنْك بَائِنٌ، أَوْ عَلَيْك حَرَامٌ بَانَتْ إنْ نَوَى) الطَّلَاقَ تَطْلُقُ بِطَرِيقِ الْكِنَايَةِ؛ لِأَنَّ الْإِبَانَةَ لِإِزَالَةِ الْوَصْلَةِ وَالتَّحْرِيمَ لِإِزَالَةِ الْحِلِّ وَهُمَا مُشْتَرِكَانِ فِيهِمَا فَتَصِحُّ الْإِضَافَةُ، وَلَوْ قَالَ أَنَا بَائِنٌ وَلَمْ يَقُلْ مِنْك، أَوْ قَالَ حَرَامٌ وَلَمْ يَقُلْ عَلَيْك لَمْ تَطْلُقْ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَنْتِ بَائِنٌ، أَوْ حَرَامٌ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ حَيْثُ تَطْلُقُ إذَا نَوَى وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيْنُونَةَ أَوْ الْحَرَامَ إذَا كَانَ مُضَافًا إلَيْهَا تَعَيَّنَ لِإِزَالَةِ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْوَصْلَةِ وَالْحِلِّ وَإِذَا أَضَافَهُ إلَيْهِ لَا يَتَعَيَّنُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لَهُ امْرَأَةٌ أُخْرَى فَيُرِيدُ بِقَوْلِهِ أَنَا بَائِنٌ مِنْهَا، أَوْ حَرَامٌ عَلَيْهَا.
(وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ مَوْتِي، أَوْ مَعَ مَوْتِك فَهُوَ لَغْوٌ) ؛ لِأَنَّ مَعَ لِلْقِرَانِ وَحَالُ مَوْتِ أَحَدِهِمَا حَالُ ارْتِفَاعِ النِّكَاحِ، أَوْ لِلشَّرْطِ كَقَوْلِهِ مَعَ دُخُولِك فَلَزِمَ الْوُقُوعُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ مُحَالٌ (وَكَذَا) يَكُونُ لَغْوًا (لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ لَا) عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فِي رِوَايَةٍ) وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، أَوْ لَا وَهُوَ رِوَايَةُ الطَّلَاقِ مِنْ الْمَبْسُوطِ.
وَفِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ كَانَ الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَوْلَ الْكُلِّ فَعَنْ مُحَمَّدٍ رِوَايَتَانِ، لَهُ أَنَّهُ أَدْخَلَ الشَّكَّ فِي الْوَاحِدَةِ لِدُخُولِ حَرْفِهِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ النَّفْيِ فَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ الْوَحْدَةِ لِلشَّكِّ وَيَبْقَى قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ سَالِمًا عَنْ الشَّكِّ بِخِلَافِ أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ لَا لِأَنَّهُ أَدْخَلَ الشَّكَّ فِي أَصْلِ الْإِيقَاعِ فَلَا يَقَعُ، وَلَهُمَا أَنَّ الْوَصْفَ مَتَى قُرِنَ بِالْعَدَدِ كَانَ الْوُقُوعُ بِذِكْرِ الْعَدَدِ لَا بِالْوَصْفِ فَكَانَ الشَّكُّ دَاخِلًا فِي الْإِيقَاعِ فَلَا يَقَعُ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَقَعْنَ، وَلَوْ كَانَ الْوُقُوعُ بِالْوَصْفِ لَمَا وَقَعْنَ لِكَوْنِهَا أَجْنَبِيَّةً.
(وَإِنْ مَلَكَ) الزَّوْجُ (امْرَأَتَهُ) بِأَنْ كَانَتْ أَمَةَ الْغَيْرِ فَمَلَكَهَا كُلَّهَا (أَوْ شِقْصَهَا) أَيْ بَعْضَهَا (أَوْ مَلَكَتْهُ) أَيْ الْمَرْأَةُ كُلَّ الزَّوْجِ (أَوْ شِقْصَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ) أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ ضَرُورِيٌّ وَقَدْ اسْتَغْنَى عَنْهُ بِالْأَقْوَى مِنْهُ وَهُوَ مِلْكُ الرَّقَبَةِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِلِاجْتِمَاعِ بَيْنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْمَمْلُوكِيَّة وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ الرَّقِيقَةَ حَيْثُ لَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ لِلْمُكَاتَبِ حَقَّ الْمِلْكِ لَا الْمِلْكَ الْحَقِيقِيَّ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مَالِكًا إذَا كَانَ مَمْلُوكًا (فَلَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَغَا) ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ يَسْتَدْعِي قِيَامَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute