للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِيهِ كَلَامٌ وَهُوَ أَنَّ كَوْنَ الْبَدَلِيَّةِ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالْوُضُوءِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ لَا قَوْلَهُمَا وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: لِأَنَّ الْبَدَلِيَّةَ ثَابِتُهُ إمَّا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوُضُوءِ أَوْ بَيْنَ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ مَا يَنْقُضُ الْوُضُوءُ يَنْقُضُهُ بِالطَّرِيقِ الْأُولَى كَذَا قَالَ الْمُحَشِّي الْمَعْرُوفُ بِيَعْقُوبَ بَاشَا وَالضَّمِيرُ فِي يَنْقُضُهُ رَاجِعٌ إلَى التَّيَمُّمِ الَّذِي بِلَا اعْتِبَارِ قَيْدٍ لَا إنْ عُدِمَ الْقَيْدُ مُعْتَبَرٌ فِيهِ، وَبِهَذَا لَا يَرِدُ اعْتِرَاضُ الْفَاضِلِ الْمَعْرُوفِ بِقَاضِي زَادَهْ عَلَى صَدْرِ الشَّرِيعَةِ بِأَنَّ الضَّمِيرَ إنْ كَانَ يَرْجِعُ إلَى مُطْلَقِ التَّيَمُّمِ لَا يَسْتَقِيمُ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَيَنْقُضُهُ نَاقِضُ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ نَاقِضَ الْوُضُوءِ لَا يَرْفَعُ الطَّهَارَةَ عَنْ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، وَإِنْ أَرَادَ رُجُوعَ بَعْضِ التَّيَمُّمِ دُونَ مُطْلَقِهِ لَا يَسْتَقِيمُ عَطْفُ قَوْلِهِ: وَقُدْرَتُهُ عَلَى مَاءٍ كَافٍ لِطُهْرِهِ عَلَى نَاقِضِ الْوُضُوءِ فَإِنَّ الْقُدْرَةَ تَنْقُضُ مُطْلَقَ التَّيَمُّمِ. تَدَبَّرْ.

(وَالْقُدْرَةُ عَلَى مَاءٍ كَافٍ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكْفِ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ (لِطَهَارَتِهِ وَعَلَى اسْتِعْمَالِهِ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَكِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ.

وَفِي الْهِدَايَةِ وَيَنْقُضُهُ رُؤْيَةُ الْمَاءِ إذَا قَدَرَ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ هِيَ الْمُرَادُ بِالْوُجُودِ الَّذِي هُوَ غَايَةٌ لِطَهُورِيَّةِ التُّرَابِ انْتَهَى

وَاعْلَمْ أَنَّ إسْنَادَ النَّقْضِ إلَى رُؤْيَةِ الْمَاءِ إسْنَادٌ مَجَازِيٌّ؛ لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْمَاءِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ شَرْطُ عَمَلِ الْحَدَثِ السَّابِقِ عَمَلَهُ عِنْدَهَا، وَالنَّاقِضُ حَقِيقَةً هُوَ الْحَدَثُ السَّابِقُ بِخُرُوجِ النَّجَسِ كَذَا فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ.

وَقَالَ الْمُحَشِّي الْمَعْرُوفُ بِيَعْقُوبَ بَاشَا: وَفِيهِ كَلَامٌ وَهُوَ أَنَّ هَذَا لَا يُنَاسِبَ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ عِنْدَهُمَا لَيْسَ بِطَهَارَةٍ ضَرُورِيَّةٍ وَلَا خَلَفٌ عَنْ الْوُضُوءِ بَلْ هُوَ أَحَدُ نَوْعَيْ الطَّهَارَةِ فَكَيْفَ يَصِحُّ لِمَنْ يُقَالُ: عَمَلُ الْحَدَثِ السَّابِقِ عَمَلُهُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ طَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَلَمْ يَجُزْ أَدَاءُ فَرْضَيْنِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ ضَرُورِيَّةٌ حِينَئِذٍ بَلْ يُنَاسِبُ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ وَقَوْلَ مُحَمَّدٍ إنْ كَانَ مَعَهُ، وَإِنْ مَعَهُمَا فَلَا يُنَاسِبُ أَيْضًا انْتَهَى.

وَقَالَ صَاحِبُ الْفَرَائِدِ: إنَّ كَلَامَ الْمُحَشِّي سَاقِطٌ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَلَفًا عَنْ الْوُضُوءِ عِنْدَهُمَا إلَّا أَنَّ التُّرَابَ خَلَفٌ عَنْ الْمَاءِ انْتَهَى لَكِنَّ كَلَامَ الْمُحَشِّي وَارِدٌ عَلَى تَعْلِيلِهِمْ فِي تَفْسِيرِ قَوْلَهُ: وَيَنْقُضُهُ نَاقِضُ الْوُضُوءِ بِكَوْنِهِ خَلَفًا لِلْوُضُوءِ تَدَبَّرْ ثُمَّ قَالَ الْمُحَشِّي: وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَاءِ شَرْطًا لِمَشْرُوعِيَّةِ التَّيَمُّمِ وَحُصُولِ الطَّهَارَةِ فَعِنْدَ وُجُودِهَا لَمْ يَبْقَ مَشْرُوعًا فَانْتَفَى؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ الشَّرْطِ يَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءَ الْمَشْرُوطِ وَالْمُرَادُ بِالنَّقْضِ انْتِفَاؤُهُ انْتَهَى

وَاعْتَرَضَ صَاحِبُ الْفَرَائِدِ أَيْضًا فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا بِسَدِيدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ: وَالْمُرَادُ بِالنَّقْضِ انْتِفَاؤُهُ؛ لِأَنَّ النَّقْضَ مُتَعَدٍّ وَلِانْتِفَاءِ لَازِمٍ فَأَنَّى يَكُونُ الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ هُوَ الثَّانِي.

وَلَوْ قَالَ: الْمُرَادُ بِالنَّقْضِ نَفْيُهُ لَكَانَ لَهُ مَعْنًى فِي الْجُمْلَةِ وَكَذَا لَوْ قَالَ وَالْمُرَادُ بِالِانْتِقَاضِ هُوَ الِانْتِفَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالنَّقْضِ الِانْتِفَاءَ يَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ: وَتَنْتِفِي قُدْرَتُهُ إلَى آخِرِهِ، وَلَا مَعْنَى لَهُ انْتَهَى لَكِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>