كَمَا إذَا قَالَ حَالَةَ الْغَضَبِ أَوْ الْمُذَاكَرَةِ فَلَا يُرَدُّ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ إذْ قَدْ مَرَّ أَنَّ فِي الصُّورَتَيْنِ لَا حَاجَةَ إلَى النِّيَّةِ (فَاخْتَارَتْ) الْمَرْأَةُ (نَفْسَهَا فِي مَجْلِسِهَا الَّذِي عَلِمَتْ بِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ اخْتَارِي بِسَمَاعٍ أَوْ خَبَرٍ، وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَمَلِهَا فَلَوْ خَيَّرَهَا وَلَمْ تَعْلَمْ بِهِ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا لَمْ تَطْلُقْ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ (فِيهِ) أَيْ فِي هَذَا الْمَجْلِسِ وَإِنْ امْتَدَّ كَمَا سَيَجِيءُ (بَانَتْ بِوَاحِدَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْمُخَيَّرَةَ لَهَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - إجْمَاعًا سُكُوتِيًّا، وَمَا نُقِلَ عَنْ خِلَافِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمْ يَثْبُتْ وَتَمَامُهُ فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ. (وَلَا تَصِحُّ نِيَّةُ الثَّلَاثِ) لِأَنَّهُ لَا عُمُومَ لِلْمُقْتَضِي وَلَا رَجْعِيَّةَ وَإِنْ نَوَى لِأَنَّ اخْتِيَارَ النَّفْسِ فِي الْبَائِنِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ تَصِحُّ نِيَّتُهَا وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بَانَتْ بِرَجْعِيَّةٍ وَعِنْدَ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ يَقَعُ الثَّلَاثُ بِلَا نِيَّةٍ.
(وَإِنْ قَامَتْ) الْمَرْأَةُ الْمُخَيَّرَةُ وَلَوْ كُرْهًا (مِنْهُ) مِنْ الْمَجْلِسِ (أَوْ أَخَذَتْ) أَيْ شَرَعَتْ (فِي عَمَلٍ آخَرَ) يُخَالِفُهُ (بَطَلَ) خِيَارُهَا لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلُ الْإِعْرَاضِ (وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ النَّفْسِ أَوْ الِاخْتِيَارَةِ فِي أَحَدِ كَلَامَيْهِمَا) لِأَنَّ الْوُقُوعَ عُرِفَ سَمَاعًا فَيَتَقَيَّدُ بِهِ إجْمَاعًا فَلَوْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي فَقَالَتْ اخْتَرْت بَطَلَ إلَّا أَنْ يَتَصَادَقَا عَلَى اخْتِيَارِ النَّفْسِ كَمَا فِي الدُّرَرِ لَكِنْ فِي الْفَتْحِ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِالتَّصَادُقِ تَأَمَّلْ.
(وَإِنْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي فَقَالَتْ: أَنَا أَخْتَارُ نَفْسِي) بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ (أَوْ اخْتَرْتُ نَفْسِي) بِلَفْظِ الْمَاضِي (تَطْلُقُ) إذَا نَوَى الزَّوْجُ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَقَعَ شَيْءٌ وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute